اعتقال الأمن الجزائري لصاحب فكرة و صفحة "يوم بلا شراء" على الفايس بوك، يجعلنا نردد بكل قناعة الأغنية الرياضية الجزائرية المعروفة و التي يقول مطلعها: "هذه البداية و مازال مازال". هذه بداية لعهدة جديدة من الاعتقالات بالجزائر، و التي يكون سببها جرائم الرأي الإلكترونية، إن صح التعبير بهذه الطريقة، فاعتقال الصحفيين بسبب كتاباتهم على الصحف الورقية أصبح أمرا مألوفا جدا في بلاد العزة و الكرامة، الجديد هو أننا سنبدأ مرحلة يميزها الاعتقال أيضا بسبب الآراء و الأخبار المنشورة إلكترونيا. اعتقال الصحفي زبير فاضل صاحب المبادرة الاحتجاجية، حتما سيجعل لعاب السلطة لاعتقالات أخرى، و إلا فإن لعاب النشطاء الإلكترونيين هو الذي سيسيل في حال نجحت مبادرة يوم بلا شراء، و بالتالي سوف تصبح السلطة في مأزق كبير جدا، و هي التي تعاني من فوبيا اتحاد المواطنين و التفافهم حول فكرة معينة. إنها فوبيا الوعي الذي يجب أن يمنع وصوله دائما إلى عقل المواطن البائس، و لكي يبقى بائسا، يجب أن يبقى جائعا، و هو في هذه الفترة مواطن جائع بامتياز، و للقضاء على هذا المواطن، ربما بقي فقط السماح لأسعار الخبز و الحليب بالارتفاع. بهذا الاعتقال، تتأكد أكثر فكرة "حرية التعبير الشكلية" التي تميز جزائر ما بعد الأحادية، جزائر التعددية هي مجرد مسرحية يمكن فيها إسكات أي ممثل يخرج عن النص و يتمرد على المخرج و المؤلف و المنتج، و يزعج الجمهور بأن يلفت انتباههم إلى ما يجب أن يبقوا غافلين عنه. هناك عبارة كلاسيكية تعودنا على قولها و سماعها، تقول: "الضغط يولد الانفجار"، لكنها في جزائر اليوم ليست مجرد حكمة قديمة، بل هي العنوان الرئيسي لهذه المرحلة التي نعيشها، و لا أحد يعلم متى يحين وقت هذا الانفجار. لا أتمنى وصول موعده، و لا أدعو إليه و لا أحرض، لكنه قادم لا محالة، و الشعب الجائع سيتغلب يوما على وهنه و تكون ثورة سوداء، لا برتقالية و لا بنفسجية، ستكون مدعمة بجيوش من اللصوص و المجرمين. ألا يعلم النظام الجزائري بأن نصف الشعب جائع، و النصف الآخر إما لص أو مجرم؟ قد يكون في كلامي مبالغة كبيرة، لكن النسبة المرتفعة للإجرام و الجوع معا تجعل أي إنسان طبيعي يخاف على مصير بلاده. و إلى ذلك الحين، نرى البؤس و الشقاء و نقول: ألطف يا رب بهذه البلاد. **جمال الدين بوزيان ناشط اجتماعي جزائري