الإعلام والنخبة المتنفذة والتسلط رغم الفشل الذريع لبعض التكتلات السياسية والإيديولوجية والسقوط الانتخابي لبعض الوجوه الجامعية والنقابية فان المشهد الإعلامي والسياسي يشهد هرجا كبيرا مشوشا على الإرادة الشعبية ،محاولا إرباك أصحاب الشرعية ومنتخبيهم وكان هؤلاء حسبوا ومازالوا يعتقدون أن المواقع والنفوذ الذي خول لهم زمن الاستبداد والقمع كاف ليحقق لهم أهلية قيادة المرحلة والتأثير في خيارات هذا الشعب ولعل المتابع للمشهد العام يلحظ مفارقات عجيبة لا تنبئ فقط بتعثر سياسي وليد المرحلة وإنما تكشف مغالطات إعلامية وانتهازية سياسية وتوظيف مقيت لبعض المواقع المؤسسات والإمكانات تعمل كلها على تكريس عناوين وشعارات الخاسرين وتزييف الخيارات التي عبر عنها الشعب يوم الثالث والعشرين من أكتوبر . وإذا كان السياسيون الفائزون من حركة النهضة والمؤتمر والتكتل رغم تجدد نقاشاتهم وحواراتهم بشان بعض ما اتفقوا حوله بخصوص القوانين المسيرة للسلط العمومية قد قبلوا اللعبة وما أفرزته بعد أن أوكلت هذه المهمة للجان تحوي أهم الألوان الموجودة بالمجلس التأسيسي وحافظوا على قدر كبير من الرشد السياسي وبعد النظر حفاظا على المصلحة العامة للبلاد وإدراكا بان المرحلة تتطلب استقرارا سياسيا ووفاقا استراتيجيا لتحقيق جزء من تطلعات شعبنا البطل فان أداء شق أخر لا زال محيرا ،ففي الوقت الذي تجري فيه نقاشات وتفاعلات رائدة لا قبل لنا بها بين الأغلبية والأقلية يخرج من بين هذه الأقلية من يدعو صراحة في إحدى القنوات الوطنية إلى استنفار وجوه المجتمع المدني للمشاركة في هذا النقاش الدائر في اللجان وهي دعوة غير بريئة لان المدعوين لهذا النقاش من المجتمع المدني قد وصلتهم الرسالة قبل صدورها وهم لا يمثلون المجتمع المدني بأي حال ،إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وإلا فليكشفوا عما أسدوه لهذا الشعب المسحوق من خدمات ،ماذا فعلوا في الدفاع عن حقوقه في الماضي وما بالعهد من قدم وكثير من هؤلاء ممن يعنيهم صاحب الدعوة سمير الطيب أصحاب نفوذ في الماضي والحاضر ؟ ولذلك جاء قبولهم للدعوة سريعا وهبوا تسندهم الأموال المشبوهة بالدعم للاعتصام أمام المجلس التأسيسي ليصدروا من هناك صراخا وعويلا مضجرا بعد قال فيهم شعبنا كلمته من قبل ، وإذا كان يحسب بعض وجوه القطب الحداثي أن استنجاده هذا سيسنده نقول له أن الآخرين أرقى منك أداء وأكثر منك جماهيرية وأولى منك شرعية وكان يمكن أن يملؤوا الشوارع بالآلاف المؤلفة ولكنهم على وعي بأهداف المشوشين والصائدين في الماء العكر،. إلا أن ما يشد الاستغراب والاستهجان والحنق الشديد على القنوات الإعلامية إذاعات وتلفزات منحها جوازات إعلامية لبعض الوجوه وكان تونس لم تنجب غيرهم للتحليل والنقاش وما هم بمحللين ولا مناقشين لأننا لم نقف على مقطع من حديثهم إلا وفيه استهداف لشق سياسي وهو استهداف بلغ به واقصد نورالدين بن تيشة تشبيههم بالزعيم النازي هتلر وهذا الشخص خصيصا أراه واسمعه على مدار الأسبوع يدير وتدار به حملة سياسية مفضوحة ولذلك حق لنا أن نشكك في الأداء الإعلامي الموجه أن لم يكن للقناة فلبعض الملفات فبأي وجه يدار نقاش حول المشروع الذي تقدم به ثلاثي الائتلاف ويستدعى له المناهضون له يمينا ويسارا ويدعى رئيس اللجنة ممثلا لأعضاء اللجنة رغم انه من حركة النهضة وقد رفض أن يكون حينها ناطقا باسمها ولا يستدعى احد من هذا الائتلاف ... رسالتي لهؤلاء رغم محاولاتكم التسلط عليه وسرقة الشعب خياراته الانتخابية والالتفاف على منتخبيه بالإعلام المنحاز والجمعيات المسيسة والإدارات الصامتة والمترددة فالوعي سيصنعه الشارع والمجتمع الذي لا تعرفونه في المقاهي الشعبية والسواق والملاعب والحوم والمزارع والحقول والجامعات والمدارس ومواقع الفايسبوك كما صنعه من قبل بعيدا عنكم خاصة بعض تلك النخب الجامعية النافذة المتعالية التي خيبتنا زمن كان التاريخ ينتظر منها موقفا طلائعيا في النضال ولكننا لم نر منها إلا تمسحا بجنبات القصر أو مراكز التجمع والحمد لله أن الشعب التونسي شعب صغير العدد يعرف الجميع بعضه بعضا وان غدا لناظره قريب.