درجات حرارة غير عادية.. أمطار كفكفت قطراتها بشكل غير مسبوق هذه السنة وخصوصا مع انطلاق الأشهر الأولى من فصل الشتاء رغم ما تخلّلته من موجات برد تميّزت بها خاصة نهاية الأسبوع الماضي.. استثناء لاحظناه حتى بات حديث الجميع مما دفعهم إلى إدمان متابعة النشرة الجوية عسى أن يظفروا بتفسيرات أو أن يتلقوا استبشارا بانفراج غضب الطبيعة. ولتوضيح هل أن هذا الوضع الراهن لأحوال الطقس يعتبر عاديا مقارنة بالسنوات الفارطة أم أن هذه السنة شهدت أوضاعا خاصة؟ اتصلت «الأسبوعي» بالمعهد الوطني للرصد الجوي لفك رموز علامات الاستفهام هذه. وفي هذا الخصوص أجابنا السيد جمال بوراوي مهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي أن حالة الطقس هذه غير عادية باستثناء بعض الأيام القليلة التي سجلت بعض الأمطار المحليةالتي لم تنجح في بلوغ المعدلات العادية. ففي أواخر شهر ديسمبر 2009 ارتفعت درجات الحرارة لتتجاوز المعدلات العادية القصوى بكثير والتي عادة ما تتراوح بين 14 و18 درجة في حين أن ما سجل في تلك الفترة كان ما بين 24 و32 درجة أي بزيادة ما بين 4 و13 درجة حسب الجهات. أرقام قياسية بيّن السيد جمال بوراوي أن معدل درجات الحرارة هذه الفترة (أي من شهر ديسمبر إلى حدود يوم الجمعة المنقضي) سجلت أرقاما قياسية لتزيح الأرقام القياسية المسجلة سابقا ففي تونس العاصمة بلغت درجة الحرارة 27 درجة يوم 22 ديسمبر 1996 بينما في 30 ديسمبر المنقضي ارتفع معدل الحرارة إلى 30 درجة. وعلى مستوى الجهات فقد تجاوزت درجات الحرارة بالكاف الرقم القياسي المسجل منذ سنة 1989 والذي كان في حدود26 درجة ليصل يوم 30 ديسمبر 2009 إلى 28 درجة. وكذلك تجاوزت درجة الحرارة القصوى المسجلة يوم 30 ديسمبر المنقضي بولاية سليانة درجة الحرارة القياسية التي سجلت في ديسمبر 1989 وكانت آنذاك في حدود 28 درجة إذ بلغت 31 درجة. كما شهدت المنستير تحطيم الرقم القياسي لدرجات الحرارة القصوى من 27 درجة المرفوع سنة 1996 ليبلغ 30 درجة يوم 30 ديسمبر الماضي. أما بالنسبة لزغوان فرقمها القياسي الأول سجل منذ 1963 وكان في حدود 30 درجة ليرتفع إلى 32 درجة يوم 30 ديسمبر 2009. وفي القيروان بلغ الرقم القياسي الجديد 31 درجة رفعت في 30 ديسمبر المنقضي مقابل 29 درجة سجلت يوم 2 ديسمبر 1952. وبتطاوين فقد تم يوم 26 ديسمبر 2009 تسجيل رقم قياسي جديد وهو32 درجة بينما بلغ 30 درجة في ديسمبر 1996. وإذا ما قارنا هذه الفترة من نظيراتها في السنوات السابقة نجد أن أقصى ما تم تسجيله من درجات حرارة خلال ديسمبر من سنة 2008 لم يتجاوز 22 درجة بينما لم يتجاوز 24 درجة في نفس الفترة من سنة2007 . وبالنسبة إلى معدلدرجات الحرارة العادية القصوى فقد تراوحت بين 13 و18 درجة في ديسمبر من سنة 2008 وبين 14و18درجة في ديسمبر من سنة 2007. لهذه الأسباب هجرتنا الأمطار وفرّ البرد أمطار غائبة... أمام ارتفاع درجات الحرارة كان من الطبيعي أن تنخفض كميات الأمطار إلى حدود الانتفاء ففي العادة يتراوح معدل الأمطار في شهر ديسمبر بين 50 و100 ملم في الشمال ما عدى طبرقة وعين دراهم حيث تتراوح فيهما كميات الأمطار بين 150 و200 ملم وتتراوح بالوسط ما بين 40 و60 ملم وفي الجنوب عادة ما تكون بين 15 و30 ملم. ولكن حصيلة ديسمبر المنقضي كانت جد ضئيلة لتسجل في الشمال ما بين 30 و60 ملم باستثناء بنزرت 78 ملم وعين دراهم 150 ملم وطبرقة 130 ملم وبالوسط كانت كمية الأمطار متراوحة بين 5 و10 ملم ويشهد الجنوب غيابا شبه تام للأمطار حيث لم تتجاوز كمياتها 3 مليمترات. وتعتبر كميات الأمطار المسجلة في ديسمبر المنقضي ضعيفة جدا مقارنة بديسمبر 2008 التي تراوحت خلاله بين 9 و99 ملم في الشمال باستثناء باجةوبنزرتوطبرقة بينما تميزت هذه الجهات في ديسمبر من سنة 2007 بأمطار هامة تراوحت بين 70 و155 ملم. وفي الوسط تراوحت كميات الأمطار في ديسمبر من سنة 2008 بين 4 و12 ملم باستثناء المهدية التي سجلت 47 ملم بينما تراوحت خلال نفس الفترة من سنة 2007 بين 26 و61 ملم باستثناء المهدية التي سجلت 80 ملم. وبالنسبة للجنوب فقد كانت كميات الأمطار ضعيفة في ديسمبر 2008 إذ تراوحت بين 2 و11 ملم لكنها شهدت ارتفاعا سنة 2007 لتتراوح بين 14 و48 ملم. أسباب التغيرات... لمعرفة أسباب تواصل استقرار العوامل الجوية وارتفاع درجات الحرارة خلال الأشهر الأولى من فصل الشتاء أفاد السيد جمال بوراوي أن ذلك كان نتيجة لوجود مرتفع للضغط الجوي على مناطقنا كوّن حاجزا وحال دون وصول التقلبات الجوية في أوروبا إلى بلادنا حيث كانت تتنقل من وسط المحيط الأطلسي مباشرة إلى اروبا دون أن تشمل البلاد التونسية. وكذلك وجود تيارات هوائية من القطاع الجنوبي ساهمت في ارتفاع درجات الحرارة القصوى بكافة المناطق خلال الفترتين الممتدتين من 22 إلى 26 ومن 29 إلى 31 ديسمبر.