احتلت الدول المغاربية مراتب غير مشرفة في تصنيف الديمقراطية عالميا -باستثناء تونس التي بدأت تنتقل إلى دول الصفوة ديمقراطيا – بينما بدأت دول مثل المغرب والجزائر تخسر ديمقراطيا أمام دول إفريقية كانت حتى الأمس القريب دولا دكتاتورية. في هذا الصدد، أصدرت هذه الأيام «وحدة الدراسات»، التابعة للمجلة الشهيرة «ذي إيكونوميست»، تقريرا حول تصنيف دول العالم ديمقراطيا، وكالعادة جاءت دول شمال أوروبا مثل النروج وفنلندا والسويد والدنمارك في المراكز الأولى، وكذلك لم تكن مراكز الدول العربية مشرفة نهائيا. ومن ضمن هذه الدول هناك منطقة المغرب العربي، فقد احتلت تونس مركزا مشرفا بتموقعها 57 عالميا، وجاءت ضمن مجموعة الدول التي تتمتع بديمقراطية غير مكتملة وتضم دولا مثل إيطاليا وفرنسا وبلجيكا والتشيلي والبرتغال. ويعتبر هذا الترتيب ربما أحسن ترتيب لدولة عربية في تقارير «ذي إيكونوميست» منذ بدء هذه المجلة نشر هذه التقارير في منتصف العقد الماضي. ومغاربيا، جاء المغرب في المركز الثاني وراء تونس، وعالميا احتل المرتبة 107 ضمن 167 دولة متقدما بتسعة درجات، مقارنة مع السنة الماضية حين احتل المركز 116. وانتقل المغرب من مجموعة الدول السلطوية إلى الأنظمة الهجينية. وهذا الصنف يعبر عن تلك الدول التي تمزج بين الديمقراطية والدكتاتورية، ويطلق عليها أحيانا ديمقراطية الواجهة، حيث تعاني من صعوبات لتحقيق الانتقال إلى الديمقراطية غير المكتملة، بسبب ضعف المؤسسات السيادية وخاصة الحكومة وتحكم جهات غير منتخبة في القرارات السيادية بعيدا عن المحاسبة. وتفتح موريتانيا مجموعة الدول السلطوية في المركز 117 بعدما كانت في المركز 112 السنة الماضية وضمن الأنظمة الهجينية وتليها الجزائر في المركز 118 وفقدت مركزا واحدا بعدما كانت السنة الماضية 117 ودائما في الأنظمة السلطوية. وكانت موريتانيا مصنفة أحسن من المغرب والجزائر في التقارير الدولية حول حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية، لكنها بدأت تفقد هذه المكانة خلال السنة الأخيرة بسبب انفراد الرئيس محمد بن عبد العزيز بالسلطة. وتبقى ليبيا ونظرا لظروفها السياسية والأمنية حالة خاصة، فقد احتلت المركز 153. وتعتمد «ذي إيكونوميست» خمسة معايير في تقريرها وهي: العملية الانتخابية والمشاركة السياسية، ومستوى الحريات المدنية، وعمل الحكومة، والمشاركة السياسية، والثقافة السياسية. ونجحت تونس في المعايير تلك، وحققت نقطة متقدمة في المشاركة السياسية واقتربت من نقطة 8 على عشرة. ورسب المغرب في أربعة معايير، حيث كان التنقيط دون المعدل الذي هو خمسة، بينما حصل على نقطة فوق المعدل في الثقافة السياسية 5،63. وهذه الأخيرة مرتبطة بدينامية الشعب المغربي سياسيا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي. ورسبت الجزائر في أربعة معايير باستثناء الثقافة السياسية التي حصلت فيها على نقطة 6 على عشرة، مما يؤكد ارتفاع الوعي السياسي، ورسبت موريتانيا في أربعة معايير باستثناء المشاركة السياسية. وباسثناء تونس، التي استفادت من الربيع العربي، بدأ المغرب العربي يفقد معركة الديمقراطية في القارة الإفريقية، حيث تفوقت عليه عشرات الدول التي تقع في مجموعة الديمقراطية غير المكتملة، مثل الرأس الأخضر في المركز 32، وبوتسوانا في 28، وجنوب إفريقيا في 37، والسنغال في المركز 75. وتوجد 19 دولة متقدمة ديمقرطيا على المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا. وتراجع الديمقراطية في المغرب العربي، مع استثناء تونس يعتبر مفارقة سياسية، فهذه الدول تشهد مجتمعات مدنية حيوية، وتطل على البحر الأبيض المتوسط الذي تحول في غالبه إلى فضاء للديمقراطية بعد انهيار جدار برلين باستثناء ضفته الجنوبية.