عاجل/ هذه حقيقة الأرقام المتداولة حول نسبة الزيادة في الأجور…    4 إجراءات ديوانية تنجّم تعملها عن بعد بمنظومة ''سندة 2''    تحب تسهّل معاملاتك مع الديوانة؟ شوف الحل    عاجل/ هذا ما كشفته وثائق سرية حول اتفاق غزة..    سباق التسّلح يعود مجددًا: العالم على أعتاب حرب عالمية اقتصادية نووية..    المنتخب الجزائري: لاعب الترجي الرياضي لن يشارك في وديتي الزيمباوبوي والسعودية    مباراة ودية: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الموريتاني    توغاي يغادر تربص المنتخب الجزائري...علاش ؟    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    الجمعة: معهد باستور ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري    قطاع القهوة في تونس في خطر: احتكار، نقص، شنوا الحكاية ؟!    الأداء على الثروة ومنظومة "ليكوبا" لمتابعة الحسابات البنكية: قراءة نقدية لأستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي    عاجل: زبير بية يعلن استقالته رسميًا من رئاسة النجم الساحلي    الجبل الأحمر: 8 سنوات سجن وغرامة ب10 آلاف دينار لفتاة روّجت المخدرات بالوسط المدرسي    حادث مؤلم أمام مدرسة.. تلميذ يفارق الحياة في لحظة    خلال تكريمه في مؤسسة العويس : المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم ويتحدث عن معاناة البحث العلمي في البلاد العربية    عاجل/ بعد وفاة مساعد السائق: فتح تحقيق في حادث انقلاب قطار تابع لفسفاط قفصة..    أحكام بالسجن والإعدام في قضية الهجوم الإرهابي بأكودة استشهد خلالها عون حرس    بش تغيّر العمليات الديوانية: شنوّا هي منظومة ''سندة2''    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    سلوفاكيا.. سخرية من قانون يحدد سرعة المشاة على الأرصفة    تصرف صادم لفتاة في المتحف المصري الكبير... ووزارة الآثار تتحرك!    طقس الاربعاء كيفاش باش يكون؟    عاجل: امكانية وقوع أزمة في القهوة في تونس..هذه الأسباب    خالد السهيلي: "الطائرات المسيرة تشكل تحديا متصاعدا على "المستوى الوطني والعالمي    بعدما خدعت 128 ألف شخص.. القضاء يقرر عقوبة "ملكة الكريبتو"    مجموعة السبع تبحث في كندا ملفات عدة أبرزها "اتفاق غزة"    فريق تونسي آخر يحتج رسميًا على التحكيم ويطالب بفتح تحقيق عاجل    انقلاب قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي.. تسجيل حالة وفاة    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    تركيا: مقتل 20 جنديا في سقوط طائرة عسكرية    محمد علي النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية: دبلوماسية اقتصادية وانفتاح متعدد المحاور    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    3 آلاف قضية    وزارة الثقافة تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج الجولة الثالثة عشرة    كريستيانو رونالدو: كأس العالم 2026 .. سيكون الأخير في مسيرتي    بعد انقطاع دام أكثر من 5 سنوات.. عودة تقنية العلاج بالليزر إلى معهد صالح عزيز    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين المنامة وصنعاء ضاعت الشهادة لله
نشر في الحوار نت يوم 27 - 09 - 2014

ما أن أذيع خبر "سقوط" صنعاء حتى بدأت مواقع التواصل وبعض وسائل الإعلام المتخصصة في الفتنة والفرقة تتباكى وتنذر بالخطر المحدق الذي أخذ يحيط بالأمة من كل جانب، وذهب الدكتور عبد الله النفيسي الذي نحترمه جداً إلى شحذ همم بقية "اليمنيين" بأن دفاعهم عن اليمن ومواجهة الحوثي هو دفاع عن مكة والمدينة، وأن اتفاق التخادم الأمريكي الإيراني يتم تطبيقه في اليمن، والأمر جلل!!! بالإضافة إلى الألوف المألفة من التصريحات الأخرى المشابهة.
وفي خضم هذه التصريحات والتهويل الذي لا يزيد الأمة إلا تشرذماً وانقساماً وإذكاءً لنار الفتنة التي يبدو والله أعلم بأنها لن تنتهي إلا بانتهاء الحياة على وجه هذه الأرض، وقفت مشدوها وشككت في معلوماتي، فربما كان القوم يتحدثون عن "صنعاء" أخرى غير التي أعرفها والتي تُمثل عاصمة اليمن "التعيس"، أو ربما كنت في غيبوبة لفترة طويلة من الزمن جعلتني أحتفظ في ذاكرتي بصورة قاتمة لليمن تغيرت خلال تلك الغيبوبة!!
ولكنني وبمراجعة سريعة للعقدين الأخيرين والأحداث التي عرفها هذا البلد، المُغتَصَبْ الإرادة من جيرانه قبل أعدائه تأكدت بأن القوم يتحدثون عن نفس البلد، وهنا شعرت بالأسى الكبير والألم الشديد وانتابني التشاؤم الذي لم يدع للتفاؤل بصيص نور أمل في هذه الأمة ومستقبلها.
إن الإنسان إذا ترك "الشهادة لله" وأصبحت شهادته لمذهبه أو طائفته أو حزبه، فإنه يخرج من حيث لا يدري من دائرة الإيمان وحوبة هذا الدين الذي يقوم في أساسه على هذه الشهادة التي هي لب "العدل والقسط".
الغارات والدمار والجرائم التي سببتها الطائرات الأمريكية بدون أو مع طيّار خلال العشرية الأخيرة لا يعلمها إلا الله لأن إخواننا "الغيورين" على اليمن وصنعائه لم يهتموا بها ليوثقوها ويعمموها على العقول العربية المُغَيَّبة كما فعلوا مع أول يوم من "سقوط" صنعاء في يد الحوثيين "اليمنيين المسلمين" الأصليين أبناء البلد أباً عن جد.
اليمن الذي نعرفه لم يعرف الاستقرار، ولم تتوقف البنادق والمدافع فيه منذ أكثر من نصف قرن، حيث قُسِّمَ ثم أعيد توحيده ثم صار إلى وضعه الحالي، وكل ذلك تم بالنار ولا شيئ سوى النار..
اليمن الذي نعرفه، وأعتذر هنا لإخواني اليمنيين المسلوبي الإرادة، يُشبه تلك "المومسة" التي يتبادلها الزنّاة كل ليلة، فبين دول الجوار والعدو البعيد انهارت قواها ولم تعد قادرة على الوقوف، وبما أن هؤلاء الزناة عابرو سبيل ولا يبحثون إلا عن متعتهم الآنية ومصلحتهم الحيوانية، تركوها تئِّن وتموت ببطئ، مع تمسكهم بحقهم في مضاجعتها إن عادت شهوتهم اللاإنسانية.
اليمن تَقاَتلَ فيه الجميع، السنة فيما بينهم، وبين السنة والزيدية، وبين البعث والشيوعية، وبين النعرات القبلية الجاهلية... وكل ذلك كان بتدخل "يقيني" من الأصدقاء والأعداء بمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والدينية.
اليمن، شأنه في ذلك شأن جميع الدول العربية، كان "مملكة" تحت مسمى الجمهورية، فالسلطة وآل بيتها وأحبابها والمرتزقة على أبوابها كان بيدهم كل شيئ، والفقر المُدقع والتخلف يعُمُّ أرجاء البلاد والعباد حتى وصل بنا الحد أن نفتخر ببساطة البلد وعراقة عمرانه معتبرين ذلك قمة الحضارة والتقدم!!! وهذا سلاح المعدوم وزاده
اليمن باع وفقد بالقوة أجزاء هامة من أراضيه وأصبح من المُوبقات السبع ذكر هذا الأمر أو إثارته..والكثير الكثير مما لا يُمكن حصره ولا يُستحب ذكره تجنباً لملل القارئ.
ما الذي استجد اليوم بدخول الحوثيين "اليمنيين" إلى عاصمتهم صنعاء، كما دخلها ومَلَكَها من قبلهم القاصي والداني؟؟؟
هنا الفتنة والمحك، هنا الاختبار الرباني الحقيقي "للشهادة لله" : ماذا يريد هؤلاء المُنذِرين لليمن؟ يبدو والله أعلم بأن اليمن اليوم سيكون الحلقة الأخيرة في سلسلة انكشاف المستور وتعري المطمور بعد ما كشفت "الثورات" العربية الأخرى الكثير من الخفايا وأظهرت الناس على حقيقتها بعد أن زال "المكياج" القومي والديني والإنساني.
كنت دائماً أقول ولا أزال أُصر على ذلك: إن مقياس الحق ومسبار الصدق هي "البحرين وثورتها"... فمن كان يزعم بأنه مع الشعوب في البحث عن حريتها وكرامتها فليسمعنا صوته في البحرين وما جرى فيها لكي نُصدقه إذا هلل وكبر في سوريا وليبيا والعراق واليمن وتونس ومصر....
الجواب "المُقَوْلبْ" في أدمغتنا جاهز وفوري بالقول بأن ثورة البحرين من ورائها "إيران" لأن المنتفضين شيعة وهم يوالون إيران!!! وكأن المنتفضين في درعا وبن غازي وغيرهما تدعمهم ملائكة السماء وتسيرهم حوريات الجنة، وبما أن اللعب صار على المكشوف، فها هي السعودية تعترف بتدريب عناصر من "المعارضة" السورية فوق أراضيها لتكون مستعدة لتدمير ما تبقى من الأطلال السورية، وهنا من أجل المساعدة في نيل الحرية، في حين أن قوات السعودية ذهبت إلى البحرين لقمع المطالبين بالحرية.....
إنها الطائفية والمذهبية إذاً، فلماذا لا تسمون الأشياء بمسمياتها وتتلبسون بالحرية والديمقراطية والإنسانية وحقوق الإنسان؟؟؟؟ أليس لشيعة البحرين الحق في المطالبة بحقوقهم وهم مواطنون وليسوا مستوطنين؟
وهكذا فمن كانت شهادته لله فليقف مع حق الشيعة في البحرين والسنة في سوريا والبوذيين في التيبت ومع جميع من ثار ليتحرر، وأما من كانت شهادته لمذهب يعتنقه أو طائفة يتبعها أو دين يدين به، فلن يزيده ذلك إلا ضلالاً وكفورا. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " وما هو "العدل" إن لم يكن "الشهادة لله" ولله وحده؟
ونفس مُبرر الخوف والهلع ينطبق على اليمن، فمن منطق هؤلاء سيكون اليمن في يد إيران!! عجيب لقد كانت في يد السعودية وأمريكا فلم يزدها ذلك إلا دماراً وتخلفاً، فما الضير أن تُصبح في يد إيران لعلها تكون خير من سابقاتها، ولعلها تُكمد جراح هذه المنهكة وتعيد لها حيويتها وقواها، وإن ثبت العكس فالنتيجة تحصيل حاصل، لأننا هنا نتكلم عن اليمن وليس عن ماليزيا أو تركيا، فلن يكون هناك ما يُخاف من فقدانه..
وما حز في نفسي من تصريح الدكتور النفيسي مخاطبته الجزء "السني" من أهل اليمن بأنهم بدفاعهم ضد الحوثيين "المسلمين" فإنهم يدافعون عن مكة والمدينة!!!!
وهنا نقطتان هامتان، الأولى إن كان يقصد بأن الشيعة إن احتلوا الحرمين سوف تكون العاقبة وخيمة لأهل السنة، ومن المؤكد أن المساندين لهذا الرأي سوف ينتفضون ليذكرونا بالقرامطة وما فعلوه في مكة، فنقول لهم بكل لطف وهدوء، وما فعله اليزيد والحجاج وغيرهم "من أهل السنة" يفوق ذلك بكثير وقد سبقوا القرامطة في ذلك وكانوا قدوة لهم.
والنقطة الثانية أعذر فيها الدكتور النفيسي لأنه لا يعرف المعاناة والأضرار النفسية والجسدية التي يعاني منها جميع المسلمين باستثناء "الشعب الخليجي" في الوصول إلى بيت الله الحرام وقبر نبيه المختار عليه وآله الصلاة والسلام.
فالمواطن الخليجي وهو جالس يحتسي فنجان قهوة يخطر بباله أن يشغل سيارته ويتوجه إلى مكة والمدينة فيكون له ذلك دون أية عقبات أو موانع، وأما نحن المسلمون من الدرجة الثانية فيكاد أن يُصبح ذلك المكان المقدس، المخصص لجميع المسلمين بالتساوي، حُلماً قد يتغنى به شعراء الأجيال القادمة...
وعليه فإذا أردنا أن نتكلم بنفس المنطق فيكون احتلال الحرمين بالنسبة للنفيسي تحرير لهما بالنسبة لبقية المسلمين إلى إشعار آخر وثبوت العكس...
اللهم وحد كلمة المسلمين واجمع شملهم ونور بصيرتهم ليعرفوا عدوهم قبل فوات الأوان.

أحمد محمد أبو نزهة
24/9/2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.