بعد إعلان نتائج انتخابات 25 نوفمبر 2011م بالمغرب نظمت مجموعة من النساء وقفة أمام مقر البرلمان يعبرن من خلالها عن احتجاجهن على فوز حزب العدالة والتنمية بالرتبة الأولى. احتجاجهن ذاك أعاد إلى الذهن صورة المرأة التونسية ( المناضلة اليسارية ) التي لم تقبل بفوز حزب النهضة في تونس، وخرجت على وسائل الإعلام منفعلة، شاكية، باكية، متهمة الشعبَ التونسي بالجهل، قائلة إن " بن علي قاد بتجهيل الشعب التونسي "، فكان من نتائج ذلك أن أساء هذا الشعبُ الاختيار وجاء بالإسلاميين إلى الحكم !! النساء اللواتي خرجن في الرباط مساء يوم السبت 26 نوفمبر لا يختلفن كبير اختلاف عن المرأة التونسية التي لم تكتف بالاحتجاج في تونس، بل سافرت إلى فرنسا لتعبر عن استهجانها فوزَ إخوان الغنوشي في انتخابات شهد العالم بنزاهتها. إنهن – مثلها تماما – يرفعن شعارات من قبيل : الشعبية، والاستقلالية، والجماهيرية، والتقدمية، والديمقراطية .. لكنهن، في واقع الأمر، لا يقبلن بشيء من ذلك .. وخروجهن للاحتجاج خير دليل على عدم قبولهن بأعز مطالب الشعب المغربي والشعوب العربية وغيرها، ألا وهو مطلب الديمقراطية. - ما معنى الاحتجاج على فوز حزب يشهد المراقبون المغاربة والأجانب بأنه لم يتورط، إلى حدود الآن على الأقل، فيما تورط فيه آخرون من استخدام للمال الحرام، وإفساد للعمل السياسي ونحو ذلك ؟ - الاحتجاج هنا ليس احتجاجا على الحزب الفائز، ولكنه في العمق احتجاج على الديمقراطية .. على صناديق الاقتراع .. على الشعب الذي اختار " المصباح " . إن الفرحة التي يستشعرها الواحد منا وهو يرى الأمين العام للأصالة والمعاصرة، والأمين العام للتجمع الوطني للأحرا وغيرهما يهنئون قادة حزب العدالة والتنمية بالفوز على الرغم مما كان بينهم من جدال، وسجال، ومعارك انتخابية حامية الوطيس، هذه الفرحة ما تلبث أن تذبل وتخبو عندما نلتفت جهة البرلمان لنجد لفيفا من النساء يرفعن أصواتهن ضد اختيار ديمقراطي قد يقود إلى الأحسن، وهذا ما نأمله ونتمناه، وقد يقود إلى الأسوأ لا قدر الله تعالى. - ليس هناك سوى أن تكون ديقراطيا، أو ألا تكون .. وأن تكون ديمقراطيا يستلزم أن تقبل بما تتمخض عنه صناديق الاقتراع الحر النزيه، سواء أكانت النتيجة فوز العلمانيين، أو الإسلاميين، أو الملاحدة .. !! أما أن ترفع جهة ما شعار الديقراطية، ثم تعترض على نتائجها، وتخرج إلى الشارع ووسائل الإعلام احتجاجا على الفائزين، لأنهم يختلفون عنها في التوجه الفكري، فإنني لا أجد ما أصف به هذا الاحتجاج سوى أنه احتجاج هجين.