ماالدلالات السياسية التي يخفيها قرار المملكةالسعودية بادراج الإخوان المسلمين وفق طيف مروحة التصنيف الواسع على قائمة الحركات الإرهابية؟هل يمكن أن تكون المتكئات العقدية المشكلة للمرجعية السياسية لكلا الفريقين سببا للتخاصم والتنابذ رغم مايبدو أنه إتساق يستوجب التساند والتعاضد؟ماالتداعيات السياسية المحتملة لمثل هذه القرارات على الحركة وكذلك على الواقع السياسي داخل البلاد؟ في عمل تنز منه القذارة أقدمت زمرة آل سعود على توصيف الإخوان المسلمين ك""حركة إرهابية"" خدمة لعصابة الإنقلاب في مصر لإكمال مسلسل الردة الذي حملت كبره وعملت على رعايته من أجل قتل كل بذرة حلم تحرري قد تسكن روح الشعوب.وهو إضافة جديدة لكل الذين لازالت غشاوة البصر والبصيرة تمنعهم من أن يخبروا حقيقة هذا الحكم القبلي الموغل في البدواة. إن عمل قبيلة آل سعود في حقيقته استباق لكل عمل مخالف ومصادرة لكل رؤية تنازعها شرعية التمثيل لإسلام سني في غير تفسيرها المحتكر للصيغة والصبغة.ورفض لكل مساءلة نقدية قد تنطرح لقيمة المرجعية التي تتلفع بها لتزين للناظرين سوء حكمها وعفونته التي طوعت الدين خدمة لتأبيد حكمها من خلال فقيه سلطاني امتشق عدته الفقهية المتوارثة العابرة للأجيال في صلافة مبهرة حصرت عمل الأفهام والعقول فيما لايتجاوز المنقول دونما الوصول الى أعماق الأصول.وهو مصادرة لكل مشروع يعمل على تنزيل الإسلام عبر تطبيقات مجتمعية أكثر مقبولية وصدقا لدى الجماهير العريضة للأمة,والذي باستطاعته فضح النموذج الكاذب والزائف للتمثل الذي تتدثر به هذه العائلة القبلية وفقا لمسلسل سطوها المبارك,وتخندقا بشرعية دينية ذات القراءة الأكثر تخلفا عن قيم الدين الحقة والأصيلة,والأشد إيغالا في جاهلية العقل والفكر والسلوك.ورؤية كهذه هي ما تحمله أجندات كبرى الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي في صلب مشروعها الحضاري الموسوم بالنهضة عنوانا لبغية ومنية الإرتقاء بالوطن والأمة والإنسان. فنظام آل سعود لن يقبل بأي نموذج حكم إسلامي آخر ينبع من أطراف وهوامش الأمة يكون حاملا لبعض آمال الفرد المسلم في الإنعتاق والتحرر من أسر العبوديات السياسية القائمة,لأنه طرح لبدائل من خارج واقع التصنيفات السياسية الحاكمة المعتم قهرا وظلما وجورا,وهو تشكيك في كل المشروعيات القائمة. فلن يتم السماح ببزوغ مثال مغاير يستلهم القبم التحررية كخطوط كبرى ضمن أدبياته الفكرية والسياسيةأو بروز نظر يسقط فكر التغلب الذي اتكأت عليه هذه القبيلة بشرعنة إفتائية فاجرة،وإحباط لكل محاولةانتهاج لمسلكيات سياسية تمنح المواطن او تعيد اليه حقه الأصيل في اختيار حاكمه مما يجعل السلط الحاكمة في أقطار الامة والتي تتمترس بالشرعية الدينية تنحصر عنها تلك القداسة.لذلك يبدو الصراع في حقيقته الكاشفة صراع خطاطات العمل وإقصاء لنماذج تدبير سياسي أكثر قدرة على حمل الهم المجتمعي عبر تنزيلاته وفي تجلياته الماثلة،ومن أراد الأدلة فلن يعدم الشواهد الدامغة من أفغانستان الذبيحة إلى الجزائر المكلومة مرورا بمصر المغدورة واليمن المسروقة تورثها وغزة المحاصرة والصومال المفجوعة وسوريا المكومة بالحطام والأشلاء.لذلك فإن خلع شعارات القداسة على ممارسات الحكم العفنة لهذا النظام تفضحها سلسلة الفواجع التي لحقت بالأمة-ماذكرنا آنفا ومالم نذكر-والتي كانت له اليد الخفية والقذرة محركا لأوارها مستصحبا منظومة فقهية سلطانية متحجرة توقع إفتئاتا على الله شهادات الزور تمكينا لطغيانه في الأرض ومكبحا لكل نفس تحرري.
إن الخطأ الكبير الذي تم إقترافه من قبل حركة الإخوان المسلمين، والذي ربما يرتقي إلى مستوى الخطيئة الإستراتيجية، والذي قد ينسحب على الكثير من قوى الأمة التحررية الصادقة هو في أحد وجوهه عدم وعي اللحظات التاريخية الفارقة من مصير الأمة التي تمكنت فيها من الوصول إلى مراكز الصدارة، وهل هو بالفعل كان فجرا صادقا لميلاد زمن التمكين أم أنه لم يكن إلا مكرا مقصودا يراد بوجودها وبمشروعها، أما في أحد وجوهه الأخرى فهو تهوينها لحجم الحمل التاريخي الذي تحمله وتتقدم به إلى العالم عبر رؤيتها الحضارية الحاملة لمشروعها في السياسة والثقافة والإجتماع والإقتصاد، ولربما غياب وعيها وسوء تقديرها لخطورة ماتقدم عليه من طرح لنموذج مختلف في الحكم لن تسمح بتحققه الكثير من أنظمة القهر في هذه الأمة،ومدى الإشكالات التي يمكن أن يطرحها إن على مستوى الداخل أو على صعيد الإقليم الجغرافي المجاور.ربما كان توهم المقبولية المرتجاة من إخوة تجمع بينهم وحدة المنبع والمنهل هو ما ألقى خدره في قدرة الفعل فأحبط لديها التحوط ليغرقها في رغائب حسية مشتهاة. لايدل هذا الفعل-توصيف الحركة بالإرهاب- إلا على مدى الغباء المستحكم الذي شد وثاقه،واستحكمت حلقاته فأحاطت بعقول القوم خناقها،فإلمامة يسيرة ولو كانت عجلى لشواهد التاريخ التي خلفتها نماذج لتجارب عديدة مشابهة كانت لتغني هؤلاء عن انتهاج ذات المسالك المفضية إلى نفس المصائر المحرجة،فالفكر الإنساني لايمكن القضاء عليه تجريما له بسطور تكون القوانين صيغتها المملاة,فالفكر في ساعات العسرة يتبرعم أكثر,وفي مسارب الضيق المفروضة قسرا يغدو أكبر وأقدر.وهو بتخلقه داخل فضاءات الوعي يكون عصيا على الإقتلاع.وباعثا على أن يكسب زخما أكبر وعنفوانا لم يكن في الوسع تحققه في لحظات الدعة والخمول.من هنا تصير مفاعيل الإرتداد السلبية للمكر السئ تؤوب على مفجر هذه القبائح التي لاتليق بمن يدعي حمله لثقل روحي هو بالأساس ماكان يستوجب رفده للتجارب الشبيهة والتي تمثل مشكاة الأستلهام منبعها الموحد. يبدو مما سلف أن رهان الأمة في حراكها الثوري على فكر يكون الدين وعاءه الحاضن من أجل إحداث إنفراجات كبرى لمضايقها التاريخية قد أظهر مقبولية معتبرة لحاملي مشاريع النهوض ذوو التجذر في التربة العميقة الساكنة ضمير وروح الأمة. فالمظلومية التاريخية التي تجلل تاريخ كل فئة مستضعفة هي مايكسبها شرعية الوجود والإستمرار,وإن ثباتها على النهج بيقين راسخ هو ما يبطل مكر كل مستكبر في الأرض.