بعد عقد 16 جلسة لمناقشة مشروع القانون الأساسي عدد 2014/55 المتعلّق بحقّ النّفاذ للمعلومة، انتهت مؤخرا لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية صلب مجلس نواب الشعب من الصيغة المعدلة للمشروع بعد الاستماع لعدد من ممثلي الجمعيات والمجتمع المدني إضافة لأعضاء من الحكومة والأرشيف. وفي أول ردود الفعل حول الصيغة المعدلة اعتبرت منظمة «بوصلة « أن مشروع القانون مازال يحتوى على نّقاط تهدّد الحقّ الدّستوري المراد تكريسه وهو النفاذ إلى المعلومة صلب الفصل 32.
وبينت البوصلة في بيان لها أن المشروع يتضمن عبارات يكتنفها الغموض وكفيلة بمنع المواطن من النّفاذ إلى المعلومة. وتشمل الاعتراضات النقاط المتعلقة بنشر المعلومات بمبادرة الهياكل نفسها، إضافة إلى العقوبات وطريقة اختيار أعضاء هيئة النفاذ إلى المعلومة .ولتداركهذه الهنات خلال الجلسة العامة المرتقبة للمصادقة على مشروع القانون المعدل قدمت بوصلة جملة من المقترحات .فيما يتعلق بنشر المعلومات بمبادرة من الهياكل نفسها، ترى منظمة البوصلة أنه بالرّغم من دمج الفصلين 8و9 المتعلّقين بحالات نشر المعلومة من تلقاء نفسها بالنّسبة للهياكل المعنيّة في فصل واحد وهو الفصل 6، فإنّه من الضروري إضافة تنصيص صريح على إدماج كل المعطيات والوثائق المتعلقة بميزانية الهياكل العمومية وتنفيذها، بالمالية والمحاسبة العمومية، بالموارد المرصودة لكل البرامج والسياسات التي يتم اعتمادها. وذلك تكريسا لمبدأي الشّفافيّة والمحاسبة اللّذان يرتبطان ارتباطا وثيقا بحقّ النّفاذ إلى المعلومة. أما في باب العقوبات، فتشدّد منظّمة البوصلة على ضرورة التّعامل بشدّة مع الفعل المرتكب صلب الفصل 56 من مشروع القانون، وذلك بسحب الخطايا على الفعلين والتّرفيع في مقدارهما بصفةتجعل من العقوبة تؤدّي وظيفتها الرّدعيّة، إضافة إلى ضرورة وضع إمكانية الأثر الرّجعي بالنّسبة للعقوبتين التّأديبية والماليّة في حالات الإتلاف التّي جدّت إبّان الثّورة
وبالنسبة لاختيار أعضاء هيئة النّفاذ إلى المعلومة، تؤكد «بوصلة» على أن يتمّ اختيار الأعضاء في الجلسة العامّة، بما يضفي أهميّة على الحقّ المراد تكريسه، خاصّة وأنّ هذا الحقّ دستوري وبالتّالي يكتسي أهميّة بالغة تحتّم إحاطته بالإجراءات التّي يستحقّها حقّ دستوري، علاوة على ذلك، فإنّ اختيار أعضاء الهيئة صلب لجنة خاصّة دون اطلاع الرّأي العامّ على مجريات الاختيار يمكن أن يعتبر ضربا لحقّ النّفاذ إلى المعلومة.
تعديلات إيجابية
في المقابل أشادت «بوصلة» بالتعديلات الأخرى المدرجة على الصيغة الأولى لمشروع قانون النفاذ إلى المعلومة ومنها الحدّ من استثناءات حقّ النّفاذ إلى المعلومة بما يتماشى و مقتضيات الدّستورفي فصله ال49 لتشمل الأمن و الدّفاع الوطني و العلاقات الدّوليّة أو حقوق الغير في حماية حياته الخاصّة ومعطياته الشّخصيّة وملكيّته الفكريّة، مع تقدير الضّرر عند تقديم مطلب النّفاذ على أن يشمل الضّرر الآني أو اللاّحق و مراعاة التّناسب بين المصالح المراد حمايتها والغاية من مطلب النّفاذ عند رفض مطلب النّفاذ. وتقول منظمة بوصلة أن لجنة الحقوق والحريات أخذت بعين الاعتبار توصيات المنظّمة حول هذا الفصل وهو ما اعتبرته تقدّما أساسيّا مقارنة بالصّيغة الأولى المقترحة لهذا الفصل و التّي كانت تمثّل خطرا على حقّ النّفاذ إلى المعلومة.
من النقاط الإيجابية الأخرى في مشروع القانون هو إعادة النّظر في تركيبة هيئة النّفاذ للمعلومة بإدراج قاض مالي وممثّل عن الهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشّخصيّة، وإزالة الشّرط العمرّي لتصبح إمكانية التّرشّح مرتكزة على الخبرة دون العمر، بالإضافة إلى الحطّ من الخبرة المطلوبة بالنّسبة لأعضاء هذه الهيئة -عدا الممثّل عن المجتمع المدني والممثّل عن الهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشّخصيّة اللّذان يشترط لعضويّتهما خبرة سنتين على الأقلّ- من خمسة عشر سنة إلى عشرة سنوات.