ألغت الحكومة الجزائرية زيارة كانت مقررة من قبل وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير، في تعبير عن بلوغ العلاقات الجزائرية-الفرنسية منعطفا خطرا نحو الاسوإ حسب ما ذهبت إليه صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية الاربعاء على موقعها بالانترنت. وجاء في خلفية إلغاء الزيارة قبول فرنسا للقائمة السوداء التي وضعتها الحكومة الأمريكية وتتضمن عدة دول من بينها الجزائر سيخضع رعاياها لمراقبات خاصة في المطارات الدولية. وكان من المقرر أن يتوجه كوشنير إلى الجزائر هذا الاسبوع لإجراء محادثات مع نظيره الجزائري مراد مدلسي. وأحد الأهداف وراء الاجتماع كان تسوية شقاق ناجم عن إلغاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه بشكل مفاجئ زيارة كان من المقرر أن يقوم بها إلى فرنسا العام الماضي. وتؤكّد تدهورَ العلاقات الفرنسية الجزائرية العودةُ القوية إلى الواجهة لملف الماضي الاستعماري الفرنسي بالجزائر ورفض فرنسا الاعتذار عنه. وقالت صحف جزائرية أمس إن حزبي جبهة التحرير الوطني، وحركة النهضة أودعا رسميا لدى "المجلس الشعبي الوطني" "البرلمان" مقترح مشروع قانون يجرم الاستعمار بالجزائر بعد أن تمكن أصحاب المشروع من جمع أكثر من 100 توقيع، علما أن القانون الداخلي للمجلس، لا يتطلب جمع أكثر من 20 توقيعا فقط. ويهدف مشروع القانون حسب بعض مقترحيه، ل"دفع فرنسا نحو الاعتراف بجرائمها في الجزائر، وحملها على التعويض للجزائريين". وفي ذات سياق سيطرة الماضي الاستعماري على حاضر العلاقات الفرنسية الجزائرية قالت مجلة "الجيش" الناطقة باسم المؤسسة العسكرية الجزائرية في عددها الأول لسنة 2010، إن "150 جزائريا استعملوا كحيوانات تجارب وقعت إثر انفجار اليربوع الأبيض في أفريل 1960 بعمق الصحراء الجزائرية، حيث علقوا على أعمدة في محيط التجربة لدراسة سلوك الإنسان خلال حدوث انفجار ذري". ونسبت المجلة ذلك إلى صحفي غربي اسمه إيلين ولسوم قالت إنه أجرى سنة 1993 تحقيقا شاملا عن استخدام بشر في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي كحيوانات تجارب لدراسة آثار الإشعاعات على الإنسان. وإضافة إلى ملف الماضي الاستعماري الفرنسي توجد أسباب آنية مباشرة لبرودة العلاقات بين باريس والجزائر أولها اتهام الجزائر باريس بتحريك ادعاءات حول مسؤولية الجيش الجزائري في مقتل رهبان تيبحيرين الذين اغتالتهم جماعة مسلحة في الجزائر سنة 1996. وثانيها إقدام فرنسا صيف 2008 على توقيف الديبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني بتهمة التآمر في اغتيال المعارض علي مسيلي الناطق باسم زعيم جبهة القوى الاشتراكية المعارضة حسين آيت أحمد سنة 1987، وهي التهمة التي نفتها الجزائر قطعيا. بينما يبدو أكثر الأسباب قوة عدم حصول فرنسا على امتيازات في الاستثمار وذهاب الكثير من الصفقات لصالح شركات بلدان منافسة منها الولاياتالمتحدة وإيطاليا. ويتعلق آخر الأسباب بحرّية تنقل الأشخاص، حيث لاتزال باريس تتشدد في منح التأشيرات للجزائريين، في الوقت الذي احتلّ الجزائريون المرتبة الأولى في أعداد المطرودين من فرنسا بسبب الهجرة غير الشرعية عام 2009 إذ تم ترحيل ما يزيد عن 10 آلاف جزائري إلى بلدهم• وتأتي قائمة الدول التي وضعتها الولاياتالمتحدة بأسماء الدول التي يتعين تشديد السفر على رعاياها وتعهّدت فرنسا بالعمل بها لتفاقم أزمة العلاقات بين باريس والجزائر.