رئيس الحملة الدولية لحقوق الإنسان في تونس علي بن عرفة ل «العرب»: حملة بقيادة الشيخ القرضاوي للإفراج عن صادق شورو حاوره: محمد الحمروني نجحت «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في تونس» في حشد عدد كبير من العلماء وقادة الرأي في تونس والعالم الإسلامي؛ للمطالبة ب «وقف المحنة التي يتعرض لها الدكتور صادق شورو وإطلاق سراحه». وشارك في هذه الحملة عدد كبير من العلماء، يتقدمهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والدكتور محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين، والشيخ فيصل مولوي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والشيخ راشد الغنوشي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. كما ساهم في هذه الحملة من الشخصيات الدولية الدكتور عبدالسلام البلاجي المفكر الإسلامي المغربي، والدكتور إبراهيم السنوسي القيادي في حزب المؤتمر الشعبي بالسودان، والدكتور بشير نافع الباحث في التاريخ الحديث. وفي هذا الحوار مع الأستاذ علي بن عرفة منسق «الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس»، تحاول «العرب» إلقاء مزيد عن الضوء على هذه المبادرة وطبيعتها والنتائج المتوقعة لها. و»الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس» منظمة حقوقية مستقلة تأسست عام 1998 على يد مجموعة من النشطاء الحقوقيين اللاجئين في بريطانيا؛ بهدف الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية في تونس. وتعتمد الحملة في مبادئها على المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان، وتتميز بتركيزها على التحركات الميدانية مثل الاعتصامات والإضرابات عن الطعام؛ من أجل تنبيه الرأي العام الوطني والدولي للمظالم والانتهاكات ضد حقوق الإنسان في تونس. ما طبيعة وأهداف الحملة التي أطلقتموها مؤخرا من أجل إطلاق الشيخ الصادق شورو؟ - بدأت الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس منذ أسبوعين تقريبا هذه الحملة، عبر تنظيم اعتصام أمام السفارة التونسية في لندن، وإصدار عريضة وطنية تطالب بوقف سياسة الانتقام والتشفي ضد الدكتور صادق شورو، وإطلاق سراحه فورا دون قيد أو شرط. ونجحت الحملة في جمع المئات من التوقيعات للنشطاء السياسيين والحقوقيين التونسيين وعلى رأسهم قيادات المعارضة والمجتمع المدني في تونس، كما نجحت في إقناع مجموعة من العلماء والمفكرين وقادة الرأي في الأمة وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بإصدار نداء للسلطة من أجل الإفراج عن الدكتور شورو، والعمل على بعث روح الوئام والمصالحة الوطنية بما يخدم مصلحة تونس والأمة. كما قامت الحملة بإصدار تقرير تحت عنوان "الحرية لمانديلا تونس"، تضمن تعريفا بالدكتور والمحنة التي تعرض لها، وموقف أغلب المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية من هذه المظلمة. لماذا أطلقتم لقب "مانديلا تونس" على الشيخ الدكتور شورو؟ - استحق الدكتور صادق شورو لقب "مانديلا تونس" بالنظر إلى طول محنته التي تعد أطول فترة يقضيها سجين سياسي تونسي في السجن منذ انتصاب الحماية الفرنسية وعلى امتداد تاريخ تونس الحديث، بالإضافة إلى شجاعته في تحمل أمانة الدفاع عن الحريات في تونس، وإن تطلب ذلك عودته إلى سجن لم ينته من نفض غباره عنه بعد، وهي تجربة لا نعلم إن كان مانديلا نفسه سينجح في الصمود فيها لو قدر له معايشتها، فالمكوث في السجن قهرا مهما طالت مدته، أيسر من العودة إليه بعد 18 سنة من السجن، منها 14 سنة في سجن انفرادي. وللعلم فإن الدكتور حاصل على الدكتوراه في الكيمياء من كلية العلوم بتونس، وهو أستاذ في كلية الطب إلى حين اعتقاله عام 1991، وهو أيضا عضو لجنة البحث العلمي بالمركز الجامعي للبحث العلمي بتونس، وعضو بنقابة التعليم العالي للاتحاد العام التونسي للشغل، بمعنى أنه ثروة علمية ومعرفية كان الأجدر الانتفاع بها بدل إلقائها في السجن لمدة تقارب العقدين من الزمن. ولكن السلطة تقول إن شورو مدان بجرائم حق عام وهي لا تعترف بكونه سجينا سياسيا، وإنه حظي بمحاكمة عادلة شفافة وعلنية؟ - لا، هذا غير صحيح، فالدكتور اعتقل في 17 فبراير 1991 في إطار حملة استئصالية شنتها السلطة ضد حركة النهضة، وكان حينها رئيسا للحركة، وتم الاحتفاظ به سرا لفترة طويلة دون أن يعلم أحد من عائلته عن مكان احتجازه، وتعرض لتعذيب شديد لحمله على الاعتراف بسيناريوهات أمنية تهدف لتوريطه وحركته في استعمال العنف للوصول إلى السلطة. وفي يوم 28 أغسطس 1992 مثل مع 265 قياديا من حركة النهضة أمام المحكمة العسكرية بتونس العاصمة، التي حكمت عليه بالسجن مدى الحياة، وقد أجمعت المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية على عدم عدالة المحاكمة؛ لعدم توفر الحد الأدنى من شروط العدالة، فقد انتزعت الاعترافات تحت التعذيب. وتميزت ظروف اعتقاله بالقسوة البالغة، إذ تعرض لأنواع شتى من التعذيب حمل على إثرها إلى المستشفى أكثر من مرة، وهو في حال خطرة يتهدده الموت، وخضع للسجن الانفرادي لمدة 14 سنة، وهي عقوبة لا قانونية، بل تندرج ضمن سياسة الانتقام والتشفي التي يتعرض لها السجناء السياسيون في تونس، وقد كان للدكتور الصادق النصيب الأوفى باعتباره سجينا سياسيا وقياديا إسلاميا. وحتى عندما أطلق سراحه العام الماضي لم يمكث سوى 27 يوما ليعاد إلى السجن من جديد؛ بسبب رفضه الخضوع للمضايقات التي يتعرض لها السجناء السياسيون المسرحون، حيث منع من التعبير عن رأيه في وسائل الإعلام واستقبال الضيوف في بيته الذي خضع للمراقبة الأمنية على مدار الساعة، ورابطت أمام بيته ثلاث سيارات للأمن، ومع ذلك اتهم بالاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها!! هل تعتقدون أن حملتكم حققت الأهداف المرسومة لها؟ - نحن وإن لم ننجح إلى حد الآن في إطلاق سراح الدكتور صادق شورو نظرا لتجاهل السلطة لكل هذه النداءات التي تحب الخير لتونس، فإننا نقدر أن هذا الجهد كان له صدى إعلامي طيب، ذكّر بمحنة الدكتور، ونبه الرأي العام الوطني والدولي إلى المظلمة المتواصلة لأكثر من عقد ونصف، وأملنا كبير أن يبادر كل أصحاب الضمائر الحية ممن يستطيعون التخفيف من هذه المعاناة إلى التحرك بالقدر المستطاع، وإذا كان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فإنه كذلك يحاسبها على تقصيرها لأنها مسؤولة على قدر الاستطاعة.