عاجل : فاطمة المسدي تطالب بترحيل المهاجرين وتجريم إيجار المنازل لهم في صفاقس    بنزرت: الافراج عن 23 شخصا محتفظ بهم في قضيّة الفولاذ    الناطق باسم محكمة تونس يوضح أسباب فتح تحقيق ضد الصحفية خلود مبروك    عاجل/ خبير تركي يُحذّر من زلازل مدمّرة في إسطنبول..    رئيس الفيفا يهنئ الترجي الرياضي بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025..    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة الملعب التونسي    الرابطة الأولى: تشكيلة فريق قوافل قفصة في مواجهة إتحاد بن قردان    ب 28 مليون مستخدم.. "ثريدز" يتفوق على "إكس" في هذا البلد    المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    استشهاد شابين فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين بنيران الاحتلال الصهيوني غربي "جنين"..#خبر_عاجل    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    عاجل تلاميذ منطقة الحاج قاسم 2يستغيثون للمرة الثانية في نفس الأسبوع..الحافلة معطلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    تقلص العجز التجاري الشهري    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النّصيحة
نشر في الحوار نت يوم 15 - 06 - 2016

أتوقّف عند حال المسلمين وما تناوش بلدانهم ومؤسّساتهم من فساد بدأ خافيا ثمّ فُضِح!... أتساءل؛ أكان ذلك لفساد متأصّل في المسلمين أم لغياب النّاصح وعدم توفّر النّصيحة المناسبة!...
لم يكن المسلمون - تحكيما للمصطلح – فاسدين، إلّا ما خالط صفّهم من المنافقين دعاة الفتنة والفُرقة... فالمسلم من سلم النّاس من يده ولسانه، والمسلمون يسعى بذمّتهم أدناهم، لا فرق بين أبيض ولا أحمر ولا أسود ولا بين عربيّ ولا أعجميّ إلّا بالتقوى والعمل الصالح... وقد علم المسلمون أنّ الدّين النّصيحة، وأنّها لله ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم... وقد حكى التاريخ نماذج عن بلاء النّاصحين في النّصيحة وحكمة المنصوح لهم في تقبّلها والاعتبار منها وبها!... فما المشكلة إذن؟!
ظنّي أنّ الفساد قد طال بلاد المسلمين ومؤسّساتهم لاشتراط المسؤولين فيها كثيرا على النّاصح... شروط قلّلت النّاصحين وأفقدتهم الجرأة على النّصح... فالنّصوص المتحدّثة اليوم عن آداب وطرائق الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كثيرة قد لا يأخذ بجميعها النّاصح ما يجعل نصيحته – وهي في الحقّ – وبالا عليه وعَيْبة قد تصنّفه بين النّاس عُيَبَة لا يقتصد في الإساءة للنّاس ولرؤوسهم وكبرائهم، وقد يكلّفه ذلك الكثير لا سيّما والنّصوص لأمثاله بالمرصاد!... فبدل النّظر فيما نصح فيه وبه ينكبّ النّظر على النّصيحة لتقويمها وعلى النّاصح لتأديبه، حتّى إذا كان من المسالمين المتحوّطين لأنفسهم ولأهاليهم انكمش وانزوى وحايد فما بات يبالي بما يجري حوله، فسمح بذلك للفساد يسري ويستشري وفسح المجال للفاسد يشكو للنّاس اعتداء النّاس عليه بأعرابيتهم وعدم تحضّرهم، في دنيا باتت تولي الصورة والسمعة والإيتيكات الكثير الكثير!... ثمّ جاءه السند من البطانة ومن حواشي البطانة، أولئك السدنة!... وانقلب الكلّ يتكلّم عن آداب النّصيحة وطرائقها وكيف لا تكون في الملإ إذ لا بدّ من التفرقة بين النّصيحة والفضيحة!... يسندهم في ذلك "تواضع" المنصوح له وقد أبدى رحابة صدر استثنائيّة وأعلن في الملإ عن الأيادي الكريمة الممدودة والقلوب السليمة المفتوحة والآذان الصاغية!... قل نصيحتك باستعمال فنونها وسوف يُنظر فيها، ولا تكن من المستعجلين، فالنّصائح كثيرة ودراستها تستدعي الكثير من الوقت، ولا تكن أنانيّا فلعلّ غيرك ممّن نصحوا قد تفوّق عليك في الاستحواذ على اهتمامات المنصوح له!...
أحسب أنّ البلدان والمؤسّسات الإسلاميّة قد حصّنت مسؤوليها بما يجعلهم قادرين على تمرير أهوائهم التي كثيرا ما تصيب المفاسد، وإنّما تنمو الأهواء في غياب الرّقيب، وإنّما تكبر النّفس بصاحبها في غياب من يقطع عنها حديثها لصاحبها!... كما أحسب أنّ منع النّصيحة لعدم لياقتها أو "عدم تأدّب" النّاصح هو أكبر عامل قد شجّع الفساد في المؤسّسات!... وعندي أنّه لا يشترط في شكل النّصيحة ولكن قد تهذّب النّصيحة بواسطة ردود فعل المنصوح له.... ولنا في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأسوة الحسنة... وإنّي لأتوقّف كثيرا وطويلا عند الموروث فأتساءل: أكان يصلنا منه شيء لو التزم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين بما يريد المتأخّرون إقناعنا باتّباعه!... فلا تكون النّصيحة إلّا سريّة ولا تقبل إلّا باستعمال الفنون الحديثة المستنبطة لها؟!... أكانت تصلنا مثلا قصّة (مسيء الصلاة) التي ارتكز عليها جانب كبير من الفقه!... أم كانت تصلنا قصّة المرأة التي خاطبت أمير المؤمنين عمر وهو على المنبر يخطب!... أم كانت تصلنا قصّة الذي بال في المسجد!... أم كانت تصلها حادثة إغراء المهاجرين بالأنصار أو الأنصار بالمهاجرين، وتعليقه عليها صلّى الله عليه وسلّم أنّها منتنة يجب التخلّص منها!... أم كان يحدّثنا الصحابة الأجلّاء عن دأب الرّسول الكريم معهم وحرصه على تعليمهم ونصحهم، حتّى ليحكي أحدُهم عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يعلّمهم حتّى الخراءة، أي كيفية الذهاب إلى الخلاء وعدم ايتقبال القبلة والتنزّه منه!... أكان يصلنا شيء من تاريخنا إذا كانت الفضاءات فيه مغلقة بالأبواب المصفّحة التي اتّخذتها بلداننا ومؤسّساتنا اليوم!... أحسب أنّ ديننا هو دين الشفافيّة المطلقة، كما أحسب أنّ النّفسيّة الإسلاميّة لا بدّ أن تكون صلبة صامدة تتقبّل من الجميع ما يصدر عنهم، تأخذ منه ما ينفع المسلمين، وتصلح منه ما يُضيف للمسلمين، مستأنسة في ذلك بمهمّة التكملة والإتمام، فقد جاء صلّى الله عليه وسلّم متمّما لمكارم الأخلاق!... وأمّا أن تنقلب الرعيّة حاضنة للمسؤول تهدهده تدرأ عنه غلظة هذا أو عدم حكمة هذا، فتلك الطريق الأسرع إلى انحراف المسؤول وجعله ثقلا قد لا يتحمّله النّاس طويلا!...
نسأل الله صلاح الحال، وعلينا ألّا نتردّد في النّصح، كما علينا أن ندرّب المنصوح له على تقبّل النّصيحة، غير منمّين فيه حرصَه على توفّر فنونها كي لا يحيد بعد ذلك عن الحقّ!... والله من وراء القصد...


عبدالحميد العدّاسي، 15 يونيو 2016


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.