[أعوذ بك من الخبث والخبائث]، شطر دعاء علَّمَنَاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، نردّده عند دخول الخلاء (المرحاض)، أين يجتنب المؤمن الذّكر. وقد وقع عندي - بعد قراءة ما لم أستطع تصنيفه وهو بعنوان: "السويد: أفول نجم الإخوان المسلمين، وصراع نفوذ سعودي قطري يملأ الفراغ!" المنشور في موقع أخبار عرب بالسويد بتاريخ 02 جوان 2014 - تعميم هذا الدّعاء على كلّ مكان تمرحض (من مرحاض) بوجود العرب فيه!... فقد باتت وساوس الشياطين متوفّرة في كلّ مكان نزله العرب، وقد وجب التعوّذ من الموسوسين الخبثِ والخبائث!... يبشّرنا الكاتب - وقد استبشر - في بداية نصّه بأفول نجم الإخوان، وهو هدفُ أو أمنيّةُ كلّ ناقص مروءة أو عديمها تنفّس الصعداء بحضرة الديكتاتوريّة التي لم تجد لها من الديمقراطيات العميقة مقاومة تذكر. فقد بات الكلّ يتكلّم عن الإخوان ويحدّث نفسه بتسلّق هاماتهم مستعينين بالوضيعين عديمي الشرف الذين لم يقووا على قول كلمة الحقّ في وجه المجرمين الذين قتّلوا وحرّقوا وأبادوا وأصدروا الأحكام القاضية بشيطنة الإخوان وأرهبتهم... ليس رجلا ولا صاحب مروءة من صمت بالأمس وقت بزوغ نجم الإخوان وتكلّم اليوم وقت أفول ذلك النّجم (ولن يأفل بإذن الله تعالى) بمباركة الذين يقدّرون دور الإخوان في مقاومة الاستعمار ومعاداة الصهيونيّة التي يسمّونها الساميّة ومحاربة الفساد مرتع الرّذيلة ومعاداة الظلم المؤذن بخراب العمران. فقد كان يجب الوقوف مع الإخوان لمجرّد أنّ أفول نجمهم يعني بروز نجوم الدّيكتاتوريّة وقتل الحريّة والكرامة اللتين قامت من أجلهما الثورة في مصر. وقد كان الخطب محتملا لو تناول الإخوانَ المصريون الضعفاء داخل مصر خوفا من بطش العسكري العربيد، ولكن أن يتناولهم متنعّم بالحريّة في الغرب ومعايش للدّيمقراطيّة فيه، فهو لعمري ما يوضّح عدم تأثير المكان فيما أسميته التمرحض العربي!...
ثمّ يمضي الكاتب "خادما" للمسلمين في بلاد الغرب (ويحكي عن السويد) ليظهرهم مجرّد ساحات صالحة لمناورات أصحاب الأموال من سعوديين وقطريين وكويتيين دون أن يذكر الجنسيات الخليجيّة الأخرى مراعاة ربّما لعقدٍ كتب ما كتب بموجبه!... ولئن أخذ الكاتب من بلاد الإقامة مزيّة حريّة التعبير، فإنّه لم يأخذ منها حرصهم على التحرّي خوفا من الوقوع في الخطيئة، ذلك أنّ تناول أعراض النّاس في هذه البلاد ليس بالأمر الهيّن، ولكنّ كاتبنا انطلق بلا قيود لا توقفه الحدود متحدّثا عنّا نحن المسلمين كما لو كنّا أيتاما على مائدته اللئيمة!... فقد أرانا مجرّد سفهاء فاسقين يلهو بنا زيد وعمرو إرضاء لجشع رؤوس الأموال السعوديين والقطريين ورقصا على شعاع نجم الإخوان الخافت أو الآفل كما يشتهي!...
ليست كتابته تعبيرا عن جرأة كشف بها أسرارا لم يستطع كشفها إلّا بأفول نجم الإخوان، ولكنّ كتابته فيها الكثير من التعدّي على الحقوق العامّة للمسلمين وفيها الدسّ على المسلمين والدّعوة للسلطات المحلّية إلى جعلهم تحت المراقبة القريبة اللصيقة كي لا يكونوا معول هدم في الأيادي الخليجيّة التي ذكرها!... وأمّا من برز منّا في هذه البلاد من المسلمين وتميّز بقدرته الإداريّة والاجتماعيّة فقد أظهره الكاتب مجرّد لاهث وراء الشهرة التي لن تتوفّر له إلّا بخدمة النّجم الجديد غير الإخواني!...
وبرفض طريقة الكاتب وعدم قبول نفثه أقول: أنّه لا بدّ من التحرّي في علاقاتنا بالآخر ولا بدّ من حسن اختيار من يمثّلنا في هذه البلاد. كما أنّه لا بدّ من الشفافيّة المطلقة في التعامل مع السلطات المحلّيّة سويديّة كانت أم دانماركيّة أم غيرها، فنحن من سكّان هذه البلاد نرضى لها الخير الذي نرضاه لأنفسنا وندفع عنها المفاسد التي ندفعها عن أنفسنا وإن بدا للوصوليين المرحاضيين غير ذلك!... وعلى من يتعامل في الميدانين المالي والإعلامي بالخصوص الانتباه إلى مخاطرهما، ومن مخاطرهما أن تكبر عليه نفسُه فيصعب عليه قيادُها... ونسأل الله الثبات على الحقّ، وأعوذ بك اللهمّ من الخبث والخبائث ومن عمل الشيطان!...
عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك في 06 جوان / يونيو حزيران 2014