بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    عاجل/ تتصدرها شعبة الرياضيات: التفاصيل الكاملة لنتائج الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025..    شعبة الرياضيات تتصدر نتائج الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025 بنسبة نجاح بلغت 74.93 بالمائة    تونس تسجل سابقة في مجال صحة العيون على المستوى الإفريقي باجراء 733 عملية جراحية مجانية في يوم واحد    رئيس أركان القوات المسلحة في إيران يوجه رسالة إلى الشعب الإيراني    وزارة الفلاحة تحذّر    منظمة الأطباء الشبان ترد على بيان وزارة الصحة: ''مطالبنا حقوق.. لا إنجازات''    مع الشروق : المجتمع الدولي الاستعماري    أخبار الحكومة    شارع الفل ببن عروس.. خزنة توزيع الكهرباء خطر محدّق؟    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. صابر الرباعي في الافتتاح وغزّة حاضرة    صيحة فزع    11.5 مليون دولار وهدف عالمي.. الترجي ينعش آماله في مونديال الأندية    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    بطولة الجزائر - مولودية الجزائر تتوج باللقب تحت قيادة المدرب خالد بن يحيي    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس: المنتخب التونسي ينهي الدور الاول في المركز الثالث    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    بكالوريا 2025: نجاح ب37% فقط... ورياضيات تتفوّق ب74.9%    نتائج بكالوريا 2025: نظرة على الدورة الرئيسية ونسبة المؤجلين    صفاقس: 100% نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في باكالوريا 2025    الميناء التجاري بجرجيس مكسب مازال في حاجة للتطوير تجاريا و سياحيا    Titre    المهدية : تنفيذ عمليات رقابية بالمؤسسات السياحية للنهوض بجودة خدماتها وتأطير مسؤوليها    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يواجه باتشوكا المكسيكي والهلال يلتقي سالزبورغ النمساوي    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    المنستير: انطلاق المسابقة الدولية في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تحت الماء بعد تأجيلها بيوم بسبب الأحوال الجوية    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    عاجل: بداية الإعلان عن نتائج الباكالوريا عبر الإرساليات القصيرة    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    "هآرتس": تحرك قاذفات أمريكية قادرة على تدمير "فوردو" الإيرانية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    القناة 12 الإسرائيلية: اغتيال 17 عالما نوويا إيرانيا..#خبر_عاجل    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى مرشّحي حزب حركة النهضة
نشر في الحوار نت يوم 07 - 09 - 2011


حتى لا تكون "الركبة من أوّلها مايلة"

رسالة مفتوحة إلى مرشّحي حزب حركة النهضة
يُحكى أن رجلا خرج صباحا يسعى وعاد مساء مغتاظا لخسران سعيه فقالت له أمّه "يا بنيّ لا تبتئس الرّكبة من أولها كانت مايلة". فقد لاحظت حين ودّعته عند غدّوه أنّ جلسته على ظهر حماره كانت غير مًعتدلة، هكذا تهيأ لها أن النتيجة مرتبطة بمقدّماتها الظاهرية ثم قالت له: "عدّل الوقفة يا بنيّ، يتّضح لك الطريق".
وددت في هذه الرسالة المفتوحة لمرشّحي النهضة ويشرفني بالطبع لو اطّلع عليها نزهاء الأحزاب الأخرى والمستقلون الذين يستعدون لخوض انتخابات المجلس التأسيسي، أما الذين تربّوا على ثقافة اقتناص الفرص ولو بالدوس على أبسط القواعد الأخلاقية في العمل السياسي، من أبناء النهضة ومن غيرها فلا أظنّهم ممن يلقون بالا لهذا الكلام. آمل واثقا أن أجد عند أولئك الذين نال منهم سوط الجلاد سنين عددا وكمّم أفواههم السلطان الجائر حينا من الدهر، الحس المرهف والأذن الصاغية، فلا أظنّهم يرضون أن يكووا بالنار التي اكتووا بها ولكن ما سبق من تجارب يستوجب التنبيه والحذر وهذا ما أرومه من خلال هذه الخواطر التي أسوقها تباعا حيث أنّي لم أراع فيها التسلسل المنطقي ولكني سقتها كما تواترت على نفسي.
1/ دافعت في مرّات عديدة عن ضرورة اعتماد النظام الانتخابي القائم على اختيار الأفراد وليس على اختيار القوائم، لأنّه بالرغم من عيوبه فإنّه سيمكّن الشعب من اختيار الأفضل في كل الأحزاب والاتجاهات، في حين أن الانتخاب على نظام القوائم هو عبارة عن خيار بالقطعة "هزّ و إلاّ خلّي" وهذا من شأنه أن يضع الناخب في حالة من الصراع بين الواجب الأخلاقي الذي يملي عليه اختيار الأفضل وبين الولاء الحزبي الذي يقتضي اختيار من اختاره الحزب وهكذا ليس له في النهاية إلا أن يشرب كرها "من الحليب المغشوش."
2/ زرتكم ذات يوم في مقر حزبنا الفاخر في "موتبليزير" ، في يوم قيظ من أيام الشهر السابع وبعد الخضوع لجملة من إجراءات التحري، صعدت إلى الطابق الرابع وشعرت بالهواء البارد الذي ينبعث من المكيفات يسري في الجسم مرحّبا قلت في نفسي متسائلا أهنا تسكن الثورة ؟ ولا أدري لماذا تذكرت يوم دخولي على أحد حكام المسلمين ، كان ينتقل من جبل إلى جبل يقاتل دفاعا عن حق شعبه في الحرية والكرامة كما كان يقول وكنت مع جمع من مفكّري الأمة وعلمائها، كان يجلس عل أريكة فاخرة مستمعا إليهم مادحين ومُثنين وجاء دوري وقلت ماذا أقول في مثل هذا المقام؟ وقررت أن أتحدث إليه بما حدّثت به نفسي، قلت بعد التحية جئتك برسائل ثلاث، رسالة من الجبل يذكّرك فيها بأيام النضال والثورة وشعارات المجتمع العادل ورسالة ثانية من المحرومين من أبناء شعبك " المحرر" يقولون لك فيها لقد طحنتنا عجلة الفساد الإداري والمالي فأين الذي وعدتنا به من العدل والإنصاف؟ ورسالة ثالثة من المجاهدين الذين يقاومون من أجل تحرير بلادهم من الغزاة المحتلّين وكنت قد وصفتهم بالإرهابيين يسألونك أكنت إرهابيا حين كنت تقاوم؟
في لحظة من الزمن استحضرت هذا المشهد وأنا أتبادل التحية والسلام مع رفاق الدرب الطويل، يأمرون وينهون ويوقعون على عجل طلبات أبناء الحزب. شعرت بالخوف على الثورة، في مثل هذه الأجواء تنمو في غفلة منّا جرثومة الاستبداد وهنا تمتدّ جذور الانشداد إلى الأرض حتى تنطفئ عندنا جذوة الثورة.
3/ غدا إذا كتب الله لهذه الانتخابات المأمولة أن تتحقق، نسأله أن يكتب التوفيق فيها للحريصين على تحقيق أهداف الثورة، ستجدون أنفسكم في مواقع القرار وقد سبق لغيركم من أجوارنا وأصدقائنا ممن طلبوا السلامة أن نفذوا من خلال صناديق الاقتراع إلى كواليس السلطة، فأفقدتهم الكراسي الوثيرة في البرلمانات والامتيازات المغرية صوابهم فلم يعودوا يدرون ماذا يفعلون و لا ماذا يقولون، ولم يعد يرون ما كانوا يرون من ذي قبل حيث انفرجت الزاوية بين أعينهم التي على الكرسي الذي لا يكاد يستقر وأعينهم على المجتمع الذي كان يأمل فيهم خيرا، فأصبحت المرايا مُحدّبة والصورة مشوّشة. وصاروا يتوارون عن الأنظار في سياراتهم الوظيفية المصفّحة مخافة أن يسمعوا ما يغيظهم من مثل:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير
فسبحان الذي أعطاك مُلكًا وعلمك الجلوس على السرير
لا تنسوا أبدا أنّ دماء الشهداء هي التي أوصلتكم إلى حيث أنتم وأن الثوار الذين فجّروا ثورة الرابع عشر من جانفي كانوا يأملون في تحقيق أمرين اثنين ثالثهما رحمة: الحرية والعدل ونتاجهما الكرامة، لا يهمّهم بعد ذلك من يحكم؟ ولكن يهمّهم كيف يحكم؟ انتهى الصراع على من يحكم، فقد حكمت جميع الأطياف السياسية في بلاد غير بلادنا وقليل ما تميّزوا في الجوهر وإن علت أصواتهم حول تميّزهم في الأشكال.
4/ لا تسعوا في حملتكم الانتخابية إلى التشهير بالآخرين و التحقير من شأنهم ولكن اجعلوا شعاركم في العمل لا في القول: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا"، فلا أحد يدّعي مهما قويت شوكته، أنّه يملك الحل لمشكلات البلاد، فلا حل إلا بتضافر كل الجهود الحريصة على إنقاذ البلاد، ولكن ليس معنى ذلك أن نقبل التوافق الذي يفضي إلى التواطؤ على وأد الثورة وإنما التوافق الذي يساعد على تحقيق أهدافها.
5/ اسمحوا لي في هذه الفقرة أن أتوجه تحديدا إلى أستاذي أبويعرب المرزوقي الذي قبل أن يترأس مشكورا قائمة النهضة في تونس1، وإنّه لشرف لنا جميعا أن يقبل أمين الثورة التونسية بتحمل هذه المسؤولية، أريد هنا أن أقول لأستاذي أن الفرصة سانحة أن نضع أحاديثنا الطويلة حول الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية موضع التطتبق، أحاديث كنّا بدأناها في كوالا لمبور واستأنفنا التداول حولها في باريس وثورتنا يومها لازالت وليدة، هي الآن تحت المحك. لو قيل لي أن الإسلاميين قد قبلوا بالمقايضة على الثورة مقابل بعض الحقائب سأغتم لا شك ولكن لو قيل أن أمين الثورة التونسية قد قبل بتزوير الانتخابات وجلس مطمئنا في كرسي المجلس التأسيسي مدافعا عن الشرعية الجديدة فإنّني سأُفجع وأجلس منكوص الرأس أقبل العزاء في الثورة. مشكلتنا مع الاستبداد كما تعلم أستاذي لا تتمثل بالدرجة الأولى في المستبد الحاكم ولكن في الأدوات التي يحكم بها، مشكلتنا مع هذا الطابور الطويل من المثقفين المستعدين لتقديم الولاء والطاعة للسلطان، احذر أستاذي واعذرني عن الفعل الذي جاء بصيغة الأمر أن يحدث لنا ما حدث للمعتزلة في تاريخنا حين شرّعوا للاستبداد باسم العقل، فسقط عقلهم ولم ينهض حكمكم.
6/ سيقول بعضهم من ذوي النوايا الحسنة أن محمد بن نصر لم يفهم شيئا من تعقيدات السلطة فلو أتينا بأتقى الأتقياء ووضعناه في دواليب السلطة لخرج منها مُتهما، فالذي يدخلها لا يخرج منها سالما بحكم المنطق الذي تفرضه على الجميع، هكذا يريدون أن يفهموننا أن الفساد قدر لا مفر منه وشر لابد منه. إذا كان الأمر كذلك فلماذا نقاوم المستبد؟ ولماذا نقاوم فساد السلطة؟ ولماذا كل هذه الدماء الطاهرة التي سالت؟ وكل التضحيات العظام؟ لأنّنا ببساطة نستطيع لو احترمنا أنفسنا، ولو احترمنا آليات العمل التي وضعناها أن نقدّم أنموذجا مغايرا لممارسة السلطة وسيأتي اليوم الذي يسير فيه الحاكم في شوارعنا مطمئنا بعد أن تنتهي مدة حكمه ولا يخشى على نفسه من المساءلة والمتابعة، يكفي أن يتأكد الحاكم أنّه سيكون يوما مواطنا عاديا ليكفّ عن الظلم والمظالم. وفي الأخير أليس من حقنا أن نأمل في حاضر أفضل وليس فقط في غد أفضل طال انتظاره؟
محمد بن نصر، المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية
باريس 06/09/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.