في ظل المشاورات والمفاوضات الحثيثة,التي لم تهدأ وتيرتها على مدى الأيام الأخيرة ,بين بعض الأسماء المرشحة للانتخابات الرئاسية وحركة النهضة,التي تحول مقرها بمونبليزير بالعاصمة الى مزار للحالمين بقصر قرطاج والجلوس على كرسي الرئاسة باعتبار وزنها الانتخابي. وبعد مصطفى بن جعفر وسليم الرياحي من المنتظر ان تشهد الساعات القادمة اجتماع رئيس الحركة راشد الغنوشي بأكثر من مترشح للانتخابات الرئاسية بعد لقائه كذلك الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي الذي بحث معه السيناريوهات الممكنة لتجنب التغول والانفراد بالسلطة. خلافات ونقاشات وفي ثنايا المواقف المتذبذبة والمتباينة لقياديي الحركة حول هذه المسألة وعجز مجلس الشورى في اجتماعه الأخير على الحسم في الاسم الذي ستسانده الحركة في الانتخابات الرئاسية أكدت بعض المصادر ان هذا الاجتماع كان ساخنا وشهد خلافات ونقاشات حادة بلغت حد التلاسن. وفي الوقت الذي مازالت فيه بعض الأطراف داخل الحركة تدفع في اتجاه دعم الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي,باعتباره حليف الأمس القريب والاختيار الأفضل للمحافظة على مكاسب الثورة,اعتبر شق آخر ان حظوظه تبدو ضعيفة على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية واستطلاعات الرأي بما يدعو الى مزيد الترقب ودراسة مختلف الخيارات الممكنة في انتظار بلورة موقف حاسم بعد يومين. عدم كشف الأوراق وعاشت الحركة على مدى الأيام الأخيرة ,على ايقاع تناقضات وتباينات غير مسبوقة في التصريحات ,لتصدر بعدها بلاغات توضيحية تختزل في ان «حركة النهضة لا تحصر النقاش في أسماء بعينها من 27 مرشحا للرئاسة» ,وهي عبارة كررتها الحركة في أكثر من بلاغ إعلامي ,ولو بصيغ مختلفة .وكان لافتا ,ان قيادة الحركة حريصة على عدم كشف أوراقها الا في الوقت المناسب ربحا للوقت ,حتى «تتبين الخيط الأبيض من الأسود» لأن كل خطأ تقديري في هذا الوقت بالذات قد يكون له تداعياته غير المحسوبة على مستقبل الحركة في المشهد السياسي. ولئن اعتبر بعض الملاحظين والمحللين ,ان النهضة كانت بغموضها وضبابيتها وفية لأسلوبها و»تكتيكها» المعهود الذي قلبت بواسطته الطاولة على خصومها السياسيين في أكثر من «معركة» سياسية آخرها اختيار رئيس حكومة التكنوقراط في الحوار الوطني فان البعض الآخر أكد على ان الحركة أمام خيارين أحلاهما مر اما مساندة المنصف المرزوقي في مجازفة «غير مضمونة العواقب» وما قد ينجر عنها من «خسائر» سياسية أو دعم الباجي قائد السبسي مقابل مكاسب في الحكومة المقبلة وما قد يسببه من انشقاقات بعض قيادييها وغضب قواعدها في سيناريو قد يربك الحركة ويساهم في تصدعها وتفتتها. «نداء تونس» يكذب ورغم الغموض الذي طغى على الفقرة الأخيرة من بيان مجلس الشورى الأخير التي بدت للبعض مفتوحة على عديد التأويلات فان الحذر طغى كذلك على تصريحات قياديي الحركة تجنبا للخوض في أي توضيحات. وفي تصريح خص به أمس «الصباح» اكتفى وليد البناني بالقول «اننا نواصل مشاوراتنا مع المرشحين الذين يقفون على أرضية أهداف الثورة وسيكون الحسم في الاجتماع القادم لمجلس الشورى خاصة ان مبادرة مصطفى بن جعفر ستتضح نتائجها في الساعات القادمة». وفي ظل الحديث عن المخاوف من التغول والانفراد بالرأي الذي ترجمه البيان الأخير لمجلس شورى النهضة أكدت القيادية في نداء تونس بشرى بالحاج حميدة ل»الصباح» ان النداء بني منذ تأسيسه على الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية لا على التشفي والانتقام والتغول كما يروج له بعض الفاشلين في الانتخابات لان مشروعنا الوحيد هو استقرار تونس والنهوض بمؤسساتها .وشددت على ان نداء تونس لم يطلب من حركة النهضة مساندة الباجي قائد السبسي ولم يتفاوض معها كليا لا من قريب ولا من بعيد حول تركيبة الحكومة التي يبقى النظر فيها مؤجلا الى ما بعد الانتخابات الرئاسية على حد تعبيرها. ونفى عضو الهيئة التأسيسية لنداء تونس بوجمعة الرميلي في تصريح ل»الصباح» ما تردد حول المفاوضات السرية بين النهضة والنداء حول بعض الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة التي ينتظر تشكيلها بعد الإعلان عن الرئيس المقبل. دعم «ضمني» للسبسي؟ ورغم تردد النهضة في الحسم في الاسم الذي ستسانده في الانتخابات الرئاسية فان دعمها لمرشح نداء تونس الباجي قائد السبسي ولو «ضمنيا» تبدو فرضية غير مستبعدة في ظل رغبة الحركة في المشاركة في الحكومة المقبلة والحصول على بعض الحقائب الوزارية. ويتفق المتابعون للشأن السياسي ان اختيار الحركة في اجتماع مجلس الشورى الجمعة المقبل أخذ مسافة من كل المرشحين وعدم الدعم المعلن لأي مرشح هو في النهاية دعم «ضمني» للباجي قائد السبسي رغم نفي الطرفين الدخول في أي مفاوضات سواء بشأن تركيبة الحكومة أو الانتخابات الرئاسية. «تكتيك» الغنوشي وفي هذا الاختبار الصعب الذي تمر به النهضة تبدو حنكة ودهاء راشد الغنوشي في الميزان وهو الذي طالما هندس للحركة في محنها وأصعب مواقفها وان تعود على «التكتيك» وقلب الطاولة على خصومه في الأوقات الحاسمة فان مهمته هذه المرة تبدو صعبة لتعقد المعطيات لان بانتظاره «سيناريوهين» لا ثالث لهما اما نجاح «تكتيكه» والخروج بالانتصار أو على الأقل بأخف الأضرار واما ستكون الحركة في موقف صعب الأصعب منه التكهن بتبعاته وتداعياته على مستقبل الحركة في المشهد السياسي.هي مجرد أيام وتنكشف الأوراق..لننتظر.