7/11/2011 قبل أن أتطرق لبعض النقاط الفظيعة التي ذكرها السيد احمد نجيب الشابي زعيم الحزب الديموقراطي التقدمي الجمعة في تصريح لوكالة فرانس برس، أود أن أتوقف لبرهة قصيرة وأورد مصادفة بريئة وحقيقية وهي أنني منذ السن الذي بدأت أُدرك فيه، ولو سطحياً، معنى بعض المصطلحات السياسية لاحظت أن كل الأحزاب أو الحركات أو التجمعات والتكتلات التي تنعت نفسها "بالديمقراطية والتقدمية" في عالمنا العربي، ليست سوى نموذجاً حياً وصريحاً للاستبداد والرجعية بمعناها الديني والدنيوي. ومن يرى في كلامنا تجنٍّ على أحد فليأتنا بنموذج واحد إن كان من الصادقين. إن جميع الأنظمة والدول التي أوردت في مسماها كلمة "ديمقراطية" أو "شعبية" هي أكثر الأنظمة قمعاً واستبداداً وظلماً لشعوبها واستئثاراً بالسلطة حتى الموت، بالسيف أو بغيره. وسبب ذلك أن الإنسان يحاول دائماً وصف نفسه بما ينقصه في الحقيقة، ليوهم نفسه بالكمال، ثم يُصدق ذلك مع أنه يعلم في نفسه علم اليقين أنه كاذب. ويبدو أن الثورة التونسية وما حملته من مفاجآت وأحداث سوف تواصل عمليات التعرية لدرجة ستحسدها عليها سويسرا. أول الأمور التي صرح بها السيد الشابي أنه يشجع حكومة تكنوقراط ولكن يكون رئيسها من خارج الأحزاب، وبحسب معرفتي الضحلة جداً بالسياسة والديمقراطية السحرية هذه، فما صرح به نكتة سياسية، وما يجعلها نكتة مُهلكة من الضحك هو قوله أنه "'على استعداد لدعم حكومة تكنوقراط وهي تعني الإبقاء على الفريق الحكومي مع تعيين رئيس حكومة مستقل"!! لن أجادل السيد الشابي في نكتته هذه، فقد تُضحك البعض، ولا تُعجب الآخر، ولكني أفضل أن أطرح سؤالاً على زعيم الحزب "الديمقراطي" "التقدمي": لو أن حزبك كان هو الفائز هل كنت ستقترح وترضى بذلك؟؟ لو أن حزبك فاز، وهذا ما نراه لدى جميع الديمقراطيين والتقدميين العرب، لكان البواب والنجار وسائق الأجرة من حزبكم وتجمعكم، أما عندما فازت الحركة فالكل أصبح مُنظراً وسَخيّاً إلى حد التنازل عن حقوقه كلها لإبقاء الوضع على ما هو عليه، والعودة إلى الوراء بعد أن بدأت تتضح ملامح الحرية والديمقراطية الواقعية، وهذا هو المفهوم الحقيقي والواقعي "للتقدمية". لنُبقي على الحكومة كما هي لأنهم "تكنوقراط"، ونُفضل رئيس الحكومة الحالي لأنه "يملك ثقة الداخل والخارج" وبهذا نكون "ديمقراط"!! ثم من قال لصاحبنا أن السبسي يملك ثقة الداخل؟ وما الضَير أن لا يملك مبدئياً المرشح الجديد ثقة الخارج؟ ثقة داخل وهمية+ ثقة خارج ضرورية= تونس بن علي أو بورقيبة الديمقراطية!!! لمّا كانت ثقة الخارج أساسية للسير في الطريق الصحيح والديمقراطي، لماذا إذاً لم يستخدم هذه الثقة طوال 60 عاماً من الاستبداد والظلم والطغيان؟؟؟ إن الخارج لا يُعطي ثقته إلا لأمثال هؤلاء ولمثل ذلك، فقط لا غير، وخير دليل على ذلك جعله استمرار التعري مؤشراً على الحرية والديمقراطية. وأما ثقة الداخل فقد اعترف بها الشابي شخصياً وإن كان ذلك على مضض من خلال أسلوب تصريحاته، وأعرب عنها الشعب التونسي "الذكيّ" من خلال الصناديق بشفافية اعترف بها الغرب الوصيّ على مضض كذلك، وقد بدى ذلك واضحاً من تعقيباته على النتائج والطريقة الديمقراطية التي سارت بها الانتخابات، حيث لم تَخْلوا تصريحاتهم من عبارة "ولكن" وهذا يُعبر عن المضض والامتعاض الكبيرين من نجاح الشعب التونسي في وضع اللبنة الأساسية على طريق النهضة والإصلاح وانبعاث الأمة من جديد. حتى ذلك الغرب الذي يَدَّعي الديمقراطية يتناسى أهم ركائزها وهي حرية الاختيار عندما يتعلق الأمر بغير هواه، وهذا من صميم الدكتاتورية والاستبداد السياسي والاجتماعي، وعندما يأتي الغرب ليتدخل في شؤون شعب اختار بكل ديمقراطية ويحاول الضغط عليه لتغيير وجهته أو خياره، واصلاً إلى مستوى التهديد غير المباشر، فإن هذا هو التعريف الحقيقي للطغيان وإقصاء الآخر. ويتأسف الشابّي على عدم حصول لقاء بينه وبين السيد المناضل منصف المرزوقي، ولم يسأل نفسه لماذا رفض الركون إليه؟ ألا يدل هذا على أن السيد المرزوقي قد يكون على دراية تامة بما يعمل عليه حزب الشابّي وبالتالي فلديه تحفظات كبيرة مما حال دون لقائهما؟ وما أثار اندهاشنا أكثر هو الصراحة اللامتناهية التي عبر بها الشابّي عن "رفضه" لقبول حكومة النهضة وأن يكون الوزراء من الأحزاب الديمقراطية المشاركين فيها مجرد ديكور، وفي كلامه هذا إساءة كبيرة لزملائه الديمقراطيين، ووصاية حصرية عليهم، وازدراء كبير لهم، وهذا ضرب من ضروب الغرور المقدوح شرعاً وسياسة. لك الحق أن ترفض ما تراه وتوافق على ما تراه، كما أن لخصومك وزملائك نفس الحق كذلك، ولكن ذلك لن ينزل إلى أرض الواقع إلا عبر الصناديق، وليس عبر التشكيك والتحريض وغمط الحق، ونقول لزعيم الحزب "الديمقراطي" التقدمي:.... ما هكذا يا شابّي تكون الديمقراطية!!! الشعب التونسي قال كلمته، ومن المفترض على الخصوم السياسيين أن يعترفوا بالهزيمة أو بعبارة أخرى "الإقصاء الشرعي"، وأن يكونوا خصوماً لا أعداءً، إن كانوا فعلاً مخلصين لبلدهم وشعبهم ومصير بلادهم في هذا المنعطف التاريخي للدولة التونسية الحديثة. اللهم فارج الهمّ كاشف الغمّ، مكن في تونس لرجال يسيروا بها إلى بر الأمان ويعيدوا لهذه الأمة بعض أمجادها المفقودة بفعل الظلم والطغيان الذي ساد باسم الديمقراطية والتقدمية مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=22805&t=ما هكذا يا "شابي" تورد الإبل&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"