تتجه هده الدعوة إلى القيادة المركزية في حركة النهضة و إلى القيادات الجهوية فيما يتعلق بتحضير قائمات انتخاب المجلس التأسيسي . من المعلوم أن الثورة سمحت بتفعيل العمل السياسي والحزبي بشكل قانوني , الشئ الذي يسر على عديد المواطنين الالتحاق بالحركة . وقد تزامن ذلك مع عودة الكثير من الإخوة المنسحبين والمستقيلين والمجمدين. إن عودة هؤلاء ساهمت في إعادة ترتيب البيت النهضاوي وتعزيز صفوفه , كما أضفت على الجسم العليل حيوية ونشاطا بارزين و هوما دعا البعض منهم إلى تبوء مواقع قيادية والبروز في الواجهة كمعبرين و ممثلين للنهضة أمام المواطنين لا سيما في الجهات والمناطق الداخلية . هنا قد يبدو المشهد عاديا فالكل منخرط في هده الحركة لخدمة الناس والحفاظ على هويتهم وحماية مقدساتهم , لكن الإشكال يطرح نفسه هو أن بعض العائدين إلى حمى الحركة والذين ينشطون بحماسة رهيبة اليوم يدور في خلد بعضهم الترشيح لانتخابات المجلس التأسيسي ضمن قوائم حزب النهضة . طبعا ليس لدي اعتراض على هؤلاء ونواياهم بالجملة, بل إن ما يستفزني هو رغبة الترشح عند بعض الذين دخلوا التجمع في السابق و عملوا في هياكله رغم إن دوافعهم قد تكون مشروعة مثل خوفهم من آلة البطش والقمع . إن اعتراضي على ترشح بعض إخواننا هؤلاء ليس قدحا فيهم كما أنه ليس اجتثاثا أو استئصالا لشافتهم وإنما هو من قبيل الوفاء لروح الشهداء واحترام المواطنين, إذ لايعقل إن نقدم لهم من اعتادوا على رؤيته في أروقة لجان التنسيق واجتماعات التجمع سابقا . و يستوي في ذلك الذين حبروا الصفحات في الجرائد والانترنت دفاعا أو تبييضا لوجه النظام الكالح . وكما أن الشعب التونسي قرر إقصاء مسئولي التجمع من الاستحقاق الانتخابي القادم بمقتضى الفصل 15 , فان من باب أولى أن يفعل هذا المضمون داخل الحركة في الترشيح وفق مقتضيات الضرورة الأخلاقية واحترام ذكاء الناس . قد يقول قائل إن بعض الجهات تشكو نقصا في الكوادر وبالتالي لا مناص من قبول ترشح بعض غير المرغوب فيهم , نقول إن الرجال كثيرون داخل الحركة والمتعاطفون أضعاف ذلك وحتى لو سلمنا بهده الحجة الواهية والتي هي على خلاف الأصل وعلى غير الواقع,بالإمكان ترشيح بعض الشخصيات الوطنية المستقلة المشهود لها بالنزاهة والكفاءة وذلك أنفع وأبقى . إن التقدم للمجلس الوطني التأسيسي والنيابة عن الشعب هو بمثابة الأمانة التي تبدأ خيانتها بترشيح من لا أهلية ومن عرف بماض غير مشرف .وإضافة لذلك لا ينبغي أن نسقط من حساباتنا تربص الخصوم السياسيين والأعداء الايديولوجيينن الذين يصوبون سهاهم نحو الحركة وينتظرون إصابتها في مقتل أي خطأ قد لا يكون مقصودا . كما أن تركيبة لجان الإشراف على الانتخابات وهي ذات لونين في الأغلب ( تجمع وتجديد ) لن تدخر جهدا في إسقاط القوائم التي لا تعجبها وستنبش في تاريخ المترشحين وانتماءاتهم للولوج إلى ثغرات محتملة . وهنا لابد من غربلة قوائمنا وتصفيتها ثم تحليتها بمن ينفع الناس ويلقى لديهم القبول الحسن .