مقتل نائب أردني سابق ونجله على يد ابن أخيه    إعلام عبري يتحدث عن تهديدات لتصفية رئيسين عربيين    عالم يكشف السبب الحقيقي وراء اختفاء السفن في مثلث برمودا    قليبية.. سقوط إمرأة وطفلين من أحد الالعاب في ''المناج''    محاور قانون المالية 2026: تشغيل، عدالة تنموية، واستثمار في الطاقات المتجددة    الاتّحاد العام التونسي للشغل يردّ على السيناتور الأمريكي    عاجل/ ارتفاع ظرفي للحرارة خلال اليومين القادمين..وأجواء خريفية ممطرة يوم الجمعة..    المهرجان الثقافي بسيدي احمد زروق ..ندوات فكرية،مسابقات ترفيهية، وعروض فنية    للوقاية من السكري مع تقدمك في العمر... 3 خطوات عليك اتباعها    تاريخ الخيانات السياسية (59) ..الشطار والعيّارون لصوص وثوار 8    المهرجان الدولي للولي الصالح سيدي علي بن عون : جنجون في الافتتاح وعبداللطيف الغزي في الاختتام    بلاغ الجلسة العامة التقييمية والانتخابية    ما بقي من الدورة 66 لمهرجان سوسة الدولي...برمجة قياسية برؤية إصلاحية    عاجل: لتفادي الانقطاعات: نصائح عاجلة من الستاغ لترشيد الاستهلاك وقت الذروة    ارتفاع ملحوظ في عدد السيّاح الصينيين.. #خبر_عاجل    عاجل/ الصحة العالمية تحذّر: هكذا يمكن للحرارة أن تؤدّي الى الوفاة    هيئة الشارقة للكتاب تفتح باب الترشح لجائزة "ترجمان 2025"    الشبيكة: العثور على جثة شاب مطعون و الإحتفاظ بخالته وطفل عمره 15 سنة    اعادة فتح مكتب بريد ورجيجن من معتمدية بني خداش التابعة لولاية مدنين    بعد أشغال ترميمه : المعلم التاريخي جامع بن معزوز بجزيرة جربة يستعيد رونقه وبريقه    غار الدماء: سيارة نقل ريفي تضع حدا لحياة خمسيني    سهرة فلكية بمدينة العلوم لمواكبة الخسوف الكلي للقمر    الهيئة الوطنية للمحامين تتلقى 9 ترشحات للعمادة و42 ترشحا لمجلس الهيئة    قبلي: تقدم هامّ في عملية تغليف عراجين التمور رغم الصعوبات المسجلة في التزود بالناموسيات مطلع موسم حماية الصابة    عاجل: اندلاع حريق بالمستشفى الجامعي بصفاقس    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات الجولة الرابعة ذهابا    نقابتا التعليم الأساسي والثانوي تنفذان تحرّكا احتجاجيا الخميس المقبل أمام وزارة التربية وتحذران من عودة مدرسية "مرتبكة"    تنظيم الدورة الثانية للصالون الدولي للسياحة الصحراوية والواحية في ديسمبر المقبل    عودة مدرسية: حجز أكثر من 7 آلاف قطعة طباشير و 20 الف قلم شمعي    تقدّم أشغال مشروع إزالة كاسرات الأمواج بشاطئ حمام الأنف بنسبة 60 المائة    توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة..هذه آخر مستجدات الأشغال..#خبر_عاجل    عاجل/ ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 62 ألف شهيدا..    بقيمة 110 آلاف دينار: الموافقة على تمويل 11 مشروعا لفائدة هذه الفئات..#خبر_عاجل    عاجل/ سريعة الانتشار: خبير يكشف أعراض السلالة الجديدة من فيروس كورونا..    حملة تضامن على مواقع التواصل بعد إيقاف محمد الطاهر الدريدي    مصر تصدر بيانا بعد القبض على حامي السفارة في لندن    كرة اليد: اعتزال اللاعب الدولي التونسي جهاد جاء بالله    سليانة: السيطرة على حريق نشب بجبل فروحة بمنطقة بوعبد اللّه من معتمديّة كسرى    العثور على جثة شاب تحمل آثار طعن في القيروان    نشرة متابعة/ الحرارة ستصل الى 43 درجة اليوم بهذه المناطق..#خبر_عاجل    دراسة.. مرضى "كوفيد طويل الأمد" يعانون من تدهور شديد في جودة الحياة والوظائف اليومية    عاجل: إنخفاض أسعار لحوم الدجاج بداية من الأسبوع المقبل    محيط قرقنة يعزز صفوفه بأربعة لاعبين لاعبين جدد    خطير/ الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يؤثر على شريان رئيسي بالقلب..    أحلام: ''رجّعوني على تونس...توحشتكم''    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره الايطالي    قيس سعيّد: ''الحقّ حقّ لن يسقط بالتقادم...والباطل باطل ولو غُلّف بشرعيّة صوريّة''    بناته أم حفيداته؟ قضية "زنا محارم" عبر أجيال تهز الشارع المغربي    البطولة الإسبانية: فوز جديد لأتلتيك بيلباو وخيتافي    أستراليا تقرر طرد السفير الإيراني وتصنيف "الحرس الثوري" منظمة إرهابية    تاريخ الخيانات السياسية (57) .. .الخليفة الطائع من القصر إلى الحجر    المهدية...ينخرها السّوس، وملوّثة بفضلات الفئران والطيور .. حجز طن و589 كلغ من الأغذية الفاسدة    بعد جراحة دقيقة في ألمانيا... الفنانة أنغام تعود إلى مصر    قابس : برنامج ثقافي ثري للدورة السابعة لتظاهرة " أثر الفراشة "    الأبراج ليوم 25 أوت 2025: يوم تحت شعار الخيارات الحاسمة    كرة القدم العالمية : على أي القنوات يمكنك مشاهدة مباريات اليوم الإثنين ؟    تاريخ الخيانات السياسية (56) .. أفتكين و بختيار وسطوة الترك    هام/ كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وديارٌ كانت قديمًا ديارا
نشر في الحوار نت يوم 15 - 04 - 2015

جولة جديدة من جولات "صفين"، أطول معارك الإسلام عمرًا، حلبتها اليمن هذه المرة، ستسفر في النهاية عن باب صغير للخروج من الكابوس المزمن الذي يعيشه المبتلون بمحنة الميلاد في حفرة ( الوطن) (العربي)، فلا هو وطن ولا هو عربي!

"صفين" الأولي لم تكن حاسمة، صمت غبارها لا إلي "علي" ولا إلي "معاوية"، لكن مكيدة التحكيم أضافت إلي المتناحرين فئة رابعة، سنة وشيعة وميكافيللين وخوارج، وانتصر الميكافيليون دائمًا، غير أن الشروخ في الخريطة السياسية لم ينجح المسلمون أبدًا في ترميمها، وهي، كانت؛ كلما تقدمت في العمر، تتسع بوتيرة تصاعدية!

اندلعت عقب "صفين" أسئلة، "عمار بن ياسر"، مثلاً، قُتل وهو يقاتل في صف "علي"، وثمة حديث من أحاديث "البخاري" يقول:

(ويح "عمار"، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار)

ولأن منطق الميكافيليين الغريب واحد؛ اعتبر الأمويون "عليَّاً" القاتل لأنه من أخرج "عمارًا" ووضعه بين رماحهم!

هكذا، روَّج الأوغاد قبل مذبحة "رابعة" وبعدها وما زالوا، وأضافوا إلي قاموس العربية مصطلحًا بكرًا: المخطوفين ذهنيَّاً!

ولا يحتاج عاقل إلي الاسترخاء فوق معجزة ليكتشف المجرمين، أو؛ فليسأل الستينات وما أدراك ما الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات والعشرية الأولي من القرن الواحد والعشرين والآن!

وكما اضطربت الخريطة الاجتماعية بعد "رابعة"، ثمة حكاية للمفكر العراقي "علي الوردي" تعكس العمق السحيق لهزلية الشروخ التي تركتها "صفين" ورائها!

في أحد مقاهي لندن سأله صديقه الأمريكي عن سبب الخلاف بين السنة والشيعة، فأجاب:

- إنه الخلاف على ولاية الحكم!

فسأله الأمريكي مندهشًا:

- ولماذا؟ ألا يجلسون على مائدة المفاوضات لحقن الدماء؟

فقال "الوردي" والشعور بالخجل ينتابه:

- إن المتخاصمين قد ماتوا قبل 1400 سنة!

وانفجر الأمريكي ضاحكًا!

لكن المسلمين أحبوا عليَّاً، أشهر من انتابه لقب الإمام، لقد اتحد الإسم باللقب في واحدة من المرات القليلة التي تجعل الدهشة تنتابنا، يكفي فقط أن تقول الإمام ليطفو فورًا علي سطح ذهنك اسمُ "علي"، حتي القرويين وأصحاب الحد الأدني ينطقونه "الإمامو علي"، وأين موطن الغرابة؟، فكل ما صدر عنه يورط الآخرين في حبه، أجل، لتطرف الخيال الشيعي في سيرته نبض، لكن، الروايات التي من طرق متزنة تكفي لنحب عليَّاً، حتي المسيحيين تشيعوا له، الشاعر "بولس سلامة"، قال:

جلجل الحقُّ في المسيحيِّ حتى / عُدَّ من فرط حبه علويا

فإذا لم يكن عليٌ نبيًا / فلقد كان خٌلقٌهٌ نبويا

"جورج جورداق"، أيضًا، شاعر "هذه ليلتي"، أراق حبرًا كثيرًا في "علي"، ونزف شعرًا مبالغًا فيه لا داعي لذكره!

من العيب أن نلوم علي أمراضنا الخاصة "عليِّاً" أو "معاوية"، وأسباب الشقاق كان يمكن القفز فوقها لولا أن الميكافيللية وجدت في تأجيجه جرحًا يمكن أن تعيش في دمه، ونصيب الدين في الخلاف فقيرٌ جدًا، إنها السياسة، هل السعودية برأيك تخوض الحرب في اليمن حمية للدين؟ لا طبعًا، هي تفعل هذا حماية للموقد العائلي ل "آل سعود"، أو، فلماذا لا تنشط للقتال في سوريا أو في العراق؟

بتجاوز الحديث عن جسارة السعودية والتماهي مع ضجيج القطيع أؤكد أنها لم تقدم علي ارتكاب "عاصفة الحزم" قبل أن تستأذن العالم وقبل أن يقطع لها العالم وعدًا بألا يتركها وحدها في حفرة تخون الفريسة متي تدخلت إيران!

لقد تواصلت الرياض مع العالم بما فيه باكستان، هذا جعلها مثارًا لسخرية "حسن نصر الله"، أنا، أيضًا، ذعر الرياض ذكرني برجل ما زال حيًا في جيب قديم من جيوب ذاكرتي، كان هزيلاً وكثير الشجار في الوقت نفسه، علي حدود الأرض غالبًا كانت معاركه الصغيرة، ليملأ فراغات المسافة بين رغبته المحمومة في الإشتباك وبين صلاحيته لخوض اشتباك بالأيدي وبالأسنان أحيانًا، اعتاد؛ عند احتدام رغبته في شجار الحقول؛ أن يسب بأعلي صوته ويتوعد خصمه علي طول الطريق والمنعطفات؛ وكما يحدث في القري في مثل هذه الأحوال، كان صراخه يشدُّ الناس من البيوت يحاولون تهدئته، وكلما كثر عددهم ازداد هياجه، وهو، عندما يقف أخيرًا أمام خصمه وجهًا لوجه يكون قد تأكد من زوال الخطر، حوله الآن من سوف يجعل المعركة لا تترهل إلي حد إزهاق روحه، وإن حدث اشتباكٌ حقيقي، فلا أقل من أن يجد من يحمله إلي الوحدة الصحية لإيقاف نزيفه وترميم جراحه!

لا شك في أن للسعودية نبض في المآلات البائسة لثورة اليمن، وهي، لم توفرفقط خروجًا آمنًا ل "علي صالح"، بل قطعت له عهدًا بتصميم ورعاية خارطة طريق تضع ابنه علي سدة الحكم مستقبلاً، وكانت، قبل أسابيع، تدعم الحوثيين!

ف "آل سعود" يدركون أن الريح التي يمكن أن تعصف أسرع بخيامهم هي ديمقراطية تولد في اليمن، وهم، حتمًا، يحرسون الإخلاص لوصية "عبدالعزيز آل سعود":

"فقر اليمن في عزكم، وعز اليمن في فقركم!

حقيقة لا يفطن إليها إلا صاحب مزاج مرير، من حيث الجغرافيا، والتاريخ، وعلماء الأنساب يعرفون جيدًا أن العرب ما لم يكونوا من جذور يمنية فهم أقل العرب نسبًا!

لكن، هل تفقَّد التحالفُ عقله قبل خوض المنحدر؟ هل وزن المجازفات وبحث البدائل؟ هل سأل الأكمة عما يختبئ خلفها؟ أما كان التفاوض مع الحوثيين أسلم من تحليلهم إلي عناصر مسكونة بالرغبة في الانتقام؟

ربما، كان أرجح الخليجيين عقلاً هو السلطان "قابوس"، العماني الوحيد الذي سمع العالم اسمه، ومن سمع باسم شخصية عمانية غير "قابوس" فلا يبخل علي الآخرين بفضحها!

ربما، من يدري؟

"قابوس" داهية، وعندما ارتبك الأفق السياسي في اليمن، لاحظ مستخدمو تويتر ظهور عشرات الحسابات التي علي حائطها "قابوس فخر عمان"، ما أجمل المكر والثعالب، وما أجمل "هذه ليلتي" رائعة "جرداق"، وأجمل بيتيه:

بعدَ حيْنٍ يُبدّلُ الحبُ دارَا / وَالعصَافيرُ تهجرُ الأوكَارا

وَدِيارٌ كانتْ قَديْماً ديَارا / سَترَانا كَمَا نرَاها قِفَارا..

ألا ليتها غير ديار اليمن، وبصرف النظر عن الممرات الوعرة التي سوف تسلكها المعركة، فالأفق إيراني بكل المقاييس وأيها!

محمد رفعت الدومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.