لن يختفي الحاكم الجائر، دون إصلاح السرائر وصحوة الضمائر بقلم: خلدون الخويلدي حدثني مصعب بن جبير قال: كنت في بيتي حين علا صوت الأذان، يشق الآفاق حتى يبلغ الآذان، فردّدت معه، كل ما كنت أسمعه، من تكبير و شهادتين، ثم حولقت مرتين، الى أن انتهى الى كلمة التوحيد، و الكلام الذي عليه لا نحيد، فقمت استقبل القادم، الذي ينادي يا ابن آدم، أنا يوم جديد، و على عملك شهيد، فاغتنم مني ما تريد، فسارعت الى زوجتي و ابني الوحيد، أوقظهما و أفك عنهما العقد، التي كان ربطها عليه اللعنة قائلا عليك ليل طويل فأرقد. دعوت رب هذه الدعوة التامة ، و الصلاة القائمة، أن يؤتي سيدنا محمد الوسيلة، و الفضيلة، و الدرجة الرفيعة، من الجنات الوسيعة. ثم أسرعت الى الحمام أطلب اللجوء، من حاجة أصرفها ثم أحسن الوضوء، مستعيذا من الخبث، رغم أنه ضرورة بشرية لحكمة لا للعبث. فقلت غفرانك، للذي رفع شأني و شأنك، و سوّى بين الناس أجمعين، حاكما و محكومين، بجلوسهم مثل هذه الجلسة، و يتواروا بعيدا عن الأنظار و خلسة. ثم تساءلت بلسان الحال: لمَ لا نصون كذلك ألسنتنا من بذيء الكلام، و سلوكنا من المنكر الذي عليه نحاسب و نلام، في الشوارع و عند البيع و الشراء، ولمَ ينافق المدراء، ولمَ يسرق جهارا المسؤولون و الوزراء، و لمَ يتجرأ بعض الناس من حكام و أمراء، على الجهر بموقف هو أقذر من الخراء؟ فهل يستقيم أن نستحي من أمر بشري، و لا نوجل من خُلق سىء مكتسب غير فطري؟ إننا لن نكسب القضية، ولن ترفع لنا راية بين البشرية، و فينا ظاهرة خطيرة، هي فساد السريرة. ولقد أحسن من قال: إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تَقُلْ ... خلوتُ، ولكن قُل: عليّ رقيبُ ولا تحسبنَّ الله يغفُل ساعة ... ولا أنَّ ما يَخْفيَ عليه يغيبُ ألم تر أنَّ اليوم أسرع ذاهبٍ ... وأنَّ غداً للناظرين قريبُ
إنه فقط عندما نصلح السرائر، و تصحو فينا الضمائر، نستحق أن يختفي من بيننا كل عميل وحاكم جائر. .