مع اقتراب صدور مواسم الريح.. روايات الأمين السعيدي تسافر الى الكويت    بنزرت .. مطالبة بإعادة الحياة للمناطق السقوية العمومية    سيدي بوزيد .. إنتاج القوارص فرصة استثمارية.. «معطّلة» !    شبكة الطرقات السيارة: تواصل أشغال التشوير الأفقي وتركيز العاكسات الضوئية    مع الشروق : الكيان الصهيوني يشرّع الجريمة... والبرغوثي في خطر    نبض الصحافة العربية والدولية ...كل الجرائم تتم بأوامر من حكومة نتنياهو محاكمات جنود الاحتلال تضليل للرأي العام    صداع نيويورك ..ممداني وكابوس البيت الأبيض    السويد: قتلى ومصابون في حادث اصطدام حافلة في ستوكهولم    تعزيز الحضور في السوق الإفريقية    اختتام دورة تكوينيّة في «الطاقة الشمسيّة»    هيئة الانتخابات تنظم تظاهرات بالمدارس والمعاهد في الجهات لتحسيس الناشئة بأهمية المشاركة في الانتخابات    قافلة صحية متعدّدة الاختصاصات لفائدة متساكني حي التحرير والمناطق المجاورة    اكثر من 63 بالمائة من مرتادي مؤسسات الرعاية الصحية يحملون مؤشرات ما قبل السكري (دراسة)    توافق إفريقي بين تونس والجزائر والسنغال والكونغو حول دعم الإنتاج المشترك وحماية السيادة الثقافية    وزير الدفاع يؤدّي زيارة إلى إدارة التراث والإعلام والثقافة التابعة للوزارة    ممثلون عن المنظمة الفلاحية يشددون على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة لمزيد دعم القطاع الفلاحي    مشروع منظومة مندمجة لإعلام المسافرين على شركات النقل في مرحلة طلب العروض-وزارة النقل-    %23 من التونسيين مصابون بهذا المرض    الرابطة المحترفة 1: برنامج مباريات الجولة 15    قرعة كأس افريقيا للأمم: تونس في المجموعة الثالثة مع الكاميرون وغينيا وكينيا    عاجل: إطلاق نار في محطة مونبارناس بباريس وفرض طوق أمني..شفما؟!    موعد إنطلاق معرض الزربية والنسيج بالكرم    السلّ يعود ليتصدّر قائمة الأمراض الفتّاكة عالميًا    ميزانية 2026: التقليص من ميزانية مهمّة الصناعة والمناجم والطاقة    تونس تحتضن الدورة الثانية للمؤتمر المتوسطي للذكاء الاصطناعي يومي 20 و21 نوفمبر 2025    عاجل/ الأجراء والمتقاعدون مدعوّون للتصريح بالمداخيل قبل هذا الأجل    سيدي علي بن عون: تسجيل 7 حالات إصابة بمرض الليشمانيا الجلدية    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن ضد الغنوشي..    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    وفاة محمد صبري نجم الزمالك السابق...وهذا هو السبب    يتسللان الى منزل طالبة ويسرقان حاسوب..    عاجل: أمطار غزيرة وبرد يضربوا كل مناطق هذه البلاد العربية اليوم!    الإفتاء الفلسطينية: إحراق مسجد في الضفة الغربية "جريمة نكراء"    إنطلاقا من 20 نوفمبر مهرجان غزة لسينما الطفل في جميع مدن ومخيمات قطاع غزة    عاجل: عودة هذا الاعب الى الترجي    عاجل: وزارة التربية تفتح مناظرة نارية...فرص محدودة    نابل: 2940 زيارة مراقبة خلال الشهرين الاخيرين تسفر عن رصد 1070 مخالفة اقتصادية    مباراة ودية: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الأردني    7 سنوات سجناً لشاب ابتزّ فتاة ونشر صورها وفيديوهات خاصة    مباراة ودية: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الأردني    عاجل/ ديوان الزيت يعلن عن موعد انطلاق قبول زيت الزيتون من الفلاحين..    عاجل/ "الأونروا" تطلق صيحة فزع حول الوضع في غزة..    مونديال قطر 2025: المنتخب التونسي يواجه النمسا في ثمن النهائي..هذا الموعد    الجزائر: 22 حريق في يوم واحد    محرز الغنوشي: عودة منتظرة للغيث النافع الأسبوع القادم    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    وزير البيئة: 10 آلاف طن نفايات يوميا وتجربة لإنتاج الكهرباء منها    النائب طارق المهدي: ضريبة على الثروة... ضريبة على النجاح    اتحاد الشغل بصفاقس: إضراب ال68 مؤسسة "خيار نضالي مشروع" وسط تعطل المفاوضات الاجتماعية    رونالدو يرتكب المحظور والبرتغال تتكبد خسارة قاسية تهدد تأهلها المباشر إلى مونديال 2026    الجمعة: الحرارة في ارتفاع طفيف    الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم سنّة إلهية    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    خطبة الجمعة ...استغفروا ربّكم إنه كان غفّارا    حالة الطقس هذه الليلة    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتياجات الأبناء وبناء الحافز الداخلي- عمر السبع
نشر في الحوار نت يوم 23 - 02 - 2014

إن أبناءنا في حاجة دائمة إلى حافز يشعل رغبتهم في اكتساب القيم والفضائل؛ وقد بدأنا الحديث في مقال سابق عن قضية الحافز القيمي وبينا بعض شروطها، وفي هذا المقال نتحدث عن الاحتياجات الأساسية للإنسان وتأثيرها على الحافز القيمي.
ما هو الحافز:
تحدثنا من قبل عن أن الحافز هو شيء يدفع الإنسان ويزوده بالطاقة المناسبة لإنجاز الأعمال وفعل السلوكيات، والأطفال إن تعلموا فعل شيء؛ فإن حجر الزاوية الذي يجعلهم يستمرون في فعله ويداومون عليه هو الحافز.
الاحتياجات الأساسية للإنسان وتأثيرها على الحافز الداخلي:
قديمًا قام أحد علماء النفس بوضع هرم لحاجات الإنسان الأساسية، واعتبر أن الإنسان يولد عند أسفله ثم كلما سد احتياجًا؛ ارتفع إلى الاحتياج الذي بعده وهكذا إلى نهاية الهرم في قمته.
وقسَّمه إلى قسمين، القسم الأول: وهو في أسفل الهرم، وأطلق عليه الاحتياجات الأساسية، وهي احتياجات النقص، وهذه الاحتياجات يتضح تكوينها من اسمها، أن الإنسان يولد وهو يريد استكمالها، ولاشك أنها لا تستكمل إلا عن طريق المؤثرات الخارجية، والإنسان الذي لا يستطيع استكمال إحدى هذه الاحتياجات؛ يظل رهينة لها، وقد يتقدم به العمر وهو ما زال يحاول سد احتياجًا أوليًّا وبدائيًّا.
وهذه الاحتياجات الأساسية مقسَّمة إلى أربعة أقسام:
· الاحتياجات الفسيولوجية.
· الاحتياج إلى الأمان.
· الاحتياج إلى الحب والانتماء.
· الاحتياج إلى احترام الذات.
ثم ينشأ بعد الاحتياجات الأساسية احتياج آخر لا تسده إلا الدوافع الداخلية، وهو الاحتياج إلى تحقيق الذات، وهي احتياجات وصفها ماسلو باحتياجات التطور والنمو المستمر، وهذا النوع من الاحتياجات لا يمكن إرضاؤها؛ ولذا يكافح من يصل إلى هذه المرحلة من أجل مزيد من الإنجازات والنجاحات، فهو في احتياج دائم إلى المعرفة والنمو والنجاح.
ولذلك؛ إذا أردنا أن نغرس في أطفالنا التحفيز الداخلي، فإننا لابد أن نضمن لهم أن تسد احتياجاتهم الأساسية؛ الفسيولوجية، والأمن، والحب واحترام الذات، وهي لاشك لا تُسد إلا بوسائل خارجية.
ويعتمد بناء التحفيز الداخلي على ثلاثة أنواع من الاحتياجات:
1. الحاجة إلى الجدارة: وهي حاجة الإنسان لرؤية نفسه قادرًا على التحكم في بيئته الخارجية بكفاءة، وامتلاكه كافة الإمكانات والقدرات للسيطرة عليها، وتوقع النتائج التي يريد.
2. الحاجة إلى الاعتماد على الذات: وهي الحاجة إلى رؤية الإنسان نفسه قادرًا على اختيار السلوك الذي يريد، دون أن يتأثر بالقوى الخارجية.
3. الحاجة إلى الارتباط: وهي الحاجة إلى أن يدخل الإنسان في أنشطة يعتني فيها بالآخرين، ويعتنون به، ويشعر بالإرضاء من خلال علاقاته الاجتماعية.
فهذه الثلاثة احتياجات تصلح أن يعتمد عليها المربون عندما يغرسون الدوافع الداخلية في الأطفال، ولاشك أن المهمة ليست سهلة ولا يسيرة، ولكن عظم الهدف يهون على السالكين صعوبة الطريق.
الركيزة الخامسة: الهوية القيمية :
وهي أعلى درجات التربية القيمية، فلا نكتفي فيها بإخراج طفل اعتاد على المحافظة على القيم، إنما يتعدى ذلك لتصبح القيم هي رسالته في الحياة، فيهب لها حياته، ويرصد لها وقته وإمكاناته وطاقاته.
إن كل أمة تحتاج لبضعة أفراد من أبنائها، انخلعوا عن ذواتهم الشخصية، ونذروا أنفسهم لمصالح الأمة العليا، وأهداف مجتمعاتهم السامية، فتقوم على أكتافهم نهضتها وحضارتها.
وحين نتكلم عن الهوية القيمية، ونبحث لها عن رواد وأمثلة واقعية، فلا ريب أن المجتمع الإسلامي الأول يطرح نفسه وبقوة باعتباره أكثر مجتمع توفرت فيه هذه النماذج الرائدة، التي نذرت نفسها لإعلاء كلمة الله، لا يبتغون من ذلك منصبًا دنيويًّا أو رفعة بين العالمين، إنما الذي حرَّك أفئدتهم وأشعل حماستهم هي القيم العليا، التي زرعها فيهم كتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وهذا ربعي بن عامر، يلخِّص لنا معنى الهوية القيمية، ومعنى العيش من أجل رسالة عظيمة وغاية نبيلة، حين يقول لرستم قائد جيش الروم، رادًّا على سؤال: (ما الذي جاء بكم؟)، فقد جاء الرد مفعمًا بكل دروس المدرسة العظيمة التي تخرَّج منها، وهي مدرسة النبوة، قال: (الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) [البداية والنهاية، ابن كثير، (7/39)].
إن هذه الكلمات حيَّة نابضة بالرسالة القيمية، التي يحملها هذا الصحابي بين جنباته، وإن مجتمعنا الآن وهو يحاول أن يبحث طريقًا للنهضة؛ لابد أن يعي أن عدم وجود هؤلاء الأفراد يعني أن هذا الحلم ما زال بعيدًا.
حاول أن تقوم بهذه التجربة:
ائت بورقة بيضاء وقلم، ثم حاول أن تعرِّف نفسك في عبارة لا تتجاوز العشر كلمات.
إن كل إنسان بعد أن يكتب اسمه، يحتار في تعريف نفسه بهذه الكلمات الموجزة، فربما يقوم بعضنا بأدوار كثيرة في حياته لكن لا يعني ذلك أنها جزء من هويته، أو جزء من شخصيته، بينما هناك أدوار أخرى يعتبرها الإنسان هي هويته، وهي المعبِّرة عن قيمه واعتقاداته الكبرى.
فمثلًا؛ قد يكون إنسان له اهتمامات رياضية، وهو يعمل مهندسًا، كما أنه رب أسرة مكونة من زوجة وثلاثة أولاد، وله كذلك أنشطة خيرية، فهذا الإنسان له عدة اهتمامات وأنشطة، لكن لو سألته بصدق: (ما هي هويتك الحقيقية؟ ما هي الأنشطة المعبِّرة عن اهتماماتك؟)، سيقول: (أني رب لأسرة)، ولذلك سوف تجده يبذل كل ما يستطيع لتحسين مستوى معيشة الأسرة، وتجد اهتمامه ومشاعره منصبة على أسرته، يهتم بأمرها، ويحزن لحزنها ويفرح لفرحها، وهكذا.
وكلنا يحمل هوية يتمثل فيها أهم الأنشطة التي يعتبرها أساس شخصيته ورسالته في الحياة، فإذا أردنا النهضة والريادة فلنجتهد في إخراج أجيال يعرِّفون أنفسهم على أساس رسالة القيم، ويعتبرون هويتهم الحقيقية ليست في عمل ولا ثروة ولا تقبل اجتماعي، إنما هويتهم الحقيقية في أنهم يحملون رسالة عظيمة، وقيم نبيلة، يرون أن يبذولوا أوقاتهم ومجهودهم وأموالهم، بل وربما حياتهم، من أجل الدفا ع عن تلك القيم ونشرها بين العباد، ومن هنا يأتي السؤال الهام؟ [كيف تغرس القيم في طفلك، د.محمد صديق].
وفي الأخير، ينبغي على الآباء أن يهتموا تمام الاهتمام باحتياجات الأطفال ودراستها، ويتفهموا جيدًا دورها الفاعل وتأثيرها على الحافز القيمي، حتى يتمكنوا من بناء منظومة قيمية سليمة لدى أبنائهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.