انتخاب يوسف البرقاوي وزكية المعروفي نائبين لرئيس المجلس الوطني للجهات و الاقاليم    منها 617 م.د بيولوجية...عائدات تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1 ٪    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    هل تم إلغاء حج الغريبة هذا العام؟    شهداء وجرحى في غارات للكيان الصهيونى على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    كأس تونس .. بنزرت وقفصة يعبران ولقاء جرجيس و«البقلاوة» يلفت الأنظار    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    القصرين...تلميذ يطعن زميليه في حافلة النقل المدرسي    رئيس الجمهورية يُشرف على افتتاح معرض الكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألا تكون تاجرا بدينك مع مصرف الرحمان؟
نشر في الحوار نت يوم 20 - 03 - 2014

التجارة بالدين على خلاف ما هو سائد بيننا من أمارات المهارة وعلامات الشطارة ويكفيك في ذلك قوله سبحانه في موضعين من الذكر الحكيم :“ هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم" و كذلك قوله :“ إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ". وفي غير هذين الموضعين فلا أثر لذكر التجارة بالدين إلا التجارة بالدنيا في مثل قوله سبحانه :“ وإذا رأوا تجارة أو لهوا إنفضوا إليها ..“.

سؤال الفطناء هو : لم سمى العبادة تجارة.
من يسأل نفسه ذاك السؤال من بعد تلاوته لذينك الموضعين فهو الكيس الفطن وهو النبيه المتدبر. ذلك أن تكنية العبادة والتدين والعلاقة مع الله تعالى بصفة عامة بالتجارة لا بد أن يحمل دلالات كبيرة وكثيرة تجعل التالي متأنيا متريثا لا ينقر تلاوته بمثل ما ينقر صلاته. الجواب عندي هو أنه سبحانه كنى العبادة والتدين سيما في حقول الإنفاق والتلاوة والصلاة ليشعرنا بأن المشهد الإسلامي التعبدي هو مشهد تجاري قح له مركبات المشهد التجاري الدنيوي الذي نعالجه أي رساميل وأمل في الأرباح وخوف من الخسائر وحرص وتوكل وأخذ بأسباب الفلاح وتوق لأسباب الإفلاس وتعاون مع الشركاء والحلفاء وضرب في الأرض وغير ذلك من مركبات المشهد التجاري الدنيوي بأسره. يريد أن يعلمنا سبحانه أن السعي إلى الآخرة يمر بالطريق ذاته الذي يمر به السعي إلى العاجلة أي طريق التجارة وفي التجارة دأب وجد وكد وعمل وحسابات وتدبرات وتخطيطات.

أخصب حقول التجارة بالدين أربعة.
هي أربعة حددها الكتاب العزيز الهادي ذاته وهي : الإيمان بالله كما ورد في آية التجارة الأولى في سورة الصف أي :“ تؤمنون بالله ورسوله ". وهي كذلك الجهاد بالمال كما ورد في السورة ذاتها والآية نفسها :“ وتجاهدون بأموالكم وأنفسكم ". وهذا الحقل الخصب هو الذي تردد مرة أخرى في الموضع الآخر :“ وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ". ولم يتكرر حقل سواه في التجارة بالدين. وهي كذلك تلاوة الكتاب العزيز الهادي :“ إن الذين يتلون كتاب الله ". وهي كذلك إقام الصلاة :“ وأقاموا الصلاة ". أربعة حقول تعبدية دعينا إلى معالجتها بالطريقة التجارية. وهي الإيمان + إنفاق المال والنفس جهادا + إقام الصلاة + تلاوة القرآن الكريم.

كيف تكون تاجرا بإيمانك.
تكون كذلك بأمرين : أولهما بناؤه على أسس راسخة ثابتة صحيحة أي إيمانا خالصا لا تشوبه شائبة شرك لا من قريب ولا من بعيد من جهة بمثل ما ورد في سورة التوحيد الكبرى أي الأنعام في قوله :" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ". ومن جهة أخرى هو إيمان إيجابي فاعل بناء في هذه الدنيا إذ يكسب صاحبه الخير فيها والكلام ليس من عندي بل هو من عند واهب الإيمان سبحانه وذلك في قوله سبحانه :“ يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " ( الأنعام ). ورد الأمران أو قل شرطا الإيمان المتاجر في سورة التوحيد الكبرى أي الأنعام المكية. أما ثاني الأمرين ليكون الإيمان متاجرا فهو تجديده وذلك من بعد بنائه على الأسس الراسخة التي تقيه شوائب الشرك من جهة وتجعله فاعلا إيجابيا جلاب خير من جهة أخرى. تجديد الإيمان من تجديد الدين ذاته الذي ورد فيه الحديث الصحيح :“ إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". الإيمان نفسه يتجدد ولكن التجديد ليس تبديدا ولكنه إحتفاظ بالأسس الراسخة الأولى وتطعيمها بالهواء النقي المتجدد لتقاوم الأعاصير وتعيش زمانها ومكانها وتواجه تحدياتها المتجددة مع مطلع كل فجر جديد. تجديد الإيمان له صور كثيرة منها ملازمة الطاعة إذ الصلاة معراج روحي يجدد الإيمان ومثلها الإنفاق وما يقتضيه من صبر وشكر ومنها ملازمة الجماعة ولذلك فرضت صلاة الجماعة في يوم الجمعة ليس لغرض تعبدي في المقصد الأول ولكن لغرض تكافلي تعاوني إجتماعي فلما تدنى الفقه فينا أصبح المقصد من صلاة الجمعة تعبديا وأقول لنفسي دوما : من صلى الجمعة فسجد وركع وذكر ربه وتلا ولم يأخذ نصيبه من السلام والإبتسام والمصافحة والتعاتب والتغافر والتعارف وما يفضي إليه ذلك من تهاد وتعاون وتحابب وأداء واجب تهنئة أو فريضة تعزية .. من كان ذاك شأنه فما فقه من صلاة الجمعة شيئا ولا شك عندي في أن أجره عنها لا يتعدى حثالة الحثالة لأن الله تعالى سيبلو يوم القيامة ما تحمل رؤوسنا من حسن فهم لهذا الدين وذلك قبل أن يبلو قلوبنا. وذلك لأن الفهم مقدم أبدا على العمل ولأن عمل القلب أكثر أجرا أو وزرا من عمل الجارحة كما يقول العلماء. تجديد الإيمان إذن يكون بأمرين : ملازمة الطاعة قدر الإمكان وملازمة الجماعة كذلك قدر الإمكان فما جدد إيمانه من لازم ربه وتناسى آلام الناس من حوله وما جدد إيمانه من لازم ذلك ونسي ذكر ربه.

كيف تكون تاجرا بالمال.
من قرأ القرآن الكريم ولو مرة واحدة فلم يخرج بهذه الحصيلة الأولية فما وعب من تلاوته شيئا وليست تلك الحصيلة الأولية سوى أن الله تعالى لم يحضنا على شيء من بعد الإيمان ترسيخا وتجديدا بمثل ما حضنا على الجهاد بالمال الذي قدمه على الجهاد بالنفس دوما. أجل. تلك هي رسالة الكتاب العزيز الهادي لمن يطلع على هذا الكتاب ولو مرة واحدة. الرسالة هي : عبادة لا شرك فيها ( عقيدة وعملا) وجهاد بالمال لا لرزق اليتامى والفقراء والأرامل والمساكين ولكن لتزكية النفس وتطهيرها وتأهيلها للجهاد بالنفس ومن رحمته سبحانه أنه يسر لنا الأمر فدعانا إلى الجهاد بالذي هو أدنى وأهون على نفوسنا أي المال ولو دعانا إلى الجهاد بالنفس أولا لما أفلح منا في ذلك إلا قليل من قليل من قليل. من وعى ذلك فقد وعى الإسلام وفقه رسالته. من سوء فقهنا اليوم أن كلمة الجهاد لا تنصرف في وعينا وفي لاوعينا كذلك إلا إلى الجهاد بالنفس بمثل ما لا تنصرف الكلمة إلا إلى الجهاد القتالي وكأنه لم يتنزل علينا قوله سبحانه في العهد المكي :“ وجاهدهم به أي بالقرآن الكريم جهادا كبيرا". أمرنا مع الفقه أي الفهم والوعي أمر عجيب وغريب. أجل. أحببنا أم كرهنا لا يكون إنفاق المال إلا جهادا بل هو جهاد مقدم على كل أنواع الجهاد الأخرى وفي المواضع كلها في الكتاب العزيز الهادي. ألم يقل نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام لعثمان رضي الله عنه وهو يجهز جيش العسرة أي تبوك :“ ما ضر عثمان الذي فعل بعد اليوم". كأنه يريد أن يقول لنا : إذا كان الإسلام يجب ما قبله وبمثله الهجرة والحج فإن الجهاد بالمال يجب ما بعده. تلك هي الرسالة. هناك عبادات تجب ما قبلها وما بعدها وذلك من مثل صيام يوم عرفة وهناك عبادات تجب ما قبلها فحسب بمثل ما ذكرت آنفا وهناك عبادات تجب ما بعدها فحسب وهي عبادة الجهاد بالمال.
بقي أن أقول كلمة واحدة هنا وهو أن أفضل الجهاد بالمال هو : الصدقة الجارية. ذلك أن الصدقة الجارية لا ينقطع أجرها من يوم إيقاعها حتى يوم القيامة ولذلك دعني أؤكد لك هذا الفقه : لو أنفقت من يومك هذا حتى يوم موتك كل يوم درهما واحدا أي إنفاقا دوريا لا يتخلف بغض النظر عن المبلغ وعن دوريته وأنفق غيرك مثل ذلك بليون بليون مرة مرة واحدة فإن أجرك أكثر منه يوم الدين والدليل عندي في حديث الصدقة الجارية المتفق عليه بين الشيخين من جهة ومن جهة أخرى في حديث :“ سبق درهم مائة ألف درهم". ذلك أن الأمر في الإسلام سيما في مثل هذه مفهوم معقول ومبناه أن الصدقة الجارية أنفع للمحتاج حتى لو كانت قليلة والقاعدة الفقهية يتضمنها الحديث الصحيح :“ أفضل الأعمال عند الله أدومها وإن قل". وقالة العرب : قليل دائم خير من كثير منقطع.

كيف تكون تاجرا بصلاتك.
تكون كذلك بأمور منها : الدوام عليها والمحافظة ونبذ السهو عنها. دعني أقول لك ذلك بلهجتي الخاصة : إذا كنت تؤمن بالله واليوم حقا لا عبثا معبوثا فلا تشرقن شمس يوم أبدا البتة إلا وقد بادرت قبل ذلك بصلاة الصبح كائنا ما كانت الظروف فيك ومن حولك. ولا تغربن شمس يوم أبدا البتة حتى تكون قد سجدت لربك سبحانه سجدات الظهر والعصر كائنا ما كانت الظروف فيك ومن حولك. أما أمر العشاءين ( الأولى أي المغرب والآخرة أي العشاء ) فمبناه اليسر لأن الوقت فيهما موسع وفي كل الأحوال لا يبزغن فجر إلا وقد ركعت ركعات المغرب والعشاء. ليغش الأرض الطوفان من حولك. لتزمجر رعود الحرب من حولك. لتبرق السماوات حمما من حولك. لا مجال منك لتفويت أوقات ثلاثة : مبزغ الفجر دون صلاة العشاءين ومشرق الشمس دون صلاة الصبح ومغربها دون صلاة الرباعيتين المتتابعتين. تلك ثلاث مواعيد عليك ولا ضير عليك في سواها. إجمع وأقصر وإجمع بينهما ولا تركل بحذائك القذر رخصة ربك فإن ذلك يغضبه وهو يفضي بك إلى التنطع والغلو والهلاك. كل ذلك فيه نظر فتعلمه وخذ بأيسره ولكن لا تجتز تلك الأوقات الثلاثة حتى تكون مؤديا حق ربك عليك. مسألة الخشوع والقنوت في الصلاة مسألة مطلوبة ولكنها نسبية فلا يتوفر لأحد منا الخشوع كله ولا القنوت كله ولكن إليك هذه القاعدة الذهبية الخالدة : من أراد أن يكون خاشعا في صلاته قانتا فليكن في حياته من قبل ذلك كذلك خاشعا قانتا. لا تظنن نفسك زرا كهربائيا تقول لنفسك : كن خاشعا فتخشع. تلك طفولية. لا تنس حظك من صلاة الجماعة وأبهر مثال عندي لذلك هو أنك إذا دعيت من لدن مؤجرين : هذا يمهرك درهما واحدا عن كل ساعة عمل والأخر يمهرك عن كل ساعة عمل بمثل ذلك سبعا وعشرين درجة .. إذا دعيت من كليهما فاخترت أدناهما أجرا فلا تصل جماعة إلا يوم الجمعة وذنبك مركوز في جنبي أبوء به إلى ربي يوم القيامة وأنا المحاسب عليه وليس أنت. أذكر هذا الحديث الصحيح دوما :“ أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة صلاته ". فإذا كان ولدك غير الحائز على معدله المطلوب في مادة الرياضيات مشفوعا فيه من لدن مجلس الأساتذة فبمثل ذلك يشفع لك صيام أو زكاة أو حج أو جهاد ومعدلك المطلوب في الصلاة منقوص.

كيف تكون تاجرا بتلاوتك.
يظن كثير من الناس من التالين أنفسهم أن التلاوة مقصودة لذاتها وهو وهم شنيع. ليس هناك في الإسلام عمل ولا عبادة مقصودة لذاتها. ذلك أمر لا يمكنك فهمه حق الفهم حتى تدرس أجل. تدرس وليس تطلع موافقات الشاطبي. كل العبادات مقصودة لغيرها. خذ التلاوة مثلا. إنما يقصد بها الفهم عقلا وتزكية النفس قلبا والعب من علوم القرآن الكريم عبا وترويض اللسان على اللغة العربية السليقية الصحيحة ومقاصد أخرى. فمن تلا وظل ينهل من ذلك بما يسر له ربه سبحانه فهو التالي المأجور في الدنيا أما أجر الآخرة فيؤتيه ربك سبحانه حتى للتالي الذي لو سألته عن معنى " ألم " لقال لك : معناها بقرة أو حصانا. ولكن شتان بين أجر وأجر. هذا يؤجر أجر الطاعة وذاك أجر الطاعة وأجر الفهم. لذلك تجد اليوم في الناس كثيرين من التالين يستوون في خلقهم مع غير التالين والسبب واضح جلي ومفاده أن التالين يتلون بألسنتهم وعيونهم ولا أثر لذلك على عقولهم فهما صحيحا ولا على قلوبهم تزكية. دعني أقول لك بكلمة واحدة لا معقب عليها بإذنه سبحانه : القصد الأول والأعظم من التلاوة هو التدبر وذلك لأن التدبر يثمر زكاة في النفس وطهرا وفي العقل فهما ووعيا. فمن تلا غافلا غير متدبر فهو كمن يتلو كتابا غير كتاب ربه سبحانه. لو زعم أحمق بأن التلاوة مقصودة لذاتها لظل الإسلام عييا عن الفهم أو دينا لا علاقة له بإصلاح النفوس وإصلاح الدنيا. لظل الإسلام دين الدراويش الذين يهمهمون بآيات الكتاب كما يهمهم اليهودي الذي نراه في القدس الشريف حتى إذا فرغ من همهمته إنقض على الفلسطينيين يقتلهم. أي دين هذا الذي يأمر أتباعه بالظلم. إذا همهمت تاليا كتاب ربك فما إنتهيت عن إقتراف المظالم سيما في حق الناس لأن حق الناس لا يغفره الله ولكن يغفره الناس إذا أرادوا وما هم بمريدين يوم القيامة فإن همهمتك به كذب وغفلة.

مظاهر أخرى للتجارة الدينية مع مصرف الرحمان سبحانه.
1 من تلك المظاهر أن تتبع أجور الأعمال المنصوص عليها في الكتاب والحديث الصحيح لتظفر بأعلاها أجرا وأغلاها ثمنا حتى لو أفضى بك ذلك إلى إهمال أعمال أخرى أدنى أجرا. تلك هي عقلية التاجر المسلم. أضرب لك مثلا : الإنفاق أي الجهاد بالمال منصوص على ثمنه وهو سبعمائة ضعف. فمن قدم صلاة النافلة مثلا على الإنفاق عند تعارضهما فهو الأحمق حقا ومثله من قدم الحج نافلة وليس فرضا على الإنفاق فهو الأحمق المركب كذلك ومثله من قدم الصيام في غير الأيام المنصوص عليها من مثل عرفة وعاشوراء بله المفروض والمنذور .. مثله من قدم ذلك على الإنفاق فهو الأحمق كذلك. ذلك أن الإنفاق أثمن من كل ذلك وخاصة عند التعارض فمن توفق للظفر بذلك كله دون تعارض من عافية بدن أو فراغ في الوقت فلا تشمله تلك الحماقات. وإليك مثال آخر وهو عبادة الصبر التي أخبرنا أن الأجر عليها بغير حساب وخاصة الصبر على المصيبة وليس الصبر على الطاعة وعلى المعصية أي من قدم السخط على الصبر في مثل تلك المواضع فهو الأحمق المعقد ومثله الذي يطلب البلية لينال أجر الصبر بغير حساب فإذا إبتلي سخط. تلك أمثلة فحسب والمراد مني تذكيرك بالعقلية التجارية وليس المراد مني هنا إحصاء الأمثلة.

2 من تلك المظاهر كذلك أن تتبع أوزار الأعمال المنهي عنها في الكتاب والحديث الصحيح لتتجنب أرذلها وأكثرها عقوبة وإثما يوم القيامة حتى لو أفضى بك ذلك إلى إقتراف السيئات والصغائر واللمم وما سوى الكبائر بصفة عامة. أضرب لك مثالا : رأيت بأم عيني هاتين لما كنت أطوف بالمسجد الحرام قبل زهاء عقد ونصف رجالا يضربون بأيديهم جدار الكعبة للظفر ببعض الأتربة والأحجار ثم يظلون يمسحون بها جلودهم. قلت في نفسي : لو كان هؤلاء يتوافرون على إيمان صحيح سليم بمثل ما يريد ربك سبحانه فما فقهت أنا من هذا الدين شيئا وإذا كان ذلك كذلك فإن هذا العمل شرك حتى لو أتى به حجاج لبيت الله الحرام وخير لهؤلاء تعلم دينهم من أن ينفقوا أموالا وأبدانا وأوقاتا لأجل حج هو دون الإيمان الخالص من شوائب الشرك كلها بألف ألف درجة. ومن الأمثلة كذلك : قتل النفس بغير حق. والعدوان على حرمات الناس من أعراض وأموال وأبشار بغير حق. ذلك ظلم لا يغفره رب الناس ولكن يوكل أمره للناس أنفسهم في يوم تكون فيه العملة بالحسنات والسيئات. ولذلك ظل حبر الأمة عليه الرضوان يفتي بعدم قبول توبة القاتل وهو يخالف الصحابة كلهم وحق له ذلك فهو حبر الأمة وترجمان القرآن. المهم ليست الأمثلة هنا ولكن المهم هو أن التاجر المسلم يعمل على العلم بدرجات المنهيات لإجتناب أشدها وزرا ولا بأس عليه من إقتراف أدناها وزرا تبعا لوعد سورة النساء في شأن الكبائر.

3 المظهر الثالث الذي أختم به هنا هو أن التاجر المسلم يتتبع الحديث الصحيح ليعلم أن له بناء مشاريع إستثمارية عظمى تظل تدر عليه الحسنات وهو راقد في قبره وهي المشاريع الإستثمارية الثلاثة الكبرى التي نص عليها الحديث الصحيح عند الشيخين أي : الولد الصالح الذي يدعو لوالديه سيما من بعد موتهما أي مشروع الأسرة الصالحة والصدقة الجارية التي وقع الحديث عنها فيما أنف من كلام والعلم المبثوث في الصدور أو في بطون الكتب. فمن حرص على ألا يموت حتى يبني مشروعا واحدا على الأقل من تلك المشاريع الثلاثة الكبرى فهو الكيس الفطن وهو التاجر الشاطر الماهر الباهر بل لعله يظفر بإثنين منهما أو بالثلاثة ومن فرط في ذلك علما وعملا فهو الأحمق. فلا تموتن حتى تبني مالا تجعل منه صدقة جارية أو تبني علما تجعل منه فقها ووعيا وبصيرة وحكمة ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) فإن عجزت عن ذينك فلا أقل من أن تؤسس أسرة صالحة يولد لك فيه ولد صالح من ذكر أو أنثى ويظل يذكرك بدعائه من بعد موتك فتغنم خيرا كثيرا.

كن تاجرا إذن.
ودينك مبناه مفردات التنافس والمسارعة والمسابقة لأنك في حلبة إمتحان.

الهادي بريك تونس
28420944
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.