لا ادعي انني محلل سياسي فذ ولكني متابع للشان السياسي والتقط علامات الخطر واحاول التنبيه اليها لمواجهتها قبل فوات الاوان. هناك حقيقة بادية امامي لا تحتمل الشك ولا تحتاج الى طول تدليل وهي انه: ليس امام نداء تونس خيار آخر غير الاستبداد. بل ان قدره هو ان يحول تونس الى قلعة دكتاتورية مغلقة يساق اهلها بالحديد والنار ليحافظ على موقعه في السلطة. وتفصيل ذلك هو: نداء تونس صنع انتصاره بلعبة قذرة بدات منذ تولي الباجي قايد السبسي رئاسة الحكومة عبر تلغيم الوزارت وخلق اوضاع اشكالية عسرت عمل حكومة الثورة. عمد النداء بعد نشاته الى تجميع كل القوى المعارضة للحكومة وقام بتوتير الاجواء وتشويه خصومه وتعسير مهامهم بتواطئ الاعلام والنقابات والمحيط الدولي وشماعة الارهاب الى درجة كادت تودي بالوطن جميعا. النداء لديه جوع مرضي للسلطة دفعه سابقا الى المغامرة بالوطن وسيدفعه لا حقا الى التضحية بجزء من ابناء الوطن للحفاظ على مكاسبه. النقطة الاهم هي ان شخصية الباجي قايد السبسي هي التي صنعت نصر النداء ووحدته، وموت الباجي او مرضه او عجزه سيؤدي الى تفتت النداء. ليس لدى النداء شخصية بديلة عن السبسي في مثل وزنه السياسي والشعبي ولا حتى نصفه او ربعه. وعي الطغمة حول السبسي بأن النداء سيبقى ما بقي السبسي وان غيابه يعني خروجهم من السلطة وعودة الاسلاميين اليها سيجعل استمرارهم في السلطة مسالة حياة او موت وسيحتم عليهم صناعة دكتاتور على شاكلة سيسي مصر يكون بديلا عن عودة الاسلامين ويؤمن استمرارهم في السلطة، وسيجندون لهذا الهدف الاعلام والارهاب والتواطؤ الاقليمي والشعبي والدولي. وسوف يكون الاطار هو شيطنة الاسلاميين وتحميلهم مسؤولية اوضاع البلاد والصاق ملف الارهاب بهم. امام هذا اتساءل: هل لدى النهضة برنامج او ضمانات لحماية ابنائها وحماية الديمقراطية في البلاد؟ لا شك ان الثورة فاجأت الاسلاميين وقذفت بين ايديهم كرة السلطة حامية فتلقفوها بارتباك ودون برنامج او استرتيجية فكانوا في اغلب الاحيان خاضعين للاحداث اكثر منهم فاعلين لها او فيها... كما ان عودة التجمع بهذه القوة لم تكن لهم في الحسبان ولم يستعدوا لها، وخوفي ان الارتباك سيسيطر على فعلهم السياسي من جديد وقد بدات بوادر ذلك تلوح في خطاب المهادنة الكلية للشيخ راشد وترديده لمفردات خطابية يستعملها الخصم.( اقرا مقاله في الشروق الجزائرية). ساعود للموضوع لا حقا ان شاء الله ولكني استبقه بان اسوأ غطاء يمكن ان نقاوم تحته عودة الاستبداد هو غطاء النهضة وزعاماتها او الإسلام السياسي عموما. سنمنح خصومنا ورقة رابحة يحاربنا بها وتسهل عليه عزلنا عن باقي القوى الوطنية التي تشاركنا هدف فرض احترام الدستور والحفاظ على الديمقراطية. علينا ان نجد غطاء آخر غير النهضة وزعمائها فكروا معي وساعود ان شاء الله. تنويه: لتتاكدوا من نوايا النداء وصواب ما قلته ارجعوا الى ما قاله عمر صحابو في حديثه لسمير الوافي حول الوضع الصحي للسبسي وكيف ان قيادات النداء يقولون: "هات اعطينا بركة ندخلو للحكم حتى شهر او شهرين وبعد يكون فم تاويل".