لم يعد المشروع السياسي القادم لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي نقطة سرية بينه وبين عدد من مستشاريه الساعين الى اعادة تشكيل الساحة السياسية وخلق توازنات من شأنها تعديل الوضع الحزبي للبلاد. فالمشروع القادم للباجي قائد السبسي هو حزب الوحدة الوطنية وهي المرحلة الثانية من خطة تشمل 3 مراحل اساسية حيث تقوم الاولى على تركيز حكومة للوحدة الوطنية والتي ستمكن الباجي وجماعته من قضم اهم العناصر الناشطة في احزابها وتشريكها في الحكومة او تشريكها في النقاش العام حولها.
وقد خلق هذا التمشي ارتباكا واضحا لدى عدد من الاحزاب كما هو حال القيادي بالجبهة الشعبية منجي الرحوي الذي التقى الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد في اكثر من مرة وفي العديد من المناسبات.
نفس التمشي كان مع القيادي بآفاق تونس وعضو الحكومة رياض المؤخر والذي تشير كل الدلائل على ان الحاقه بالحكومة لم يكن محل توافق واسع بين قيادات الحزب لتحسم المسالة بعد ذلك اثر المجلس الوطني لآفاق.
كما اعتمد تفكير الباجي وأعضاده على اختراق اليسار من خلال دعوة قياداته التاريخية للمشاركة في الحكومة ليكون سمير بالطيب الامين العام لحزب المسار ممثلا في الحكومة رغم انه لا يشكل وزنا سياسيا داخل المجلس او خارجه في حين ان البعدالتاريخي والنضالي لحزب المسار سليل الحزب الشيوعي مثل حافزا لمشروع الباجي.
محمد الطرابلسي وعبيد البريكي وما يمثلانه من وزن سياسي في الجبهة اليسارية والنقابية كل ذلك يضاف اليه عدد كبير من المستقلين كما هو حال مهدي بن غربية ومجدولين الشارني وما يحملانه من ثقل داخل جهاتهم.
واعتمادا على هاته الشخصيات وغيرها فإنها ستشكل العمود الفقري لحزب الوحدة الوطنية وهي النقطة الثانية لمشروع الباجي وهذا الحزب هو نسخة مطابقة لحزب نداء تونس من ناحية تنوع الروافد الناشطة فيه من يساريين ودستوريين ومستقلين ونقابيين.
وبهذا المعنى فان تخلي الباجي عن النداء لم يعد مسألة تخمينات او قراءات بقدر ما هو تمش في اتجاه اعادة صياغة المشهد السياسي عموما وبأدوات جديدة وأخرى من رحم الحزب القديم بعد ان فشل في ان يكون قوة جذب وبعد ضرب صورة الحزب كحزب حاكم. وعلى اثر انشاء حزب الوحدة الوطنية فان النقطة الثالثة في الخطة تتجه نحو بعث كتلة نيابية تحت نفس المسمى وستعمل هذه الكتلة على ضمان اكبر عدد من النواب بما يسمح بتمرير القوانين التي ستكون لصالح حاكم قرطاج ولعل اهمها تحوير في طبيعة نظام الحكم السياسي من نظام (الشبه الشبه) شبه رئاسي شبه برلماني الى نظام رئاسي مما سيمكن الباجي قائد السبسي من الخروج من الباب الكبير وهي ذات الاهداف التي رسمها احد مستشاري الرئيس.
وبخصوص الانتخابات البلدية فان موعدها سيتأجل الى مواعيد لاحقة والى حدود تشكيل قوة سياسية قادرة على فرض صوتها داخل الجهات ويكون الفوز فيها بأغلبية لفائدة المشروع الجديد للباجي وهو تمشي سيسمح بتركيز ارضية متينة استعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019. ويذكر ان عددا من قيادات النداء ومن الرئاسة نفت في اكثر من مرة خبر المشروع السياسي للباجي الذي يعد العدة لتحضير مفاجأة كبرى على حد وصف المترشحالسابق للرئاسة صافي سعيد.