سؤال أرّق الأستاذ البلدي من كونه يقرأ فيه سلبية وانتظارية هي سبب الركود السياسي و اكفاء المجتمع عن التجدد والنهوض. ولعل الكثير يشاركه نفس الهم ومواصلة التحذير من مآلات الانتظارية السلبية. ولكنه في الصورة المقابلة سؤال، يشير طرحه إلى أن التفكير في المستقبل والهم العام لا يزال قائما. وبالتالي فحركة العقل مستمرة والأمل معقود. ما الجديد في مقال الأستاذ البلدي؟ الأستاذ فاضل البلدي من الشخصيات المؤسسة للتيار الإسلامي المعاصر، وبلاؤه السابق في حركة النهضة، واستمراريته في حمل الهم الإسلامي والوطني . وبغض النظر تتوافق أو تعارض تقديره وقراءته للمرحلة السابقة ومقاربته في فهم الواقع الراهن، لا تمنح القارئ النزول إلى الردود التخوينية ومحاكمة النوايا. فالتقدير لكل الشخصيات الإسلامية التي كان البلاء الحسن في مرحلة التأسيس ومن واجب الرفاق القدامى وشباب الصحوة أن يزنوا الناس بأقدارهم وهو واجب شرعي وقيمة نتحلى بها في حكمنا. لذلك ما كنت أتمنى أن تُحبّر بعض الردود بهذه الصيغة. أما الجديد الذي أرى أنه أتى به مقال الأستاذ البلدي هم في أربع مسائل: 1. أنه لا يرى في الواقع مقاربات حقيقية يمكن أن نوليها الاهتمام ونوجه إليها يد المساندة. فلا يزال الفراغ هو السائد. 2. أنه يحكم على المبادرات التي روّج لها البعض حكم سلبي ولا يرى فيها مساهمة في تحقيق التدافع وبالتالي لم تتغير الأوضاع وربما تكون هذه المبادرات قد ساءت الأوضاع. 3. أما فيما يتعلق بالسلطة ف"قلما انصلحت الأوضاع من تلقاء نفسها أو بمبادرة طوعية من الحاكم أو السلطة"، فهو لا يرى في أداء السلطة ما يمكن أن نرى فيه مساهمة في تحقيق التدافع ولا يمكن الركون إلى انتظار عطاءاتها. 4. وهو يرى "أنّ تردي الأوضاع أو تدهورها أو استقرارها في الوطن وضبابية المستقبل تعود بالأساس إلى الاستقالة العامة التي تتسم بها النخبة ممثلة في المثقفين والأحزاب وصناع الرأي الافتراضيين وعدم جرأة هؤلاء جميعا عل أنفسهم وواقعهم ليتهموا نضاليتهم وحماسهم وبرامجهم ووسائلهم وتعصبهم لآرائهم وعدم قدرتهم على الاتفاق على مشترك ولو محدود يكون منطلقا للعمل ثم يتراكم بفعل الحركة والزمن حتى يؤسس لقانون التدافع" ففي هذه الفقرة نقد موضوعي بدءا بذاته إلى كل ما يرى فيهم أو يؤمل منهم الفعل. وأرى فيها إشارة أيضا إلى استعداد الأستاذ البلدي إلى المساهمة في النقد الذاتي الذي يدعو الإسلاميين إلى إجرائه من خارج الأطر أو من داخلها. وربما بالتواصل والرد الجميل، يوصل ما قُطع.