لقد أخطئت قناة الجزيرة حين عينت السيد التميمي لمواجهة السيدOskar Freysingrفي برنامجها المكنى: الاتجاه المعاكس. لقد أبدى المناظر للطرح اليميني المتطرف ضعفا فادحا باعتباره فاقدا لمقتضيات الواقع السويسري و تحديدا في المجال اللعبة السياسية و التي أجادها بكل مكر UDC أثناء الحملة الانتخابية. لقد ارتكبت الجزيرة عين الخطأ المتبع من طرف السلطات الفيدرالية السويسرية والمتعلق باستبعاد الشريحة المثقفة من الأجانب المالكين لثقافة الأصل إضافة لإجادتهم لثقافة المحل السويسري، فهذه الجهات الرسمية يمكن أن تدمج في برامج الاندماج كل شيء إلا هذه الطبقة المثقفة، اللهم إلا إذا كان الاستعانة بأفراد يزداد بهم الوضع قتامة وحزنا من أمثال القائم السابق بقسم القانون العربي و الإسلامي في المعهد السويسري للقانون المقارن بلوزان. لقد تم استخدام أرقام مغلوطة في السابق متعلقة بمسلمي البلقان في سويسرا من طرف اليمين دون أن تتحرك السلطات المعنية، و دون اي اتصال بمثقفي هذه الطبقة الاجتماعية المساهمة بفاعلية في بناء الاقتصاد السويسري لإيجاد حلول و مخارج. بنفس الآلية الإقصائية جرت أحداث الحلقة المشار إليها، حيث أجاد ممثل اليمين التمثيل ، اذْ بَدى رصينا على غير عادته، حكيما و ممثلا للديمقراطية المباشرة السويسرية، و لعل الأخطر في مداخلته أن يتحدث ضمن دائرتين منعزلتين: الأولى متعلقة بدائرة "نحن" والثانية بدائرة "هم" المسلمون مطبقا في ذلك richtig graben لقد عجزالسيد Oskar أمام مواطنه السيد طارق رمضان ان يستخدم هذه الآلية ، فلا يمكن بحال أن نتحدث عن دائرتين منفصلتين باستخدام ضمر الحاضر "نحن": السويسريون و "هم" بضمير الغائب المسلمون، فالمسلمون هم جزء من الوطن السويسري يقاتلون و يدرؤون الإخطار عن سويسرا الغالية لديهم.لقد أفلح السيدOskar Freysinger في رسم هذا الحدّ، حيث أقصى المسلمين من الدائرة الوطنية وتحدث عنهم كطيف غريب بصيغة "ما على المسلمين أن يفعلوا أو لا يفعلوا". بخبث سياسي بليد حاول السيد Oskar أن يحيد عن خطه الهجومي على قيّم الإسلام حيث أبدى مرونة على غير العادة . لم يتعمّق السيد التميمي أيضا في رفع ورقة التوت التي يستخدمها اليمين السياسي في معادته للاجانب عموما و المسلمون بوجه التخصيص حيث دأب هذا الفصيل السياسي إثارة أشباه القضايا و ذلك بقصد تصفية حسابات مع قضايا أخرى، اذْ أن ملف الصوامع ما كان في يوم من الايام من مطالب الحضور المسلم في السويسرا، و لكن القضية الأمْ محصورة في حسم وجود الإسلام كهوية من خارطة الهويات الموجودة و من كونه يمثل مكونا من مكونات الهوية لعدد كبير من مواطني سويسرا. اكتفى السيد التميمي بوصف متحدثه بالنازي و لم يشرح خطر هذه النازية الجديدة، إذ كان من الأولى شرح تحول المشروع اليميني من مرحلة إشاعة ثقافة الخوف إلى يمكن أن يُخلع عليه "بمأسسة التهديد" و هناتكمن مرابض الخطر، إذ لم يعدْ الخطاب مجرد سبّ و شتم بل تعداه إلى نصوص لها مواقع متقدمة في التشريع الوضعي و تحديدا القوانين الدستورية. تلقاء هذه "المأسسة التشريعية لمادة نازية وجب مقابلةً مأسسة المشروع المضاد و ذلك باستحداث آليات لحماية الأجانب و المسلمين في سويسرا أمام عجز النظام القانوني الداخلي في تحقيق الغرض. إضافة لهذا كان أوْلى بالسيد التميمي أن لا يلقي بلائمة كلية على UDC بل أن الجمعية الفيدرالية المكونة من المجلسين لم تتحرك بمقتضى المادة 139 الفقرة الثانية من الدستور الفيدرالي، إذ كان بإمكانها إلغاء المبادرة الشعبية بالكافة أو جزئيا أو صياغة مشروع مضاد حسب مقتضيات المادة 139ب من الدستور السويسري لمخالفة المبادرة الشعبية للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام حسب تصريحات كل أساتذة القانون الدستوري بسويسرا من أمثال استاذنا pascal Mahan و بذلك يمكن مساءلة الطبقة السياسية السويسرية أيضا في مثل هذا المقام. كل هذه المواضيع و أخرى كانت ستُحرج ممثل اليمين لو كان مناظره من الضحايا المباشرين لهذا الخط التشريعي النازي. إن عدد القانونين و السياسيين و المشتغلين في ميدان العلوم الإنسانية في تزايد كبير في سويسرا من المسلمين، فقد كان من الأولى على قناة الجزيرة الاتصال بالمعنيين إذ لا يعقل بحال أن يتحدث مسلم سويسري في الشأن البريطاني و الأخيرة تعج بالمختصين، فرسالة عتاب إلى الجزيرة و إلى السيد التميمى الذي قبل إنابة محام في قضية يفقه ملفها أصلا و شكلا.