النهضة تتقدّم في الداخل والخارج وتؤكّد: نحن الحلّ ولسنا المشكلة نصرالدين السويلمي – ألمانيا- خلال الأيام الأولى التي أعقبت ثورة الرابع عشر من جانفي التفتت العديد من الأحزاب وبعض النخب إلى أجنداتها الخاصّة وهرعت إلى السبق لتؤسّس به شرعيّة بديلة ولتحتل به الفراغ السّياسي وتفرض نفسها كأمر واقع على الوطن والمواطنين، في ذلك الحين شرعت حركة النهضة في لملمة جسدها المثخن واستنهضت همم أبنائها ودفعت بهم إلى جبهات الوطن حيث حراسة الثورة وحماية الأحياء وجعلت من تثبيت إنجاز الشعب التاريخي أولى أولويّاتها، وعندما اتجهت البلاد إلى الاستقرار النسبي وضغط الوضع الداخلي والخارجي وألحّ الوقت على الأحزاب والكيانات السّياسيّة من أجل الاستعداد الجدّي لطلب ودّ دولة القانون والمؤسسات، لم يكن أمام النهضة الوقت الكافي لتلمّ شملها الذي شتّته بن علي واشتغلت على تفتيته أجهزته الأمنيّة لأكثر من عقدين هذا إلى جانب الفرق الخاصّة التي كانت تقوم بمراقبة مجهريّة للحيلولة دون قيام النهضة بأيّة محاولة تجميع لأطرافها أو فتح ثغرات أو مدّ جسور أو حتى إحداث مسارب صغيرة يتواصل عبرها مكوّن الحركة ولو على استحياء، إلى جانب ذلك كان هناك سؤال كبير وخطير يطرح نفسه بقوة وعلى عجل مفاده هل ستتمكن الحركة في هذا الظرف الوجيز من تفكيك الصورة القاتمة المفزعة التي رسخّها الطابور الثقافي و الإعلامي و السّياسي لبن علي على مدى ثلاث وعشرون عاما ، لكن الجواب لم يتأخر وأتى على عجل وأمام دهشة عارمة تملّكت خصوم الحركة بدأت الصورة السلبية تتلاشى وتنهار بتتابع عجيب ليكتشف الجميع أنّ النهضة الخارجة لتوّها من محنة قاسيّة لم يكن بمقدورها أن تزيل كل ذلك التشويه في هذا الزمن القياسي وأنّها كانت قد راهنت على ذكاء غير عادي لشعب استثنائي بأتمّ معنى الكلمة.
الإنجاز الذي تحقق في الداخل هو نفسه الذي تمّ في الخارج ففي ألمانيا وعند عشيّة افتتاح الحملة الإنتخابيّة كان الأستاذ فتحي العيادي يستعد لعرض مشروعه الإنتخابي على الجالية التونسيّة وهاجس الجدار السميك الذي بناه أسطول القنصليات والوداديات بين النهضة والجالية يخيم على الحملة لكنّه لم يكن عائقا لقناعة الأستاذ فتحي والإدارة المشرفة على حملته الإنتخابيّة بأنّ الشعب الذي أزاح الطاغية في أيام معدودات كفيل بأن يزيح ادعاءاته وصوره النمطيّة في سويعات، وتحرّك مرشح الحركة بشكل مراطونيا وقصد تجمّعات الجالية التونسيّة أينما كانت وحيثما سمع بتواجدها وكان التجاوب الممتاز يحفزّ الأستاذ فتحي على بذل الجهد الإضافي وتنفيذ المزيد من التحرّكات والإلتحام بابناء وطنه حيثما كانوا حتى صرّح بعض أفراد الجالية بأنّ أهّم شيء لمسوه في مرشح النهضة هو سعيه الجدّي في طلب ودّ التوانسة واجتهاده في طرح برنامجه بصورة مشرفة تحترم الذين يتوجه لهم بخطابه وتحترم الرسالة التي يحملها، وتصاعدت وتيرة التناغم حتى أنّ جمعا من التونسيّين قالوا للهيئة المشرفة على حملة الأستاذ العيادي حين زارتهم في بلدتهم" نحن لا نعرف لماذا تُتعبوا أنفسكم بهذه الملصقات والدعايات.. هل هناك في ألمانيا من سينتخب غير النهضة" . مسيرة الحملة الإنتخابيّة التي انطلقت مساء الثامن والعشرين توّجت بحفل ممتاز ولعلّه فريد يؤرخ إلى صفحة جديدة بين حركة النهضة وشعبها ..وحضنها ..وعمقها، مشهد مفعم بالدلالات العميقة ذلك الذي كان فيه أغلب مناضلي حركة النهضة ومهجريها جالسون يتابعون فقرات الحفل وكانت أيادي تدفقت لتوها على الحركة من الطلبة والعمّال فتيات وفتيان منهمكون في العمل والإعداد والتحضير، إنّه اللقاء بعد أن انخلع الدخلاء، إنّها حركة النهضة حين تجدّد نفسها وحين تُحرّك المشعل بين أجيالها بهدوء ورضا.