غزة.. استشهاد الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    استراحة صيفية    على إيقاع «عزك دايم يا قرطاج» ..نجوى كرم تهزّ ركح قرطاج    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    في مهرجان مدنين الدولي...«مدنين، حكاية أخرى»    أمريكا وفرنسا تحت وطأة حر غير مسبوق.. أرقام صادمة وتحذيرات عاجلة    كرة السلة: سفيان الجريبي رئيسا جديدا للجامعة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    بعد المهاجرين.. ترامب يشُنّ حربا على المشردين    كسرى.. وفاة رجل واصابة زوجته وابنته اثر اصطدام سيارة بجرار فلاحي    سابقة خطيرة في قطر على مستوى الأمن الداخلي للدولة    قبلي: حملة ميدانية لإزالة الانتصاب الفوضوي واحتلال الأرصفة    للطلبة الراغبين في تعديل اختياراتهم الجامعية: دورة إعادة التوجيه تبدأ غدًا    المزيو: لم أخذل المحاماة وقدنا السفينة لبر الأمان    منوبة: اليوم انطلاق الدورة 35 من المهرجان الصيفي ببرج العامري    قفصة: تواصل فعاليات مهرجان الفستق الثقافي بالقطار في دورته 29    انتخاب رؤوف الصيود رئيسا للجامعة التونسية للريشة بالطائرة    الالعاب العالمية (كرة اليد الشاطئية) : المنتخب التونسي ينهزم في الدور ربع النهائي امام نظيره البرتغالي 2-1    ذهاب الدور التمهيدي الاول لكأس الاتحاد الافريقي: النجم الساحلي يلاقي الاهلي مدني السوداني بملعب شهداء بنينة ببنغازي بليبيا    ودّع القهوة... وجرّب هذه المشروبات التي تعزز صحتك وتمنحك طاقة طبيعية    قريبا في البرلمان: مشروع قانون لتشديد الرقابة على السائقين تحت تأثير الكحول    عاجل: زلزال بقوة 6.1 درجة يهز تركيا    إنتخابات جامعة كرة السلة.. قائمة سفيان الجريبي تفوز    بين المتلوي وتوزر..اصابة 4 اشخاص في حادث مرور    وادي مليز: بين عرض للفروسية لفرسان خمير وسهرة الفن الشعبي.. تواصل فعاليات مهرجان شمتو    السيطرة على حريق جبل الفراشيش بسليانة دون خسائر بشرية    الإدارة العامة للأداءات تعلن عن آخر أجل لإيداع التصريح الشهري بالنسبة لهؤلاء..    عاجل: وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تفتح باب الترشح ل 9 خطط ...آخر أجل وكيفية التسجيل    عاجل/ قتلى في هجوم على مركز شرطة بايران..    قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمعهد عبد العزيز بلخوجة بقليبية    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك توجه رسالة هامة لوزارة التربية..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ بعد الاعتداء عليه بالة حادة: وفاة الكلب "روكي"..    عاجل: إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين بسبب ارتفاع الحرارة    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    تونس: حجز 172 طناً من المواد وحملات رقابية مكثفة تُسفر عن 9 قرارات غلق في النصف الأول من 2025    ولاية كاليفورنيا ترفض طلب ترامب من جامعتها دفع مليار دولار وتعتبره ابتزازا سياسيا    عاجل: التسجيل الإلكتروني لأداء فريضة الحج يبدأ قريبًا    إطلاق الدورة الأولى لمسابقة "Cactus INNOV " لاختيار أفضل الابتكارات في تثمين التين الشوكي    اختناق 621 شخصا في العراق إثر تسرب غاز الكلور من محطة لتصفية المياه    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: تنزانيا تهزم مدغشقر وتتأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة    عاجل: النصر السعودي يتعاقد مع نجم برشلونة...التفاصيل    دواء معروف يستعمله الملايين يرفع خطر فشل القلب.. شنوة السر الخطير؟    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    رفع 8000 متر مكعب من الفضلات ب133 شاطئا    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    اكتشاف جديد    تونس الكبرى تسيطر على سوق التخفيضات.. تفاصيل الأرقام والمخالفات    الليلة: سماء قليلة السحب على كامل البلاد مع ظهور ضباب محلي    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة تونس و إنتهاك الإسلام مجددا
نشر في الحوار نت يوم 30 - 09 - 2015

دعا وزير العدل التونسي وهو صاحب حقيبة سيادية عالية إلى إلغاء الفصل القانوني الذي لا يبيح اللواط وبذلك يمكن لك بيسر أن تتهم هذه الحكومة برمتها أنها والغة حتى الثمالة في خطة تجفيف المنابع التي نحتها بورقيبة بمشروعه التغريبي الإلحاقي فلما أدركه الخرف إنقلب عليه المخلوع بن علي لإنفاذ بورقيبة من بورقيبة كما قيل يومها 1987 ليواصل المشروع نفسه ولكن بجرعة دسمة من العصا الغليظة.
عبثا ظننا أن " الثورة " التونسية قد نجت من الهجوم الصاروخي الحاد الذي صنعته الأيدي الغربية بالتعاون مع الأيدي " العربية " من ورثة النظام القديم وتحالفاته اليسارية موظفين لذلك كثيرا من الأذرع " السلفية " الإرهابية من مثل داعش وغيرها. ظننا أن " ثورتنا " خرجت بجروح ثخينة تجبرها على لزوم الإنعاش مدة ثم ينجلي غبار معركة غير متكافئة ولا يضيرني أبدا البتة أن أقول أننا نحن أبناء الشعوب والمجتمعات العربية قد ساهمنا في خذلان " ثورتنا " إما بأوهام سياسية أو بغلبة الإنتظارية السلبية علينا أو بنبذ المقاومة التي هي ضربة لازب على كل حي إستبقاء لحياته.
صحيح أن مثل هذه التصريحات الجوفاء من لدن وزير سيادي في حكومة إئتلافية تصارع الأمواج .. لا تغير من مسار المقاومة السلبية شيئا أن تنفلت الأوضاع إلى مصير مجهول لتكون البلاد مسرحا للفوضى الخلاقة كما هو حال سوريا وغيرها. صحيح أنه يمكن العمل بالقاعدة الشهيرة الصحيحة ( لو إشتبكت مع كل كلب في الطريق لما بلغت مأربك ). ذلك صحيح ولكنها مهمة ندعها لأصحابها الذين يرحبون بأي عمل مدني أهلي يرفع أرصدتهم في سوق المعركة المحتدمة بين ثورة يقاوم أهلها لأجل تعافيها وبين " ثورة " أخرى يريد أهلها إستيعاب صدمة 14 جانفي 2011 للخروج في المشهد التونسي بمظهر جديد.
ولكن الأصح من ذلك كله هو أنه عندما تظل المعركة الضارية بين الفريقين في المستوى السياسي والإعلامي والقضائي والإداري تظل معركة شبه متكافئة أو مقدورا عليها أو هي معركة طبيعية .. ولكن عندما تنهال علينا التصريحات والأعمال التي تعيد الأذهان إلى الحرب المعلنة ضد الإسلام في شعائره وشرائعه ورموزه ومحكماته ومعلومه من الدين بالضرورة بمثل ما كان عليه الحال قبل صدمة 14 جانفي .. أي عندما يضرب الإسلام في الصميم من لدن وزير سيادي ومن قبل ذلك تصريحات وأعمال لا تقل دناءة وحقارة .. عندها لنا أن نطرح هذا السؤال الكبير : هل نحن في وارد خسران الثورة أم في وارد وضع هويتنا الإسلامية في الميزان من جديد؟
ليس هناك شيء يقض مضجعي والله أكثر من شعور داخلي حاد يخبرني أننا يمكن أن نثور وننتفض ونموت لأجل لقمة عيش ولقمة العيش من صميم الإسلام أيضا إذ هي عنوان الكرامة والحرية ولكن لا نفعل مثل ذلك لأجل لقمة قيمة أو جرعة دين عندما يكون الأمر مضادا للإسلام في أمه وليس في شيء ظني أو مختلف فيه أو يمكن تأخيره أو يكون قابلا لأي تأويل.
ولا يزال كثير من التونسيين بل ربما أكثرهم يظنون أن مثل هذا يخص حركة النهضة أو اللفيف المنسوب إلى الدين بصفة عامة ليظلوا هم متفرجين على المعركة ودمائها. وعندما يكون هذا صحيحا فإن حركة النهضة حتى وهي حزب سياسي ديمقراطي معاصر ما ينبغي لها أن تتأخر عن ذلك. فإن قيل لي كيف ؟ قلت : كيف وقد قيل؟ أي عندما تكون في عيون قومك في هذا المقام فلا تتأخر عنه عند الداعيات حتى لو لم تكن تلك هي وظيفتك الأولى. تلك هي الشهامة وتلك هي الكرامة وذلك هو الوفاء والرائد لا يكذب أهله كما قيل قديما.
ولكن الوظيفة الأولى هنا هي لنا نحن أهل المجتمع المدني والأهلي أفرادا ومؤسسات وجمعيات ومنظمات وطواقم دينية رسمية وشعبية ولفائف الدعوة وبث العلم. ذلك هو الوضع الطبيعي ونحن إليه آيلون. ذلك هو الذي يحمي المجتمع ويحصن فعاليته أن تلتقمه الدولة النهمة دوما إلى الهيمنة بالضرورة لقمة سائغة.
كيف لا تحرك الدعوى قضائيا ضد هذا الوزير السيادي بتهمة مخالفة الدستور الذي غالينا في تقديسه حتى ظن بعضنا أنه سفينة نوح المنجية وليس هو سوى كلمات سرعان ما يلفى لها المستكبرون ألف تأويل وتأويل فاسد؟
كيف لا تنظم التجمعات المتحضرة السلمية أمام مكتبه لينقل الذي إقترفه للناس في الداخل والخارج على الأقل أي ليعلم الناس سعر الفضيحة.؟
كيف لا نطالب بإقالته وهو يتحدى ديننا وقيمنا ودستورنا؟
هؤلاء يقدمون لنا ساحات مقاومة خصبة وثرية فهل إستثمرناها أم نظل نعالج الغليان في صدورنا حتى ينفجر ذات يوم إنفجارات عنيفة غير محسوبة وعندها ننقلب من أصحاب حق إلى مطالبين للعدالة ونحاكم بتهمة الإرهاب.
كل الناس فوق الأرض يعلمون أن اللواط ومثله السحاق ليس شيئا إنفرد الدين أي دين بتحريمه ولم يأت به الإسلام أبدا وإنما أقر الدين كل الدين ما أمرت به الفطرة البشرية هنا أي المج والإستقذار. الفطرة أسبق من الدين وهي التي تمج اللواط والسحاق ولم يأت الدين إلا موافقا للفطرة.
ذلك يعني أن العدوان على الفطرة هو أشد من العدوان على الدين إذ هو عدوان مضاعف وتشترك فيه البشرية جمعاء قاطبة وليس هو خاصا بالمسلمين ولا بالمتدينين من الدين الآخر وللكنيسة نفسها هنا مواقف " سياسية دينية " إيجابية ومعروفة. فكيف تتأخر المساجد وأئمتها عن مثل هذا؟
ألا ترى أننا أخطأنا عندما قلنا أن المعركة الثقافية في تونس بالثورة أو بحصائل إنتخابات 23 أكتوبر 2011 قد أوشكت على النهاية أو أن الهوية الإسلامية في تونس لم تعد ملفا يتطلب المعالجة أو كلاما مثل هذا ؟
الشيء الذي تنفرد به تونس دون زهاء ستين دولة إسلامية منها 22 عربية هو الغلواء الشديدة جدا لنخبتها المادية الشيوعية العالمانية. هذا أمر قليلا ما يضعه أهل السياسة في الإعتبار. هذا أمر لا يلغي الإئتلاف السياسي بل يدعمه ولكنه لا يؤخر المعالجة الثقافية بل يعجل بها.
والشيء الآخر الذي ورثناه بورقيبة بصفة خاصة هو أن التونسي بصفة عامة وليس هذا ينطبق على كل واحد منا هو أكثر الناس قابلية للتكييف والإندماج والتعايش. هذه قيمة لها وجه إيجابي ولكن لها وجه سلبي كذلك.
كثيرا ما ينحني التونسي للضغط الآخر. أي لضغط الآخر. والآخر هنا ومنذ قرون هو الآخر الغربي المعادي بالقوة وبالفعل وبالضرورة للخيار الإسلامي.
إذا كانت للسياسة إكراهاتها التي نفهمها ولا نقطع معها تحملا للأدنى ودفعا للأقصى فإن الثقافة لها موازين أخرى والثقافة هنا هي الدين في محكماته التي لا تقبل القسمة أو التفاوض أو المقايضة.
لا يظن ظان أنه بإلغاء منع اللواط سينخرط التونسيون والتونسيات في هذه الفاحشة المستقذرة فطريا. أبدا. ولكن الصمت عن مثل هذا وهو آت من لدن وزير سيادي يعني عودتنا إلى المعركة الثقافية الأولى في العهدين البورقيبي وعهد المخلوع بن علي وذلك يعني أيضا إعلان المناخات الجديدة للحرب على الإسلام في معلوماته بالضرورة وذلك بدوره يوجه قارب السياسة وتوازناتها.
الرأي عندي أن هناك خطا أحمر لا يقبل طروء الإكراهات السياسية عليه لا من لدن السياسيين ولا من لدن غيرهم بالأحرى وهو : المساس بمحكمات الإسلام والمستند دستوري بالأساس الأول وإلا فلا معنى للإشادة بدستور يقبل الوطء من لدن وزير سيادي ومداده مازال حيا نابضا.
الرأي عندي أن " الثورة " من هنا تنقذ. فإن أجهضت " الثورة " من هنا فقد تيسر لأعدائها إحهاضها من هناك ثم من هنالك ثم تنشأ المناخات لمواصلة تجفيف المنابع ثم عودة الإستبداد وضمور المجتمع وموت الأمل ...
الرأي عندي يدور على قوله سبحانه الذي هو هنا معلم من معالم التغيير ( إن تنصروا الله ينصركم ). نصر الله يعني نصر شريعته المحكمة لا الظنية عندما تكون معرضة للإغتيال من لدن وزير سيادي في حكومة منبثقة من إرادة شعبية. ودليل الخطاب مخالفة بالتعبير الأصولي يقول : من يخذل الإسلام هنا يخذل ثم يستبدل.
المعركة طويلة وشرسة وطاحنة وهي محتدمة إحتداما شنيعا في تونس ولكن بأسلحة غير تقليدية فلا يبصرها غير البصير وهذه أخطر معركة لأنها تتدثر بدثار الثعالب.

الهادي بريك مدنين تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.