نتنياهو والتلاعب بالألفاظ بقلم :بهاء رحال لم يمر وقت طويل على إعلانه وقف البناء في مستوطنات الضفة الغربية مستثنياً بذلك القدس حتى عاد مرة أخرى يدعي بان التوقف هذا لا يشمل جميع المستوطنات ولا يعني إزالة البؤر الاستيطانية العشوائية ولا وقف عمليات التهويد ومصادرة البيوت في القدس وهو لفترة زمنية حددها بعشرة أشهر في إشارة منه الى انه سيستأنف البناء بعدها أو في أي وقت يقرره وحكومته هذا إذا فعلاً أوقف سرطانه الاستيطاني ومشاريعه التوسعية وكان جاداً في قوله ، كعادته لم يتغير في شيء ، رئيس وزراء حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو فهو يجيد فن التلاعب بالكلمات والألفاظ والتهرب في دهاليز المعاني والتصريحات كي لا يعطي التزام حقيقي ولا يقطع وعداً صريحاً ، حيث يعتبر هذا الأسلوب هو الأفضل لديه للهروب من أي التزام وللتهرب من أي إحراج يقع به أمام حزبه ومؤيديه وأيضاً أمام تحالفاته الحكومية وذلك من اجل تخفيف الضغوط التي تواجهه أو أية أخطار قد تعصف بائتلافه الحكومي بالمستقبل جراء اتخاذ أي خطوة من هذا القبيل يعترض عليها اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل وهم الدائرين في فلك الاستيطان وبناء المستوطنات .
لقد أراد نتنياهو من خلال دعوته التي أطلقها حول موضوع وقف الاستيطان تضليل الرأي العام الدولي وتخفيف الضغط الذي قد يمارس عليه نتيجة استمراره في بناء المستوطنات خاصة مع نجاح الجهد الدبلوماسي الفلسطيني الذي استطاع كسب التأييد الدولي لصالحة في الفترة الأخيرة في سابقة هددت الدبلوماسية الإسرائيلية بشكل مباشر وأرغمتها على اتخاذ مثل هذا الموقف بل وانتزعته منها انتزاعاً كونها تعتبر الحكومة الحالية في إسرائيل حكومة الاستيطان التي أرادها نتنياهو وشكلها بائتلاف يميني متطرف وأجندة استيطانية توسعية تهدف الى خلق حقائق جديدة على الأرض الفلسطينية ، وبينما سعت هذه الحكومة الى إتباع سياسية الاستيطان وتكريس نهجه الرامي الى تمزيق مساحة الضفة الغربية وعزل مدينة القدس عن محيطها العربي الفلسطيني والى عدم قدرة قيام الدولة الفلسطينية ، جاءت خطوات السيد الرئيس محمود عباس والتي استطاع فرضها بقوة كي يكسر تعنت هذه الحكومة وبالتالي يجبرها على الالتزام بتنفيذ بنود خارطة الطريق التي لا تزال تراوح مكانها بانتظار إيفاء الجانب الإسرائيلي بالالتزاماتة بعدما قدم الفلسطينيين التزاماتهم .
إن قيام رئيس حكومة الاحتلال بالإعلان عن وقف محدد للاستيطان ولفترة زمنية معينة يأتي ضمن مسلسل التضليل والخداع الذي تمارسه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ اوسلو وحتى يومنا هذا ، خاصة وانه يأتي في وقت تتعالي فيه الأصوات الدولية المطالبة بضرورة الالتزام بنصوص خارطة الطريق وما تضمنته من التزامات ، إلا أن هذا التصريح على لسان رئيس وزراء الاحتلال لن يأتي بشيء جديد ما لم تجد إسرائيل قوة رادعة لسياساتها حتى تكف عن ممارساتها على الأرض وبشكل فعلي وحتى لا تبقى الصورة تقتصر على وسائل الإعلام في تصريحات تضليلية بينما تستمر في البناء والتوسع وزيادة الوحدات الاستيطانية بشكل مضاعف وتمضي في سياساتها المتلاعبة والعقيمة بينما يبقى العالم في حالة الشجب والاستنكار والإدانة الخجولة دون ممارسة أي نوع من الضغط الحقيقي المطلوب الذي يحد بل ويجبر إسرائيل على وقف تام للاستيطان بكافة أشكاله والانصياع للإرادة الدولية .
إعلان نتنياهو الأخير حول وقف الاستيطان سرعان ما عاد وقام بتفسيره بأكثر من شكل فمرة قال عنه لعشرة أشهر ثم عاد وأضاف انه لا يشمل كافة المستوطنات والاهم انه لم يشمل القدس التي هي المحور الأساس بل انه ضاعف من عمليات الاستيلاء على البيوت العربية في الفترة الأخيرة فيها وكرس سياسة التهويد وعزل المدينة المقدسة عن محيطها العربي الفلسطيني ، إعلان نتنياهو الأخير حول وقف الاستيطان يبقى إعلان وهمي لا يحمل أي نوايا حسنة من شأنها عودة الطرفين الى طاولة المفاوضات الأمر الذي يؤكد على عدم وجود شريك إسرائيلي حقيقي يسعى لتحقيق السلام . فهل تكون هناك إرادة دولية قادرة على فرض رؤيتها ؟؟ أم سيبقى الحال هو الحال يحق لإسرائيل ما لا يحق لغيرها!!!