يبدو أنّ سكوت الحزب الأول على التخريب الممنّهج الذي تقوده قنوات تابعة للإمارات العربيّة المتّحدة قد أغرى تلك المنابر بالتوغّل بعيدا وفي تونس بالذات أين تتخذ لها المكاتب وجيوشا من المراسلين والمحلّلين في شكل مرتزقة. قناة العربيّة التي كانت من رعاة تحرّكات 1 و14 جوان الفاشلة والتي عملت منذ اندلاع الثورة التونسيّة على وأدها حتى قبل أن تصل إلى يوم التتويج 14 جانفي 2011، وقبل أن تبدأ مرحلة الانتقال الديمقراطي، هذه القناة تقوم في الأسابيع الأخيرة بحرق كلّ المراحل وبالتنصّل من قشور التحفّظ التي كانت تستعملها تقية من الحين للآخر، وبرزت بشكل سافر تحرّض وتثير الفتنة وتزرع الإشاعات، تفعل ذلك بعد أن تلقّت الضوء الأخضر من مؤسّسات إجراميّة تشرف زورا على المشهد الإعلامي التونسي لكنّها تنخرط بلا هوادة في فتح الطريق أمام الثورة المضادّة وطلائعها الإعلاميّة في عمليّات متتابعة للإجهاز على ثورة سبعطاش ديسمّبر. آخر افتراءات القناة المذكورة التسويق إلى أنّ إخوان تونس يدعمون نقل آلاف الدواعش من سوريا إلى ليبيا. وذكرت العربيّة أنّ حركة النّهضة لديها مخطّطات تريد تمريرها في ليبيا ضمن المحور القطري التركي، وأشارت إلى أنّ النّهضة تدعم حكومة السراج التي انتهت شرعيّتها على الميدان في ليبيا. مفارقة غريبة وأخرى أغرب منها، أمّا الغريبة فكيف تعمل الإمارات بثقلها عبر ترسانة إعلاميّة على تهشيم مؤسّسة الدولة الأهمّ "البرلمان" كما تعمل على تشويه الحزب الفائز والأكبر والأول في تونس، تفعل ذلك برعاية من بعض مؤسّسات الدولة! وكيف تصمت الدولة التونسيّة على ذلك، أمّا الأغرب من الغريب، فكيف تشيد كلّ وسائل الإعلام الإماراتيّة والمصريّة والسعوديّة بعدم انحياز الرئيس التونسي لأي طرف في ليبيا، وتقدّم عدم الانحياز كمفخرة بل كسلوك ملائكي، وتشيطن من يؤكّد على الشرعيّة الدوليّة، ثمّ مقابل ذلك تعتبر انحياز السيسي ومحمّد بن زايد وبن سلمان لميليشيا حفتر من البطولات وتسوّق لذلك وتحسّنه!!! إذا تعلّق الأمر بتونس جارة الشرعيّة التي تقف مع بلادنا على تماس رأس الجدير وتتداخل معها في الأرض والنسب والأملاك، إذا تعلّق الأمر ببلادنا فحينها يكون الحياد من المقدّسات، أما إذا تعلّق الأمر بميليشيا على التماس مع عسكر السيسي حينها يعتبر الانحياز من البطولات!!! ليس المشكل في هؤلاء فأجندتهم معلومة بائنة، تلك مصيبة إقليمية أخذت على نفسها الإجهاز على ثورتنا، كلّفها ما كلّفها، إنّما المشكل بل الكارثة في هذه الثدييات البلهاء التي تعيش بيننا، المتنصّلة من أبجديّات الوطنيّة والتي تعمل على تغذية مصالح السيسي الانقلابيّة على حساب مصالح تونس وثورتها وانتقالها الديمقراطي! نصرالدّين السويلمي