مع أجواء الفرح بالنصر التي تعيشها اﻷمّة اﻹسلاميّة بانتصار المقاومة في غزّة على جبروت آلة القتل والدمار الصهيونيّة فإنّ هذه اﻷمّة لن تنسى حرب الاستنزاف التي قام بها العدو الأكبر للأمّة في غزّة .. لن ننسى من سقط هناك على ثرى غزّة من شهداء، ولن ننس عوائل بأكملها أبادتها هذه اﻵلة المتوحّشة والمستشرسة لرؤية دماء اﻷطفال واﻷبرياء. لن ننسى المشاهد المروّعة التي استنزفت أعصابنا وقوانا حين كنّا نراها على الشاشات الصغيرة أو عبر الصحف والمجلات.. لن ننسى حيّ الشجاعيّة وخانيونس ورفح ولا برج الظافر والمجمّع الإيطالي والباشا ، ولن ننسى الصمود الذي تمتع به أهل غزّة .. لا يمكننا أيضا أن ننسى كيف كان رمضان غزّة وكيف جاء العيد على أهلها .. لن ننسى استشهاد الأطفال وهم يلعبون على البحر ولا الأطفال الذين كانوا يلهون بصيصانهم على سطح منزلهم ، ولا الطفل الذي انتشل من تحت الأنقاض وهو يرضع من أمه . لن ننسى ابنة القائد أبو شمالي التي سطرت أسمى معاني الصبر بعد استشهاد والدها.. لن ننسى أنّ غزّة ضربت بأكثر من 20 ألف طن من المتفجرات أي ما يعادل 6 قنابل نووية.
بالتوازي لن تنسى هذه اﻷمّة حالة الرعب التي سكنت نفوس الصهاينة وحركات النزوح والفرار إلى خارج فلسطينالمحتلة.. ولن ننسى إعلامهم الذي صرّحوا من خلاله مرارا بما يبرز نقاط الضعف التي يمتازون بها ويحاولون إخفاءها بكذبهم وإجرامهم .. لن ننسى أبدا ما كان ينشر عن الانقسامات الداخليّة لدى المغتصب، لن ننسى حالة الارتباك التي عاشها الصهاينة بعد خمسين يوما من الحرب .. هذا العدو الذي تكبد خسائر فادحة وأضرارا كبيرة يخشى إعلامه أن يعلن عنها بمصداقيّة حتى لا يصاب شعبه بهول الفاجعة نشر عبر صحيفة "يديعوت أحرنوت" إحصائيّة اعتبرتها الصحيفة أنّها إحصائيّة شاملة عن العدوان الشرس ضدّ قطاع غزّة، فأوردت أنّ سلاح الجو الإسرائيلي هاجم نحو 5085 هدفا على مدار خمسين يوما من القتال، إضافة إلى تجنيد نحو 80 ألف جندي احتياط عشيّة محاولة الدخول البري للقطاع كما صرّحت الصحيفة بأنّ الجيش الإسرائيلي لم يحقق أيّ انجاز خلال تلك العمليّة سوى تدمير عدّة أنفاق. ما يبرد القلب إضافة لما تكبّده العدو الصهيوني هو التراجع الضخم لمؤيدي بنيامين نتنياهو الذي عبّر البعض عنه بأنّه لم يعد يصلح كسياسي وانعدام الثقة بعد الوعود التي كان يعدها لشعبه والتي كانت ضربا من ضروب الخيال . لن ننسى كذب إعلام العدو حين صرح بمقتل 65 ضابطا وجنديا واحدا فقط و70 إسرائيليا خلال 50 يوما. ولن ننسى القبة التي اخترقتها صواريخ المقاومة، ولا حتى جنودهم حين كانوا يطلقون النار على أنفسهم خشية النزول إلى ساحات الوغى دفاعا عن الأرض التي سلبوها من أهلها.. لن ننسى أنّ الصهاينة هم من رفعوا رايات الاستسلام والرضوخ لمطالب المقاومة من أجل وقف إطلاق النار بعد الفشل الذريع وخيبة الأمل في كيفيّة إدارة الصراع بين أصحاب الأرض ومغتصبيها.. صحيح أنّ غزّة اليوم تلملم جراحاتها وحدها غير أنّها تعيش عيد النصر بمعيّة الأمّة كلها على من يسمي نفسه " الجيش الذي لا يقهر"، وهي اليوم أشبه بمئذنة مترفعة عن باقي البناء. تمام