أّكّد أمس احمد ونيس وزير الخارجية الأسبق ل«التونسيّة» أنّ ثورة الربيع العربي مكنت بلادنا من تحقيق مكاسب عدّة في ما يتعلّق بالمرأة والافراد وحرية التعبير إضافة إلى التعدّدية في مختلف المجالات قياسا بالنظام العربي القائم والمعهود منذ قرون مؤكّدا أن هذه المكاسب هي العتاد الدائم للثورة العربية وأنّها تتدعّم بواسطة التناقضات القائمة بين الجدل الفكري والسياسي المبني بوسائل مدنية موضّحا أنّه كلما اتسع هذا الجدل في ظلّ التناقضات تقدّمت المكاسب ككرة الثلج لتقوى وتنزل على الأنظمة العربية المتخلّفة على حدّ تعبيره. وأضاف ونيّس أنه كلّما وُجد الجدل والتناقض المدني السلمي تمّ تحقيق المبادئ والقيم والمكاسب الجديدة إضافة إلى اتباع منهجية لتحقيق هذه المبادئ، غير مستبعد في الوقت نفسه وجود تأثيرات أجنبيّة على الميدان مبيّنا أنّها قائمة منذ زمن بعيد ولن تتوقّف مشيرا إلى أنّ الاستقلال كسب بالتدخلات الأجنبية الإيجابية والسلبية حسبما اقتضته إرادة الشعب ولا أحد ينكر ذلك . واقع ليبيا يتطلب منا عدم الإنحياز من جهته قال صلاح الدين الجمّالي سفير تونس السابق بليبيا في مداخلته المتعلّقة بالخطر الليبي وما يشكّله من تهديد على امن واستقرار المنطقة انّ العالم العربي يعيش اليوم تقلبات اتسمت بالعنف والتدخّل الأجنبي كاشفا عن وجود خطّة وبرنامج جاهزين بتمويل عربي وضعتهما الدول الغربية للسيطرة على المنطقة منذ أحداث 11 سبتمبر وروّجت له كونداليزا رايس. و اكّد الجمّالي أنّ ما ساهم في تأزّم الأوضاع بالمنطقة العربية هو عدم توفّق الجامعة العربيّة في إدارة الأزمة إضافة إلى عدم توفّر بديل بعد سُقوط الأنظمة العربية مشيرا إلى انّه فراغ استغله الإرهابيون والتنظيمات المتطرّفة للاستيلاء على الحكم وبثّ الفوضى في المجتمعات العربية. و دعا الجمالي إلى ضرورة عدم إنحياز التونسيين إلى أي طرف في صورة تطوّر الأوضاع بليبيا مبيّنا انّ الامكانيات المادية والعسكريّة لا تسمح لنا بالتدخّل في الشأن الليبي على غرار مصر والجزائر مشيرا إلى انّه لا بدّ أن تحافظ تونس على مكانتها في ليبيا لأنّ هذه الأخيرة ستصبح قطبا للإستثمار بمجرّد عودة الهدوء إليها وتحديد مصيرها. الإرهاب نتاج زواج محرّم بين الأحزاب الإخوانية والإسلام الراديكالي أمّا الخبير في الجماعات الإسلامية عليّة العلاني فقد تحدّث في مداخلته عن خصائص الإرهاب وكيفية مقاومته وتداعياته قائلا إنّ الظاهرة الإرهابية تنامت بوجود عوامل داخلية تمثلت في غياب هويّة حداثيّة وعدم مراقبة الفضاء الديني والتعامل مع الظاهرة الدينية أمنيا الشيء الذي عمّق المشكل وجعل للتيارات الإسلامية السبق في الانتخابات إضافة إلى عدم تركيز دولة المواطنة التي تضمن حرية الضمير والمعتقد مبينا انّ أهميتها تجسّدت في كلّ من تونس وليبيا والعراق. أمّا بشأن العوامل الخارجيّة فقد حدّدها العلاني في انتشار الفضائيات السلفية وفي دور المخابرات الأجنبيّة من خلال توظيف الإسلام الراديكالي مشيرا إلى انّ الإرهاب الذي كان محصورا في الزمن أصبح بعد ثورات الربيع العربي اكثر تمدّدا بسبب ما أسماه بالزواج غير الشرعي بين الأحزاب الإخوانية والإسلام الراديكالي في المنطقة العربية مستنكرا احتضان «النهضة» للسلفيين مؤكّدا في الآن نفسه أنّ تجنيد الجهاديين إلى سوريا سمح كذلك بتطوّر الإرهاب بشكل كبير وجعل الظاهرة تمتدّ إلى الغرب الشيء الذي بات يثير قلقه. كما اكّد العلاّني انّ تلقي بعض الجمعيات الخيرية والدعوية دعما من البلدان الأجنبية ساهم في تطوّر الظاهرة وفي تبييض الإرهاب موضّحا ارتباطها كذلك بظاهرة التهريب مشيرا إلى أنّ تكلفة الإرهاب في بلادنا حدّدت بمليار دولار سنويا. وأوصى العلاني ببعض النقاط التي من شأنها الحدّ من الخطر الإرهابي أهمّها إقرار الحكم الرشيد وإحداث تنمية حقيقية وتحسين المنظومة التربوية والشروع في إصلاح الفكر الديني مؤكّدا انّ تونس مؤهّلة لإصلاح الفكر الديني الذي يحتاج إلى مراجعة جذرية بمشاركة مختلف الفاعلين. ليلى بن إبراهيم