العائدون إلى حلبات الصراع السياسي هم الذين كانوا يعطون الأوامر الواضحة لزبائنهم أيّام كانوا في الحكم بتعذيب هذا حتّى الموت واستعمال النجاسة مع هذا حتّى الإذلال واستعمال زوجة هذا حتّى الإكراه على الاعتراف بما لم تقترف يداه واغتصاب زوجة هذا أو أخت هذا أو أمّ هذا حتّى يكره هذا الوجود ويفقد العقل وترتكب أمّه أو أخته أو زوجته ما به تنسّى آثار جريمة المجرمين!... وقد كان هذا وهذا وهذا جميعا إسلاميين ولكن لم يكن - للحقيقة - من بينهم القادة الكبار فالنّظام وإن سفل ظلّ يكنّ احتراما استثنائيّا للكبار!... لمّا جاءت الثورة طالبت بالكرامة وباسترداد الحقوق وتحقيق العدالة بين الجهات وبين النّاس وفي المجتمع. وبديهيّ أنّ ذلك لن يكون إلّا بالقصاص من أولئك المجرمين الفاسدين اللّاإنسانيين الذين خنسوا في البداية يرقبون ثمّ ما لبثوا أن عادوا متبرّئين ممّا عملوا وقد ألقوا ذنوبهم كلّها غير مبالين!... وإذا مُدح العفو والعافون، فما كنت أحسب أنّ الذي عفا قد ينسى بسرعة البرق ما حصل له، ولا سيّما في عِرضه، فيبادر إلى عدم المطالبة بالقصاص!... غير أنّه إذا حصل ذلك لحسابات لا أراها بالمرّة لنصرة أخلاق المسلمين، فإنّه لا ينبغى أن يتجاوز العفو عدم القصاص إلى المجالسة والمؤانسة والمضاحكة والملاعبة فيما يُعرف بالوفاق الوطني الذي بدأ مهندسوه يطمحون إلى تصديره يرجون به ربّما رفعة عند النّاس يحسبون أنّهم بها قد ينجون من مكرهم!... شخصيّا أستغرب فأتساءل معتذرا: كيف يمكن لإسلاميّ أن يجلس مع مجرم تجمّعيّ أو دستوريّ وهو يعلم أنّه قد أعطى الأوامر ذات يوم باغتصاب زوجته أو أخته أو أمّه!...
ولذلك فإنّي لا أستنكر تصويت حركة النّهضة - كما بدأ التسويق لذلك - ضدّ قانون تحصين الثورة فقط، ولكنّي أعتبره خيانة لنا ولنضالاتنا وخاصّة لنضالات نسائنا... ومن لم يسارع إلى إقصاء المجرمين فليس أهلا كي يُستأمَن على أعراض المسلمين، وليس أهلا كي يحوز كما كان يحوز دائما على احترامنا!... أرى التصويت ضدّ قانون تحصين الثورة غياب مروءة وتعدّيا صارخا علينا نحن الصغار المغتصبة نساؤنا المجلودة جلودنا المشتّتة عائلاتنا المزهوقة أرواحنا الميتين موتا بطيئا قد يسرّعه هذا السلوك. وأدعو بحرص استثنائيّ إلى التقليل من حسابات مع البشر لا يُراعى فيها اللقاء مع ربّ البشر... والله من وراء القصد عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك 15 مارس 2014