نحتاج أحيانا أن نتصرّف بعفويّة كأطفال لا ينقادون للإتيكيت والبرستيج المزيّف.. نحتاج مثلا أن نقضم تفاحة دون تقطيعها إلى أربع أو ثماني قطع وتقشيرها.. نحتاج أن نمسك بأيدينا قطعة البطيخ أو الحلوى ونأكلها دون صحن وشوكة.. أن نشرب كوب العصير كاملا ولا نترك فيه ما يدلّ على أنّنا نطبّق فنون الإتيكيت المقيّدة، فقد يكون من قدم لك هذا الشّراب قد استدان ثمنه لإكرامك وأنت تركت له ما بقي ليرميه في حين أنّ أطفاله يتشوقون لرشفة واحدة منه.. نحتاج أحيانا أن نفترش الأرض لتناول الطعام وليس أن نجلس على الطاولات.. نحتاج أن ننحني في الشّارع لرفع الخبز أو الطعام المرمي أو زجاجة أو أي شيء آخر يمكنه أن يسبب أذى للمارة، نحتاج أن نبتسم في وجوه بعضنا البعض لنشر الطمأنينة في القلوب الخائفة أو القلقة، نحتاج أن نستمع باهتمام للمتكلم فقد تكون أنت كمستمع ملاذه الوحيد ومقرّ ثقته.. نحتاج إلى الكثير من التصرّفات التي كنّا نفعلها في السّابق ولم نعد نتقنها، نحتاج أن نتخفّف من بعض المظاهر الخادعة التي أبعدت النّاس عن بعضها والتي يسميها البعض الاختلافات الطبقيّة بين النّاس، تلك الاختلافات الوهميّة التي فرضها الواقع المزيّف.. ما أسوأنا مثلا حين نقدّم لضيف يزورنا صحنا وشوكة وسكينا فنجده في صراع مع ما قدّمناه له إن أصرّرنا عليه بعد تمنّع هو أدرى به، هنا نحتاج نحن أن نعيش بساطتنا وليس ترفنا لنشعر بالآخر الغير قادر على فعل ما نفعله.. نحتاج أحيانا التخلّي عن بعض العادات أو الإتيكيت وليس التخفّف منها فقط لنشعر أنّنا قدّمنا للغير !.. نحتاج كثيرا إلى العطاء والتفهّم ونحتاج معه الإحساس الرّاقي وليس إحساس التفاخر والتعالي.. نحن نحتاج بشكل كبير لأنّ نقدّم بحبّ.. نحتاج الحبّ!.