لجنة مشتركة تونسية سعودية    انقطاع جزئي للكهرباء بالمنستير    قبلي .. مؤشّرات هامة لانتعاشة سياحية    مع الشروق : «الإبراهيمية» تغزو الشرق الإفريقي    كاس امم افريقيا 2025: السنيغال يتعادل مع الكونغو الديمقراطية 1-1..    على هامش انتخابات اللجنة الأولمبية .. ... اغسلوا أيديكم من حلم «الديمقراطية» في الرياضة التونسية    مُصاب أم مطلوب في مصر؟ .. أزمة في «السي .آس .آس» بسبب هشام بكار    طقس بارد الليلة..وأمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر...المسرح التونسي ضيف شرف ب«الهاربات»    لقاء ثقافي لتقديم كتاب «كيف صارت صلّوحة صليحة؟ سيرة بين ضفّتين» بالكاف    ورشات موجّهة الى الطفل    جهاز استشعار للكشف عن السرطان    تراجع خدمات الدين الخارجي المتراكمة ب 13،8 بالمائة    الرصد الجوي: درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية متوقعة خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2026..    عاجل/ كأس أمم افريقيا: التشكيلة الأساسية للمنتخب التونسي ضد نيجيريا..    مسرحية "كحلة الأهذاب"... إنتاج جديد لفرقة مدينة تونس للمسرح احتفالا بذكراها السبعين    الدورة الثانية للمؤتمر الدولي حول التقنيات المبتكرة والذكية للمعلومات (IC3IT'26) في الفترة من 26 إلى 28 مارس 2026 بالحمامات    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    مجموعة الخطوط التونسية: تراجع طفيف في العجز خلال سنة 2022    المستشفى الجامعي شارل نيكول يحقق أول عمليات ناجحة بالفيمتو ليزك بتونس!    حامة الجريد: انطلاق مهرجان رجال الحامة في دورته الثانية    نجاح جراحة عالية الدقة لأول مرة وطنيًا بالمستشفى الجامعي بقابس    متابعة مدى تقدم رقمنة مختلف العمليات الإدارية والمينائية المؤمنة بالشباك الموحد بميناء رادس محور جلسة عمل    مدرب الكاميرون: "دربي إفريقي قوي بين الكاميرون وكوت ديفوار سيحسم على جزئيات"    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    عاجل/ اضراب بثلاثة أيام للبنوك..كاتب عام الجامعة يكشف ويوضح..    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ينتصر منطق التوافق على منطق التصامم والتنازع في العلاقة بين التيارين الديمقراطيين[1] اليساري والإسلامي بالمغرب* 1/3

يعكس تصديرنا لهذا المقال بسؤالنا هذا، تأكيدا على أن هذه العلاقة بين التيارين الديمقراطيين اليساري والإسلامي بالمغرب تعرف تأرجحا بين نزوح نحو مسار توافقي حينا وبين نزوح نحو مسار تنازعي حينا آخر، وأن هذا النزوح كلما كان توافقيا إلا وأثمر نتائج على مستوى تعزيز صف النضال من أجل الحرية والكرامة، وقد نلمس هذا الأمر جليا ولو في معارك نضالية جزئية من مثيل المطالبة بإطلاق سراح معتقلي سياسيين أو معتقلي الرأي (لجان التضامن)، أو من أجل التنديد بقرار مجهز على الكرامة والحرية (قضية دانيال)، أو في قضايا الأمة، أو في المجال الحقوقي (الائتلاف الحقوقي الواسع)، إلا أن هذه العلاقة النضالية لم ترتق إلى المنشود وهو الوصول إلى توافق سياسي تاريخي يثمر قطبا نضاليا وسياسيا وديمقراطيا ممانعا يقود معركة تحرير الإرادة الشعبية والحرية والكرامة، فهل ثمة إمكانية للوصول إلى هذا المنشود؟ وماهي عقباته؟ ولماذا لم تتطور هذه العلاقة خصوصا مع إطلاق شرارة تظاهرات الحراك العشريني نحو بلوة هذا التكتل التاريخي؟ هل للاختلاف الفكري المستعصي على إيجاد أرضية حوار مثمر في الآفاق والتطلعات النضالية؟ هل للاختلاف في الأسقف النضالية؟ هل للأحكام المسبقة المسجلة ضد الأطراف بعضها ببعض في غياب تفعيل قنوات للتواصل الفكري والسياسي؟ سنحاول الوقوف على هذه الأسئلة تشخيصا لواقع هذه العلاقة واستخلاصا لخلاصات تأسيسية لاستشراف واعد لعلاقة تكتلية ونضالية مثمرة وإيجابية لمعركة الإصلاح الديمقراطي.
أولا في تشخيص العلاقة الراهنة بين التيار اليساري والتيار الإسلامي بالمغرب
عرفت هذه العلاقة راهنا مدا وجزرا من حيث درجة تقاربها أو تباعدها ويمكن الوقوف عند المحطات التالية:
· أثناء انطلاق الحراك العشريني حصل نوع من التوافق الموضوعي بين الأطراف الداعمة للحراك الشعبي العشريني حول المطالب التي أعلنت عنها حركة 20 فبراير، وهي مطالب تمكنت أن تجمع كل القوى المناضلة حولها إسلاميين ويساريين،
· تطور هذا التوافق الموضوعي إلى توافق مؤسساتي لتدبير ودعم هذا الحراك متمثل في تأسيس المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير،
· سرعان ما سيعرف انكسارا بفعل تعدد المبادرات التي تسعى إلى تجميع المشترك وهذا التعدد أضر فعليا بتوحيد الجهود نحو توافق سياسي وكتلوي يزخم الحراك ويبوتق المجهودات في إطار جامع، هكذا سنشهد مبادرة الائتلاف المغربي من أجل ملكية برلمانية، وبيان التغيير الذي نريد وكلها مبادرات انتهت إلى الإعاقة ولم تستطع تحقيق المراد التكتلي المنشود،
· وفي تقديري كان بإمكان مبادرة مثل المجلس الوطني للدعم أن تتطور في الأفق وفي المهام لتصبح نواة أساسية لقطب تاريخي وديمقراطي ممانع المنشود في مرحلة الحراك،
· مما جعلها تكتفي بمهمة التنسيق الميداني دون توسيعه إلى مستوى تفعيل آلية الحوار لنقاش الآفاق ولتجسير الطريق نحو انبثاق تكتل سياسي ممانع بتفاهمات تاريخية لتدبير مرحلة الحراك ومابعد الحراك، في خلاصة توقف الوعي التكتلي عند مستوى التدبير الميداني واليومي للحراك السياسي والاجتماعي دون أن يتطور إلى تدبير استراتيجي،
· وستعرف حتى مبادرة مأسسة التنسيق الميداني للحراك انحصارا في الفعل النضالي الزاخم بعد انسحاب إحدى مكوناته الأساسية،
· ثم ليستكمل المسلسل التراجعي بتصاعد الخلافات الثانوية إلى الواجهة سواء في الإعلاء من شأن بعض القضايا (قضايا الحرايت الفردية) على حساب قضايا الإصلاحات الدستورية ومحاربة الفساد العمومي ومحاسبة المفسدين والجلادين وناهبي المال العام،
· ولتصطبغ هذه الحركية النضالية بعدها بلون إيديولوجي واحد بل وبلون سياسي واحد،
· وستعرف العلاقة بين القوى اليسارية والإسلامية المناضلة والمدعمة للحراك السياسي والاجتماعي توترا إضافيا بفعل المواقف المتباينة ممما جرى في مصر وتصفيق جزء من اليسار للانقلاب على الشرعية الديمقراطية التي أسهم فيها الكل (الانتخابات الرئاسية والنيابية)، بل وصمته عن مجازر الانقلاب العسكري بمصر، لتظهر في الواجهة أسئلة مرتبطة حتى بمدى اقتناع هذا الجزء من اليسار بديمقراطية صناديق الاقتراع وماتفرزه من نتائج في ظل انتخابات نزيهة وحرة وديمقراطية كالتي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير،
· هذه المواقف المتباينة كانت أيضا في تفاعل مع ما يجري في تونس ومسلسل الاغتيالات التي طالت بعض المعارضين اليساريين، إلا أن الأمر في تونس نحى منحى إيجابي بفعل التدبير الناضج للنخبة السياسية هناك للمرحلة وميلهم نحو التوافق عوض التنازع وإشعال فتيل الفتنة بين الفرقاء السياسيين،
على قاعدة التذكير بهذه المحطات نستطيع أن نقف على أهم المعيقات التي تحول دون تجسير علاقات إيجابية ونضالية مشتركة بين هذه القوى الحية وهي في تقديرينا كالتالي:
1. غياب التواصل مما يؤسس مصاحبة أحكام قيمة غير علمية ولا موضوعية على الأطراف بعضها ببعض؛
2. رهان بعض الأطراف على الاصطفاف الإيديولوجي بدلا من الاصطفاف الديمقراطي الممانع؛
3. اختلاف في آفاق النضال وسقفه بين من يؤكد على ضرورة تسقيفه سياسيا وبين من يريده مفتوحا؛
4. الإعلاء من شأن بعض المطالب النضالية الذاتية لأطراف معينة والإصرار على وضعها ضمن قائمة المطالب الكبرى المرتبطة بالتناقض الرئيس المتمثل في مركب الاستبداد والفساد والتبعية؛
يقودنا هذا التشخيص إلى تكثيف الأسئلة الجوهرية التي فرضتها المرحلة لاستشراف علاقة إيجابية بين تيارين عريضين في المجتمع ونجملها في التالي:
ماهي الديمقراطية التي نريد؟ هل هي ديمقراطية صناديق الاقتراع؟ أم ديمقراطية التوافق المجتمعي القبلي؟ أم هما معا؟
ماطبيعة الدولة التي نريد؟ وماهو شكل النظام المنشود؟ كيف نتصور الدستور الديمقراطي؟ هل يمكن أن نتغاضى عن دمقرطة شكل صياغته لصالح دمقرطة مضمونه؟ وماهو الشكل الأنسب لدمقرطته شكلا؟ هل هو المجلس التأسيسي أم الحوار الوطني أم هما معا؟ هل للدين مكانة في تصورنا لقضايا الشأن العام؟ وماهي نسبة حضور الدين في هذه القضايا؟ وماهو تصورنا لهذا الدين الذي ينبغي أن يحضر بنسبة معينة في قضايا السياسة والشأن العام؟ أين يتجلى الخطر الحقيقي للتحول الديمقراطي هل في معيق الاستبداد أم في قوى قد يعتبرها البعض معادية للديمقراطية؟ هل النضال من خلال سياق الحراك السياسي والاجتماعي شرط كاف للنضال الديمقراطي الراشد؟ وهل النضال من داخل النسق السياسي شرط كاف للنضال الديمقراطي الراشد؟ أم أن المزاوجة بينهما هو الشرط الأساسي والكافي لتفعيل استراتيجية النضال الديمقراطي الراشد؟
أسئلة قد تكون فرشا لنقاش الآفاق وكل أملنا أن نواجه الأسئلة الصحيحة قبل أن نبحث عن الأجوبة الصحيحة.

[1] نقصد هنا بالديمقراطيين الذين يقفان على أرضية الإصلاح الديمقراطي ولايعملان على تزكية أطروحة الاستبداد المخزني لادستوريا ولاسياسيا.
* المداخلة المكتوبة التي كنت سأشارك بها في ندوة مركز ابن رشد حول العلاقة بين الإسلاميين واليسار أية آفاق يوم الأحد 06 أبريل 2014، وتعذرت مشاركتي لأسباب تقنية مرتبطة بمنظمي هذه الندوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.