ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    صفاقس: ولي يعتدي على معلّم.. والمربون يحتجّون    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    البطل العالمي والبرالمبي وليد كتيلة يهدي تونس ذهبية ويتوج بطلا للعالم    لأول مرة: إطارات تونسية تصنع الحدث .. وتقود نادي سان بيدرو الإيفواري إلى التتويج    دورة رولان غاروس الفرنسية : عزيز دوغاز يواجه هذا اللاعب اليوم    حاول اغتصابها فصدته: 20 سنة سجنا لقاتل قريبته..    مناظرة انتداب عرفاء بسلك الحماية المدنية    مفزع/ حوادث: 22 حالة وفاة و430 مصاب خلال 24 ساعة..    فظيع/ هلاك كهل بعد اصطدام سيارته بشجرة..    في الملتقى الجهوي للمدراس الابتدائية لفنون السينما ..فيلم «دون مقابل» يتوج بالمرتية الأولى    الكاف ..اختتام الملتقى الوطني للمسرح المدرسي بالمرحلة الإعدادية والثانوية    توزر ..تظاهرة إبداعات الكتاتيب «طفل الكتاب إشعاع المستقبل»    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    نقابة الصحفيين تحذر من المخاطر التي تهدد العمل الصحفي..    مقرر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان معلقا : ''كابوسا وانزاح''    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    رئاسة الجمهورية السورية: إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول-الجولة 11) : مواجهات صعبة لفرق أسفل الترتيب    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    الحماية المدنية التونسية تشارك في عملية بيضاء لمجابهة حرائق الغابات مع نظيرتها الجزائرية بولايتي سوق أهراس وتبسة الجزائريتين    سامية عبو: 'شو هاك البلاد' ليست جريمة ولا يوجد نص قانوني يجرّمها    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    رئيس منظمة إرشاد المستهلك يدعو رئيس الجمهورية الى التدخّل لتسريع تسقيف اسعار اللحوم الحمراء    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الاهلي المصري يعلن اصابة علي معلول بقطع جزئي في وتر اكيلس    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجمع الدستوري مابين تداعيات التدجين ودعوة الإستئصال
نشر في الحوار نت يوم 27 - 02 - 2011

تعتبر قضية التجمع الدستوري اليوم من اعقد المسائل المطروحة على الساحة السياسية التونسية وتأرجح هذا الحزب ما بين تاريخه النضالي وفساده السياسي الحديث والمطالب الشعبية الملحة لإجتثاثه.
وبين مطالب ومعارض لحل هذا الحزب لابد من الخوض في وضعيته والنظر إليه بموضوعية تحليلية بعيدا عن العاطفة ولابد من اعمال العقل والحكمة في هذا الموضوع حتى لا تنقلب اي حركة تجاهه إلى فتنة أو اي مظاهر من مظاهر الصدمات التي تعكر صفوة الوحدة التونسية او تكوّن مافيوي منظم جديد.
نحن في تونس خسرنا العديد من الأموال بسبب فساد قيادة هذا الحزب المتحكم في رقاب المواطنين وخسرنا العديد من الشهداء بسبب جحافل الميلشيات التي كونها مدجنو هذا الحزب وخسرنا ايضا العديد من الطاقات الفكرية والعلمية الفاعلة التي طمرتها "قوادة" الحزب بالتعاون مع النظام الغاشم في دهاليز السجون ولحفوها بسواد الموت.
أنه من الطبيعي ان يثور الشعب ضد هذا الحزب لأن معركة الثورة كانت معركة كرامة ( وليست ثورة الياسمين اقولها لمن يريد تدجين هذه الثورة)، وهذا الحزب في ممارساته اعتدى بصفة فاضحة على كرامة المواطن سواء المعارض وحتى المنضوي تحته بمختلف الطرق وبشتى الوسائل، ولابد ان ننظر فعلا اليوم في ثلاجات هذا الحزب وكل من رموه داخلها من مناضليه الشرفاء ليتجمدوا وتموت فيهم الروح التحررية والإستسلام لسلطة الصنم الأوحد الفاعل والمنقذ الواحد.
لا احد يستطيع ان ينكر الفعل التاريخي النضالي لهذا الحزب منذ تأسيسه على يد عبد العزيز الثعالبي في مطلع العشرينات من القرن الماضي ولا احد يستطيع ان ينكر دوره الريادي في حركة الإستقلال وقيادته لبناء الدولة فإذا ما جلست مع العديد من شيوخه تراهم يتحدثون عن فترات النضال المزهرة ايام التحرير ويروون بكل فخر واعتزاز وكيف انهم كانوا لحمة واحدة فيه، ولكنهم في ختام ذكرياتهم الرائعة لابد من ان يختمو قولهم بتحسر بالغ يرتسم على وجوههم بكلمة (يا حسرة) ويضيفون التعليق في صمت (ذهب الحزب مع رجالو).
أنني احترم جدا ابائنا وشيوخنا ومناضلينا والذين لولاهم لما كنا اليوم نحي هذه الثورة وهذا التعليم الراقي الذي حصلنا عليه. واشعر فعلا بالأسى عليهم وعلى ذاكرتهم، فرموز هذا الحزب تجنوا حتى على الذاكرة الشعبية وقمع تاريخ الحزب ورموزه النضالية بدءا من عبد العزيز الثعالبي إلى فرحات حشاد وغيرهم من الرموز الوطنية، ونتاجا لسياسة التعتيم وسرقة التاريخ المجيد جعلت كل شباب هذا الحزب لا يعلم عن تاريخه شيئا (إلا ما رحم ربك)، فلم يسمعوا يوما مؤطرا او مسؤولا يتحدث عن تاريخ هذا الحزب ونضاله وشخصياته من امثال عبد العزيز الثعالبي وفرحات حشاد والطيب المهيري وغيرهم كثير، فحديثم يقتصر فقط إلا على الرب الأعلى وهذا الملهم الأوحد والمنقذ الأوحد وصانع النضال والتغيير فقط، (إنه الرب بن علي)، حتى إن ذكروا الزعيم الحبيب بورقيبة (ورغم مواقفنا منه وأنه كان أول من سن عملية التدجين للحزب) فلا يذكر إلا لتمهيد ركوب صانع التغيير عليه بعد ان شاخ وفسدت الدولة ليتقدم لفعل الإنقاذ.
فرموز الحزب من اعضاء القيادات المركزية حتى القاعدية من جامعات وشُعب لم يدمروا فقط الساحة السياسية بل دمروا ذاكرة الحزب نفسه عن بكرة ابيها، وادخلوه في مرحلة من التدجين التي لم يسبق ان حصلت لأي حزب في تونس وأعتقد انه لم يحصل في أيضا حتى في الأحزاب القومية والبعثية والإشتراكية في الوطن العربي، لقد طعنت الذاكرة الحزبية العجوز بفعل " آل بن علي والطرابلسية" وإن كانوا هم سرقوا الأثار والتحف التي هي ملكا لتونس والحضارة التونسية فقد سرق مُتكلمُو هذا الحزب ومؤطريه أثار الحزب الحر الدستوري.
إن الذي جعل هذا الحزب هكذا وبكل هذا الفساد هو التدجين المسلط عليه، فخرج من فطرته الثورية التي قام عليها وجعلوه يتقيئ رموزه الوطنية وثار حتى على باعثه وهو عبد العزيز الثعالبي نفسه، وأول من بدأ هذه المهمة هو الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في اول عملية انسلاخية في مؤتمر قصر هلال في اول الثلاثينات من القرن الماضي وهذا اول ركوب عليه وترويض وتدجين كحصان بري بدأ ترويضه للركوب ليسير رويدا رويدا إلى اتعس مآل له في عصر بن علي أي نحو التحمير(من حمار) الفعلي والتقولب على المثل التونسي المعروف ( البهيم القصير كل واحد يركب عليه).
لقد غير الحزب اسمه في اول الثلاثينات من الحزب الحر الدستوري إلى الحزب الحر الدستوري الجديد وبدأ بترسيخ مفهوم الصنم ولكن كان هناك بعض الرموز البارزة، ولم يكن من السهل ان تسيطر المنهجية البورقيبية على بقية المناهج وخاصة التمشي اليوسفي بقيادة بن يوسف ولم تكن لتظهر البورقيبية إلا في ظروف خاصة اسست لها فرنسا وخاصة زمن عودة بورقيبة في ذكرى عيد النصر كما كان في زمن بورقيبة، هذا السبق من البهرج المنسق له جعل الشعلة البورقيبية تعلو على الشعلة اليوسفية ورغم ان الزعيم بن يوسف عاد إلى تونس لكن بعد فوات الأوان فقد زرعت في الأرض التونسية البذور البورقيبية ولهذا سرعان ما عاد إلى الخارج وكأنه تأكد فعلا أن لا مكان له أمام الصنم البورقيبي الذي بدأوا بنحته ولم يكن للحزب ان يحتمل قيادتين ولابد من أحد من التنحي وكان هذا التنحي بالإغتيال الذي لقى بن يوسف حتفه فيه.
هذا هو الركوب الأول والتدجين الأول لهذا الحزب، والحقيقة رغم ان هذا التدجين لم يكن عميقا بسبب بقاء بعض الرموز القوية والتي كانت فاعلة في النشاط السياسي، وبما ان البلاد التونسية مازالت في مرحلة التكوين والبناء لم تظهر رواسب التفرد بالحكم والفساد لأن هناك تطور كبير في المنشآت والبنية التحتية والكل يشاهد تونس تنمو وتتقدم وهناك انجازات حقيقة وخاصة ان التعليم مازال في خطواته الأولى والوعي السياسي ضئيل جدا، وتفعيل وتسريع التنمية لابد من منظومة رئاسية وسلطة فردية لعملية البناء، هذا ما ادخله الحزب في نفوس المواطنيين، وطبعا وقع القبول به ولا احد اعترض طالما ان العمل متوفر وسبل العيش متاحة والتخلص من الفقر في تقدم والتعلم يتطور.
امتد هذا النسق حتى ظهرت الحركات الإشتركاية وتوجه العالم العربي خاصة نحو هذا التمشي وبالأخص مصر التي كانت تقود القومية العربية والصراع الحربي باديولوجيته الفكرية ضد الكيان الصهيوني والدخول في شراكة مطلقة من الاتحاد السوفياتي وشعاراته الرنانة في ما يخص تقسيم الثروات، ولكن ليس كل ما ينتج في الخارج هو بالضرورة قابل لأن يزرع ويثمر في بلداننا المعتمدة على الفلاحة خصوصا. فالثورات في البلدان الأوروبية التي انطلقت منها الثورة الإشتراكية كانت بالأساس صناعية وقد شهدت أوروبا ثورة صناعية لم تشهدها بلداننا، فالإشتراكية كانت انقلابا خاصا على تقسيم الثروة الصناعية الأوروبية، وليأخذ هذا الفكر شرعيته المطلقة لابد من ان يطبق على كل المجالات الأخرى وبالأخص في مجال تقسيم الثروة الفلاحية، وهذا من اشكاليته الكبرى الذي عصفت بهذا الفكر خاصة في الدول ذات الطبيعة الفلاحية.
لم تسلم بلادنا من هذا الفكر وهذا التوجه العالمي وقد قاد أحمد بن صالح هذه الموجة في تونس لبلورة الفكرة العالمية المتألقة في ذلك العهد، وهي الإشتراكية. كما تألقت فكرة العولمة في هذا العهد الجديد. ومن نتائج التدجين التي بدات تمارس في الحزب لم يكن عليه من الصعب التبني والتأقلم مع موضة العصر كما تبنى وتأقلم واصبح رائدا لفكرة العولمة في ضل بن علي.
وكان هذا الركوب الثاني على الحزب وزيادة تدجينه، واصبح توجهه اشتراكيا وغير اسمه في للمرة الثانية من الحزب الدستوري الحر الجديد إلى الحزب الإشتراكي الدستوري. وزامن هذا بداية افول الفعل البورقيبي بحكم تقدمه في السن وترسخ الصنم البورقيبي والدعوة لأن يكون رئيسا مدى الحياة ما اقصى طبعا كل رمز وفكر داخل هذا الحزب، ومن هذا القرار اعلن ضمنيا العقم الفكري داخل هذا الحزب وبدأ يسلك سياسة الخصي المتعمد. فلم نعد نرى اطرحات جديدة داخله إلا الأطروحة البورقيبية وتكرر خطاباته التاريخية في التلفزة التونسية قبل الأخبار وتوجيهاته السنية.
وبفشل هذه التجربة وثورة الشعب عليه خاصة وان الشعب التونسي كله يعتمد على الفلاحة حيث هددهم التعاضد بافتكاك املاكهم، ازاء هذا استطاع بورقيبة والذي هو الحزب نفسه أن يتملص وبذكاء من التجربة الإشتراكية ليحمل الفشل في شكل شخصي ينسب إلى احمد بن صالح ويدخل هذا الشاب الطموح إلى الثلاجة الأبدية في الحزب، ويظهم الإعلام بالتالي ان بورقيبة والحزب هو بريئ من هذا، وقد انقذ الشعب وتونس من المهالك (غريب!...دوما المنطق الإنقاذي...). وهكذا وقع تقديم كبش الفداء على طريقة اهل الرياضة.
في هذه المرحلة بالذات ظهرت حركة غريبة وخطيرة جدا وبدات تترسب في اعتقادات المواطنين وقبولها وهو ان الدولة هي الحزب، وليس هناك فكرا يضاهي الفكر البورقيبي، في حين أن بورقيبة لم يعد ذاك الشخص القيادي القادر على الإبتكار والإتيان بالأطروحات الجديدة المواكبة للتطورات العالمية الحثيثة.
وبدأت عصا الدكتاتورية تقوى شيئا فشيئا في ضل إخصاء الفكريا، فلم يجدوا حلا غير الإجترار بالطريقة الحيوانية في هذه الحضيرة التدجينية لهذا الحزب. وبدأنا نتعود على التوجهات الحكيمة لبورقيبة حتى زمن ما قبل الإستقلال التي أكل الدهر عليها وشرب، ولم نرى اي توجه جديد طوال هذه الفترة ولهذا حافظ الحزب على اسمه ولم يغيره رغم ان التجربة الإشتراكية انتهت، وهذا الدليل انه ليس هناك فعلا فكريا حصل طوال هذه الفترة حتى تاريح الإنقلاب البوليسي لبن علي، وطوال هذه الفترة لم يكن الحزب له تمثلا اديولوجيا بقدر التمثر الزعيمي، فلا معنى للوائح الحزبية امام المصالح الشخصية لقياداته.
وبحكم الفراغ الفكري داخل صرح الحزب، وأمام تواجد المنع المتعمد أمام اصحاب الفكر والإصلاح الذين كانوا يحاولون وينشطون فيه داخل مفهوم الحزب الواحد، لم يعد فضائه ليحتملهم، وهنا ظهرت الحركات الإنسلاخية نحو تعددية الأحزاب وانشق الحزب على نفسه وعلى راس المنشقين نذكر أحمد المستيري الذي كون قيادة جديدة تحت حركة الديمقراطيون الإشتراكيون الذي لقي تأييدا جماهيريا واسعا في بداية الثمانينات، ومن منا لا يذكر الفضيحة الإنتخابية التي فازت فيه الوقة الخضراء وزورت بالورقة الحمراء حتى وصل التندر بها بان الورقة الخضراء مصنوعة من الحنة تدخل خضراء وتخرج حمراء.
في ذاك الوقت كان الحزب هو الدولة، يسيرها بجميع هياكلها، وهو وحده من ينظم الإنتخابات ويخوضها ويفرز الأصوات، وبالطبع الصناديق كانت صوريا، فلا مجال لأي حزب ان يعتمد الصندوق جسرا للوصول إلى السلطة والأخذ بزمامها وهذا من باب المستحيل، وحتى الحركات المعارضة لم لتكن مدعومة جماهريا بحكم غياب الإعلام والوعي الحقيقي بالحقائق فلم تكن هناك فضائيات كاليوم ولا انترنات وغيرها من ادوات التواصل، وحتى المرحلة التعليمية لم تترسخ بعد بشكل واسع وكلي، زد على هذا ان الشعب استسلم للقضاء والقدر وان العمر قد تقدم بالحبيب بورقيبة وإن آجلا أو عاجل سيموت ونرتاح من هذا النظام، وبقى الناس يتوقع من سيخلفه فمنهم من رشح المزالي ومنهم من رشح الصياح وغيرهم، وبدأ الفساد ينتشر والسطو على خزينة الدولة امر عادي لدى المسؤولين في غياب حارس شريف وغياب قانون ومؤسسات قضائية مستقلة.
في ظل هذا الوضع حافظ مناضلو التجمع ومنتسبوه وخاصة علىالصعيد القاعدي على لعب (الديمينو) في شعبه وكأنه خارج من اللعبة ومناضليه كأي فرد من الشعب العادي خارج من (الطرح). في ذلك الوقت كان هناك شخص ذكي يتقدم بخفاء، وذكاه الخارق صرفه في الدهاء فاصبح خبثا، كان يصنع ركيزة وأنصارا ومهبطا له حيث لاحظ ان كل الهياكل تداخلت في الحزب إلا المنظومة الأمنية فلم تكن داخلة في الحزب بالشكل العميق التي تداخلت فيه المنظومات الأخرى في الدولة.
لا احد يعرف زين العابدين بن علي، أنه مجهول سياسيا، لا يعرفه إلا من كان قربيا منه وخاصة في القطاع الأمني، وتدرج بسرعة كبيرة في سلم السلطة بدعم امني وبتزكية من القذافي الزعيم الليبي، وكفاءته الأمنية في قمع الاحتجاجات جعلته من أهل الثقة والمعولين عليهم عند بورقيبة وكل من يريد محاسبته كان يحوله إليه، هذا ما كان يقوله في آخر زمانه عندما يحاسب الفساد في الدولة، في هذا السياق كانت الأرضية ميسرة له ليبلغ ما اراده وخاصة بعد ما جهزه في السلك الأمني وانه معروف لديهم وهو ما يهمه، فتولى حقيبة الداخلية ليتولى الوزارة الأولى ومن بعدها يتولى رئاسة الدولة ويقصي بورقيبة، والحقيقة ان هذا لم يكن اقصاءا ديمقراطيا ولا دستوريا، إنما كان انقلابا بوليسيا مثل الإنقلابات العسكرية المعروفة، ولأن الناس كانوا متعطشين لأي شخص مهما كان حتى ولو لم يكن له تاريخ سياسي المهم ان ينقذ البلاد من هذا الشيخ الهرم العجوز الذي جعل البلاد تنهار، فقد ملوا من توجهات سيد الرئيس قبل الأخبار وملوا من السلامية البورقيبية في الإذاعة الوطنية وملوا من الإحتفال بعيد ميلاده.
لهذا استغل بن على هذا الوازع ليعطي لسطته الشرعية المدنية والتي هي حقيقة شرعية بوليسية، كان يوم 7 نوفمبر يوم دهشة في المجتمع التونسي ولكن اكثر دهشة لدى اعضاء الحزب انفسهم كيف يحدث هذا التحول الكبير وهم في غفلة عنه وهم البارحة بقوا يلعبون (الديمينو) إلى ساعة متأخرة من الليل ولم يتفطنوا لهذا التحول، كيف لا يكون لهم دور في هذا الفعل، انه فعل خارج عن الحزب ولا يتواجدون فيه، في هذه اللحظة التاريخية للتحول يقف الحزب في التسلل، فكيف يعقل هذا والحزب هو الدولة.
في صبيحة السابع من نوفمبر المنحوس، حصل في الحزب اقذر شيء يمكن ان يقترفه احد، وقاموا بفعل ضربوا به كل المثل والقيم ومبادئ الشرف التي توجد في القيم الإنسانية عرض الحائط، هنا يتقدم الحزب وبكل خساسة ونذالة ليقول للرئيس اركبنا ارجوك، يقولها بخساسة عاهرة شمطاء متسخة يرفض الكل ركوبها، بهذا الشكل حصل الركوب الأخير لبن علي على الحزب، في السابق كانوا يروضون الحزب ليركبوه، ومع التغير يروض الحزب راكبه ليركبه، وطبعا الفاتورة غالية، انه الإستعباد، نحن عبيدك يا بن علي، نحن جنودك يا بن علي، نحن رهن امرك، نحن ونحن ونحن....
ليس هناك اقذر من هذا التدجين وهذا الركوب. في اعتقادي ان في هذه اللحظة مات فيها الحزب وانتهى، إذ لم يقف ليدافع حتى على زعيمه ومبادئه، باع بورقيبة وباع نفسه بيعة خسيسة...
إن التجمع الدستوري الديمقراطي أو الحزب الإشتراكي الدستوري بالأصح لم يمت في يوم الثورة في 14 جانفي 2011، بل دفن في هذا اليوم، في يوم الثورة، بعد ان عانينا من انبعاث رائحة جيفته النتنة طوال 23 عاما ولم تفلح فيه كل محاولات التحنيط، فقد كان نهم الدود اقوى من تعقيم (الفورمول).
لم يكن للرئيس الجديد بن علي ان يفرط في هذا الفيلق من العبيد الذين قدموا انفسهم لهذه العبودية ليفعل ما يريد، وطبعا كان فطنا إلى نقطة هامة في هذا الحزب وهو انه تداخل في مكونات الدولة ولكنه لم يتداخل في المنظومة الأمنية، ولهذا قام بترسيخها في الحزب ويحوّل كل اعضائه إلى مجموعة من (القوادة والبندارة والبوليس) ولحسن الحظ ان اعماه الله على امر لم يتفطن إليه وهذا من رحمة الله بنا، لم يتفطن إلى الجيش وادخاله في المنظومة الإستبدادية اعتقادا منه ان الجيش لم تعد له اهمية في زمن السلم العالمي وقام بهميشه مقابل ترفيع في سلطة الداخلية والقوى الأمنية الأخرى والحمد لله ان اعماه الله على هذا وإلا لما كانت هناك ثورة ونجاح.
لقد قام بن علي بتغير اسم الحزب إلى اسم غريب وهو التجمع، ومصطلح التجمع لا يبرز فكرا ولا توجها ابتكاريا بل يوحي إلى شيء ممارستيا فعليا سلطويا، فاي تجمع هو ضرورة يولد سلطة من خلال التكتل وسلطة تطبيقية فعلية وليست بالضرورة تحتوي على سلطة فكرية، وهذا ما زاد في تعميق الهوة الفراغية الفكرية، ان هذه التسمية الغريبة وتطرح عدة تساؤلات عن مدى الفهم النخبوي في مجتمعنا لهذه الإصطلاحات وكيف لم يتفطنوا لها.
اثر توليه استبشر الناس به، خاصة وبيان السابع من نوفمبر كان من ارقى البيانات والخطابات وإلى حد الآن لا ندري من كان يكتب له، وطوال 23 سنة لم يتحدث تلقائيا إلى الشعب، حتى اكتشفنا حقيقة مستواه المنحط في آخر خطاباته (فهمتكم) وصدمنا به صدمة عنيفة. وأنّى له هذا الوعي والخطابة وهو لم يمارس يوما نشاطا سياسيا ولا يعرف تعبيرا غير تعبير العصا، وليتمكن من فرض سلطانه كان عليه ان يدحر رموز المعارضة واهمها الحركة الإسلامية، ولأن الحركة الإسلامية كانت تنشط في الخفاء فاعطاهم عهد الأمان ليظهروا علنا عبر وسائل الإعلام وعبر جريدة الفجر خصوصا ويسجلهم واحدا واحد ليقطف الرؤوس لاحقا، وكانت انتخابات 89 انذار له حيث فازت القائمة الإسلامية المستقلة فوزا باهرا رغم تدابير التجمع، وهكذا زورت، وانطلقت الصيحات، ولكن بعد فوات الأون، إذ قد وقع المعارضون في الشرك الذي نصبه لهم وخرجوا من مخابئهم وبدأ بحصدهم الواحد تلو الآخر بدعوى التصدي للرجعية التي تستلهم مبادئها من الخمينية ( آية الله الخميني الزعيم الإراني) ومنها تحول تسمية المنتسبين للإتجاه الإسلامي "بالخوانجية" نسبة إلى الخميني وليس الإخوان المسلمين كما يعتقد البعض، فالحركة الإسلامية في تونس ظهرت باسم الإتجاه الإسلامي وليس الإخوان المسلمون، والإخوان المسلمون حركة ظهرت في مصر وليس في تونس، ونسبهم إلى الخميني ليتحصل على الدعم الدولي وهذا خبث منه ودهاء.
ولم يقتصر ارهابه على الحركات الإسلامية بل امتدت إلى المعارضة القومية واليسارية وجماعة المنظمات المستقلة وحقوق الإنسان والصحفيين والإعلاميين الإحرار في باب الإرهاب الذي يأخذ الجميع دون استثناء مهما كانت انتماءاته، وتسنى له ذالك من خلال الحزبالذي حوله إلى منظومة بوليسية استخبارتية مافيوية.
لقد استقرت له الأمور ما بعد انتخابات 94 وكتم الأصوات كلها ببراعة نادرة في العالم مما جعله نموذجا يضرب به الأمثال في السلطة المتحكمة وراهنت عليها الإمبرياليات الخارجية ودعمته.
منذ تلك الإنتخابات وفي ضل هذه الوضعية بدأت تتحرك ميليشيات الفساد لتجني ثمرة ما قاموا به وبدأت الكعكة تقسم، كل على منزلته، فلم يعد الوالي يحكم كما يحكم الكاتب العام للجنة التنسيق أو رئيس منطقة الأمن ولم يعد للمعتمد سلطة كما لكاتب العام للجامعات الدستورية، وبدأت العائلة الحاكمة تمد يدها شيئا فشيئا وتتكون عصابات نهب وتسلط ولا من رادع لها، وكيف لقطعان النعاج من حام لها إذا كان راعيها هو الذئب نفسه، الرشوة اصبحت حقا مكتسبا، والوصولية حصنا عرفيا، استنزفت ثروات البلاد وافتكت ممتلكات الناس والشعب وارهقت بالأداءات ودمرت كل الإستثمارات ورجال الأعمال تفتك منهم مؤسساتهم وانتشرت البطالة وكل انواع الفساد الذي لا يمكن ان نتخيله، وتورط في هذا الفساد سواء بالأختيار اوبالفرض جل المسؤولين ومن يرفض يلقى حتفه والتنكيل به.
عصابه من السراق احاطت بالشعب والدولة ولا احد يجرؤ على فتح فمه، والتجمع بيادق في رقعة الشطرنج الكبيرة يدافعون عن الملك والملكة وحتى عن الأفيال والقلاع الأخرى والأحصنة، وتتحرك الملكة بكل طلاقة وحرية تأكل وتنهب ما تشاء...
اصبح الإنتساب للتجمع هو بطاقة عبور لكل شيء، ان اردت ان تدخل الوظيفة العمومية لابد ان تكون لك ورقة التجمع لأن البحث الأمني لو وجدك من المعارضة او كان اي فرد من اسرتك البعيدة والقربية فيها، حتما سيرفضون دخولك لهذه الوظيفة، اليس هناك تعاسة اكبر من هذا، قد تحسر حريتك لو ان قوادا من القوادة شكى بك ورفع تقريرا عنك للسطة، قد تعطل رخصة بناء منزلك لو رفضت المساهمة في الصندوق الوطني للتظامن 2626.
اصبحت قوادة التجمع ومسؤوليه ارقا على الأفراد، في المستوى القاعدي، وعلى المستوى العالي كابوس مرعب، يقتسمون جهدك ويعطلون مصالحك ويستنزفون نقودك في الرشاوي والمعاملات، ونرى اطرافا اصبحت في غناء فاحش واطراف اخرى يعصف بها الفقر عصفا.
لم يعد التجمع مماسة فكرية بل اصبح ممارسة امنية سلطوية، لم يعد الحزب متشكلا في لوائحة وقوانينه بل اصبح في رموز شخصية، لها نفس الخطاب السياسي الذي يتكرر منذ 7 نوفمبر 87، حتى داخل الحزب نفسه وخاصة على المستوى القاعدي فاصبح الحزب كالسجن تدخله ولا يمكنك الخروج منه فلو خرجت واعلنت سخطك سينكل بك، حتى ان الفضاءات الأخرى هي فضاءات حزبية مثل دور الشباب والثقافة وحتى الأحزاب الناشطة فليست إلا خلايا من خلايا التجمع.
لقد تدخل هذا الحزب وافراده المسؤولون في كل عناصر المجتمع واصبح سرطانا خبيثا ينخر في المجتمع ولا يمكن اجتثاثه بعملية جراحية لأنه يضرب اعضاء حيوية.
بن علي لإنتخابات 2014، هو ترجمة لشعب ميؤوس منه، هكذا اعتقد الجميع، لن تقوم قائمة لهذا الشعب، واصبح في طور التسليم، حتى المعارضة نفسها يئست واسلمت امرها، واندمجت مع الحزب وكونت بما يسمى معارضة الديكور، وتلوين مجلس النواب لذر الرماد على العيون، وقد رضيت هذه الفئة بما القاه لها الحزب، فما العمل، عندما يكون شعب بهذا الخنوع، وهذا الجبن، انه يعلم ويرى كل شيء يفتك امامهم، الجرائم ترتكب بوقاحة وامام اعين الجميع، والأفواه لا تقدر على النطق، رغم أن الحجارة نطقت، والبهائم هرجت ومرجت....
إن الكبرياء مرض، ولكن هكذا قضت إرادة الله ( يمد لهم مدا) ومن الغريب ان المتسلط والمتكبر يشيع الكذبة في الناس وهو اول من يصدقها، اشاع الحزب انه صوت الشعب وانه حامي هذه البلاد ورائد التغيير وحامي تونس والعابر بها من صنوف المهالك والأزمات العالمية وهو يعلم انه كاذب ويعلم انه يجر تونس نحو المهالك، ولكن صدق هو هذا، قمة التناقض، بن على رهان المستقبل وحبيب الشعب، اشاع هذا وصدقه، بن على الرجل القابض بيد من حديد على السلطة الذي لا يتزعزع سلطانه، وصدق هذا، من رحمة الله بنا ان جعل دهاة العالم المتجبرين يسقطون من خطأ بسيط وبدائي لا يقع فيه الرجل البسيط في فكره وذكائه، هذه متناقضات التاريخ....
بن علي يسقط فجأة من خطأ بسيط كهذا، كذب كذبة على نفسه وهو فقط من صدقها، انها الكوميديا الإنسانية، الرجل الذي لا يقهر، كان واثقا في قوته، وأد كل معارضيه، اطفأ ثورة الحوض المنجمي ودفنها في كهوف الفوسفاط، غيب ثورة بن قردان في الصحراء ما وراء الحدود، ياتيه صوت يقول لقد احرق شاب نفسه في سيدي بوزيد، يقول دون مبالات( لا ولّى... خليه يموت)، ماذا يعني له هذا الخبر امام ثورة الحوض المنجمي وإلا امام الجماعة الإسلامية، لكن ما علم ان وراء عود الثقاب هذا الذي اشعله انطلقت صيحة وشعار نطق، هناك رجل ما بين الجموع يتكلم ويخترع شعارا وينادي به، يمسنا في الصميم، يقول الكلمة التي وددنا ان نقولها لتفجرنا، تعويذة سحرية يقولها، فترتج الأرض تحت قدمي الطاغية، ( التشغيل استحقاق يا عصابة السراق)، بودي لو اعرف من ابتكر هذا الشعار واول من نطق به لأخر على قدمية اقبلهما...
وتزلزل الأرض تحت قدميه، لندفن يوم 14 جانفي بن علي والحزب وعصابته....
نعم دفناهم، ولكننا دفناهم احياء، وفي قبرهم لن يستسلموا للموت وطلوع الروح، سينبشون ويحفرون ويدافعون على حياتهم الفسادية بكل ضراوية، ليس من السهل اجتثاهم والقضاء عليهم، انها قضية كبرى وتحدي اكبر، لأننا نحن لا نقاوم منظومة فكرية او قانونا ينتهي بانتهاء الفكرة اوالمرسوم او الرخصة، بل اننا نقاوم رموز واشخاص اعتمدو الحزب لهذا الفعل...
ان فُسّاد الحزب لا يهمهم حله او اجتثاثه، انهم لا يدافعون عليه، إنهم يدافعون على فضائحهم، لا يريدون ان يعلمها الناس، لا يريدون ان يحاسبوا، لا يريدون ان يحاكموا ويزج بهم في السجن، لا يردون ان يخسرو ما جمعوه، ولو قلت لهم نحل الحزب وانتم طلقاء ولا نتعرض لكم لكانوا معكم وأول الذابحين لهذا الحزب، هؤولاء الرموز الفاسدة ليست لهم كرامة، يبيعون الذمم بارخص الأثمان.
هذه هي القضية، نحن لسنا في صراع مع فكر حزبي وطلائعي، فهذا الحزب قد افرغ منذ زمن من فكره وابتكاراته، فرغم الدعوى التي تنشر اليوم لم نرى اي واحد من قيادي هذا الحزب يصدح بفكر ولا منهج تحزبي ليقول به لا، ونحن كنا ونحن هنا وها نحن ذا، إنه حزب اخصي مفكريه امام التسلط والفساد الذي رسخه الفاسق بن على.
اننا امام قضية امن قومي وامام تحد كبير لأن الحزب سيجابهنا بركائز الثورة، بالديمقراطية التي قامت من اجلها الثورة، بالكرامة التي دعونا إليها، بالعدل والمساوات، وتونس للجميع، كيف تقصون يا من دفعتهم دماء شهدائكم حتى لايقصى احد؟ انه موضوع متشعب الجوانب...
ومن كرامة الثورة ان هناك من كان منضويا تحت هذا الحزب وخرج عرض صدره للرصاص لأنه اراد ان يتخلص من هذا الحزب الذي كبت انفاسه، يريد التحرر، هناك شرفاء فيه لم يبيعوا ذممهم، ولم يفسدو، ولا تريد الثورة ان تأخذهم بظلم الآخرين....
فكيف سنتعامل مع الحزب؟, وهل حله هو حل وتخلص من الفوضى التي يشيعها مليشياته الفاسدة؟، هل نحن نتعامل مع حزب فعلا ام نتعامل مع عصابة مافيوية؟، هل اذا حل الحزب نضمن عدم دخولها في تنظيم آخر بنفس الفكر المافيوي؟، كيف نطبق العدالة فيهم ولا تلوم المنظمات الإنسانية لحقوق الإنسان وتشجب هذاالفعل؟....
انها اسئلة معقدة ومتشعبة وهذا فقط مداخلة اسوقها في محاولة فهم الظروف السياسية المحيطة بهذا الإشكال ولابد من معرفة التاريخ لهذا الحزب ومنهجية تحركه وتفكيره ومنظومته الحركية لنجد الطريقة السوية التي سنتعامل بها معه دون المساس بركائز وقيم الثورة....
المفكر التونسي سفيان عبد الكافي - قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.