ما أحلى هذا النداء! ... إنه صوت آذان الفجر .... يا إلاهي مؤكد أنني لست في مكة و لا في أي بلد عربي أومسلم ...إنها أصوات متتالية للآذان ، ما تعودت سماعها في ألمانيا ...إنه صوت آذان الفجر من المسجد المجاور، من قلب سكوبيا ،عاصمة مقادونيا من بلاد البلقان.. من المسجد القلعة، عمره يتجاوز 500 سنة ...رائع في معماره.... رائع في موقعه ....رائع صوت آذان الفجر. صوت يشعرك بالسعادة و الانشراح ....يشعرك بالحياة ..يشعرك بانطلاق يوم سعيد مبارك...يبدأ بالصلاة ..يشعرك بالحرية ..يشعرك بقيمة الحرية التي تستوعب احتياجاتك الدينية أيضا و دون أن تخنقها بعض القوانين الجائرة. حقيقة ما تعودنا على مثل هذا في أوروبا ... بل الأمر مختلف تماما ...قد تسمع أصوات أجراس الكنائس أكثر من مرة في اليوم ..و لكنك لا تسمع صوت الآذان و أنت مسلم أوروبي تحمل نفس الهوية. كم هو شديد على النفس أن تفتقد خصوصيات و حاجيات سهلة جدا، وبسيطة وغير مكلفة وفي المتناول غير أنها تعني لك الشيء الكثير، وتصنع لك الفارق بالأكيد ...إذ أنها على قلة تكلفتها تعزز عندك الشعور بالانتماء إلى البلد الذي تعيش فيه إذا تحققت و تحدث في نفسك التوازن الذي تحتاجه...وفقدانها يعمق في نفسك الشعور بالغربة .... ولا يغني عنها تمتعك بالحرية في غيرها من المجالات ....
تشعر بالغربة عندما لا تجد نفس حظوظ حرية المعتقد، التي يتمتع بها غيرك في الوطن الواحد ولو في أبسط مظاهره. تشعر بالغربة عندما تجد أن حظوظ المرأة المسلمة الأوروبية، في الشغل في مؤسسات الدولة وفي المشاركة المجتمعية، محدودة جدا أو منعدمة، في العديد من الدول الأوربية، رغم أنها تحمل نفس هوية البلد. و تؤدي ما عليها من واجبات، فقط لأنهاإمرأة مسلمة و محجبة.
تشعر بالغربة عندما تجد أن حقك في الأكل الحلال مقيد، حتى أنك لا تتمكن من ذبح اضحيتك بتعلات واهية و قوانين جائرة، تدافع عن حقوق الحيوان لتفرط في حقوق الانسان. فهل سياتي اليوم الذي يتفطن فيه الساسة وصناع القرار إلى أن الحرية لا تتجزأ؟ هل سيتفطنون إلى أن دور القانون، هو حماية الحقوق والحريات و تثبيتها، وتوسيع مجالاتها، ما دامت تستجيب لحاجيات الإنسان الطبيعية، و تدعم القيم الإنسانية العادلة؟؟؟؟