تونس: النهضة ترشح أمينها العام رئيسا للوزراء والسبسي والمرزوقي وبن جعفر لرئاسة الجمهورية وترفض الدخول بتحالف مع الهاشمي أعلن حمادي الجبالي أمين عام 'حركة النهضة' الإسلامية التي فازت بأغلب مقاعد المجلس الوطني التأسيسي التونسي، أن الحركة رشحته لتولي رئاسة الحكومة التي سيشكلها المجلس خلال الأيام المقبلة. وقال الجبالي (62 عاما) في تصريحات لإذاعة 'إكسبرس إف.إم' التونسية الخاصة، إن الحركة ' قررت منح نصف المقاعد التي حصلت عليها في المجلس التأسيسي إلى نساء ناشطات في الحركة محجبات وغير محجبات'. وأضاف أن 'النهضة' سترشح منصف المرزوقي (66 عاما) أمين عام حزب 'المؤتمر من أجل الجمهورية' ومصطفى بن جعفر(71 عاما) أمين عام حزب 'التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات'- يساريان معتدلان- إلى رئاسة الجمهورية. ولم يستبعد الجبالي أن ترشح الحركة أيضا الباجي قايد السبسي (85 عاما) رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية الحالية لمنصب رئيس الجمهورية خلفا للرئيس المؤقت فؤاد المبزع. كما أعلن الجبالي رفض حركة النهضة 'التام' الدخول في أي تحالف مع القائمة المستقلة 'تيار العريضة الشعبية للعدالة والحرية والتنمية' التي يرأسها المليونير التونسي المقيم في لندن هاشمي الحامدي، دون ذكر للأسباب. سبق للهاشمي الحامدي الانتماء إلى حركة 'النهضة' عندما كانت محظورة في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي قبل أن ينسحب منها. ورحب الاتحاد الأوروبي بشفافية الانتخابات التي جرت في تونس، لكن حكومات هذا التكتل الأوروبي وخاصة فرنسا ستجد نفسها مجبرة مستقبلا على استقبال وزراء في حكومة ائتلاف تونسية ينتمون لحركة النهضة بعدما كانت المخابرات الغربية تطارد أعضاء هذه الحركة الإسلامية تلبية لرغبة الدكتاتور المخلوع زين العابدين بن علي. وتصدرت حركة النهضة الانتخابات التونسية بحوالى 40 بالمئة من الأصوات المعبر عنها، أي قرابة 90 مقعدا، وستعمل على تأسيس أول حكومة منبثقة من صناديق الاقتراع بعد اندلاع الربيع العربي والذي انطلق من هذا البلد المغاربي. ونظرا للموقع الذي يحتله الاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي وسياسي وثقافي أول لتونس فحكوماته ستكون مجبرة على استقبال عدد من الوزراء المنتمين لحركة النهضة. وتبرز مختلف المقالات والافتتاحيات وتصريحات الكثير من الخبراء بسوريالية هذا المشهد السياسي، في هذا الصدد، يؤكد الصحافي بيدرو كاناليس لجريدة 'القدس العربي' 'زعماء حركة النهضة كانوا ملاحقين وغير مرغوب فيهم في عدد من الدول من ضمنها اسبانياوفرنسا، وكانت حكومة فيلبي غونثالث قد طردت سنة 1995 راشد الغنوشي من مدينة قرطبة عندما جاء لهذه المدينة للمشاركة في لقاء ثقافي'. وعمليا، فمن خلال مراجعة تصرفات الدول الغربية خاصة إيطاليا وفرنساواسبانيا فقد كانت دائما تلبي رغبات الدكتاتور زين العابدين بن علي رافضة منح لاجئي حركة النهضة اللجوء السياسي باستثناء بريطانيا التي منحت بعضم اللجوء ومن ضمنهم راشد الغنوشي. وكانت بعض الدول الغربية قد سلمت الى تونس إبان الدكتاتورية عددا من أعضاء الحركة أو المتعاطفين معها ومن بقي كان دائما متهما بالإرهاب أو مساندته. وحالة النهضة تتكرر مع عدد من الحركات الإسلامية العربية الأخرى في أوروبا. ويبرز بيدرو كاناليس قائلا 'التضييق الذي عانى منه الإسلاميون ناتج عن عدم فهم الحكومات الغربية للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي في العالم العربي، فالحكومات الغربية ومن ضمنها الإسبانية منذ أواسط التسعينات رفضت اعتبار حركات الإسلام السياسي كقوة سياسية ذات شرعية في المجتمعات العربي وأنها عاجلا أم آجلا ستصل الى الحكم عبر طرف سلمية'. افتتاحية جريدة 'الباييس' ابرزت أمس الأربعاء مدى هشاشة مقولة علمانية المجتمع التونسي التي تحدث عنها كثيرون، وتعتبر أن حركة النهضة مطالبة بتقديم نموذج يطمئن الجميع وأن تشكل قدوة في الربيع العربي للحركات الإسلامية. وذهبت افتتاحية جريدة 'لوموند' الفرنسية في المنحنى نفسه في عددها الصادر اليوم الخميس، مشيرة الى أن راشد الغنوشي أعلن قربه من النموذج التركي وليس نموذج الإخوان المسلمين في مصر. وعموما، بدأت الحركات الإسلامية في عدد من الدول العربية تبدو بمثابة الفائز في الانتخابات الأمر الذي سيجعلها ستشارك في الحكومات أو ستترأسها، وهذا يشكل فصلا جديدا في العلاقات العربية-الأوروبية، إذ تجد الأخيرة نفسها مجبرة على إعادة النظر في مخططاتها وتصوراتها الدبلوماسية مستقبلا. وتبقى حالة فرنسا الأكثر سوريالية نظرا للتعاون الوثيق الذي كان بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والدكتاتور المخلوع زين العابدين بن علي. وكشف أكثر من مصدر بدء استعانة بعض الدول الغربية مثل فرنساواسبانيا وإيطاليا بخبراء في العالم العربي والحركات الإسلامية للنظر في كيفية التعاطي مع حكومات ذات طابع إسلامي معتدل ستدير شؤون دولها في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.