اليوم انطلاق عملية تحيين السجل الانتخابي    البرلمان : يوم دراسي حول انضمام تونس إلى بروتوكول اتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة    أريانة : انطلاق بناء قاعتي تدريس ومدرج بمدرسة النصر1 بتمويل من "فاعل خير"    المرصد الوطني للفلاحة: انخفاض اسعار الدجاج والبيض    سمير ماجول: القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد ويجب الاهتمام به لتحقيق السيادة والأمن الغذائيين    اندونيسيا تعرب عن الاستعداد لتطوير التعاون مع تونس في مجال الاستمطار والتحول التكنولوجي للطقس    قادة العالم يعربون عن تعازيهم بمصرع الرئيس الإيراني ومرافقيه    المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني..من هو ؟    في رحلة "الموت" .. السيراليوني "حاجي" مهاجر كألف وألف في البحر (بورتريه)    مجلس صيانة الدستور في إيران يعلن عن إجراءات جديدة عقب مصرع رئيسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ربع النهائي    كاس تونس لكرة اليد - الترجي الرياضي والنادي الافريقي في النهائي    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    هبوب رياح قوية غدا الاثنين وانخفاض مدى الرؤية الافقية الى اقل من 1000 م بالجنوب    الفيلم التونسي المغربي "كواليس" يحصد جائزتين في المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    المحلل السياسي حسان القبي يتحدث عن لغز طائرة الرئيس الإيراني    "دبور الجحيم"..ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران؟    الحرس الثوري الإيراني: تلقينا إشارة من طائرة الرئيس المفقودة    أولا وأخيرا .. «صف الياجور»    الزمالك المصري يتوج بكأس "الكاف"    الزارات -قابس: وفاة طفل غرقا بشاطئ المعمورة    جندوبة: تحت شعار "طفل ومتحف" أطفالنا بين روائع مدينة شمتو    البنين تعتزم إجلاء 165 من مواطنيها بصفة طوعية من تونس    أنصار قيس سعيد اليوم : ''تونس حرة حرة والعميل على برة''    تراجع توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب مقابل ارتفاع في الاستهلاك العالمي    القيروان: الملتقي الجهوي السادس للابداع الطفولي في الكورال والموسيقى ببوحجلة (فيديو)    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل : ايران تعلن عن تعرض مروحية تقل رئيسها الى حادث    بعد "دخلة" جماهير الترجي…الهيئة العامة لاستاد القاهرة تفرض قرارات صارمة على مشجعي الأهلي و الزمالك في إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية و كأس الكاف    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    محلل مالي : البنوك اصبحت تفرض شروطا صعبة في اسناد مختلف أنواع القروض    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    روعة التليلي تحصد الذهب في اليابان    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    المنستير: القبض على 5 أشخاص اقتحموا متحف الحبيب بورقيبة بسقانص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النخبة الاسلامية بين الانشغال بالجزئيات و مواجهة التحديات
نشر في الحوار نت يوم 25 - 04 - 2010


كتبه : ابراهيم بلكيلاني ( النرويج ) .

إن المتأمل في الخطاب السياسي التونسي على صفحات الانترنيت المهجرية أو المحجوبة داخل تونس ، يلاحظ التالي :

1. الانشغال بالجزئيات المختلف حولها على حساب الكليات الوطنية الجامعة .
2. تبرئة الأنا الفردية أو الحزبية.
3. الانزلاق بالخطاب و استدعاء مدونة لغوية تفوح برائحة الغلو في التشكيك بالآخر الفرد أو الجماعة .

و سنخصص هذا الجزء للنظر في المسألة الأولى : فالناظر في مجموع التحديات التي تواجه الوطن ، المعلنة و المستورة ، يرى مدى تخلف و عجز حركة النخبة الاسلامية عن الأخذ بهذه الملفات و المبادرة بتقديم المقاربات و المشاركة في البحث عن الاستجابة الواعية لها . فالتحديات تطال كل جوانب الحياة:

أ‌- فمنها ما يتعلق باللسان الاستيلاب اللغوي ، و ضعف المهارات اللغوية للأجيال الجديدة مما يعني بداية ضمور للسان العربي القويم في التعليم و الثقافة و السياسة و الاجتماع . و لعل صيحة الفنان المسرحي الكبير المنصف السويسي الذي نقلته الصباح مؤخرا آخر صيحات الفزع الثقافي فهو " يشير ولا شكّ الى محاولات المسخ الثّقافيّ والحضاريّ الّتي تستبطنها بعض الأعمال المسرحيّة لمجموعات وفرق « جديدة» تقول أنّها تبشّر بمسرح « جديد» وهي لا تبشّر في الحقيقة الاّ بالانسلاخ وتمهيد السّبيل لدعاة الارتماء ثقافيّا في أحضان « الآخر» الحضاريّ "[1]. و يمثل كتاب الدكتور محمد الطالبي أيضا إشارة إلى مدى التحدي الثقافي الذي تواجهه الهوية الوطنية [2] .
ب‌- و منها ما تواجهه الناشئة و التي هي أوضح وما أحداث العنف المدرسي و الرياضي إلا نتيجة لنسق تربوي و تعليمي ونمط لعلاقات اجتماعية غير سوية و مآلا خطيرا ينذر بظواهر خطيرة تهدد المجتمع . و قد لاحظ الدكتور المنصف ونّاس إلى أنه " ومنذ 4 عقود تقريبا تغيرا واضحا في السلوك والممارسة الحياتية لدى عدد هام من الشبان، اذ تسببت سرعة التحضر في بلادنا ( 75 في المائة من السكان يسكنون المدن) في تغير العادات والسلوك،ابتعد الأبناء عن آبائهم لأسباب مختلفة وتفككت بالتالي الرقابة التقليدية نظرا لاهتراء السلطة الأسرية، ونحن اليوم نعيش على وقع أزمة تربوية حقيقية، فالأولياء اليوم عاجزون عن السيطرة على وضع التسيب الذي يعيشه أبناؤهم بسبب نشوء شخصية شبابية جديدة تدافع عن قيم مختلفة وتصر على التمرد على التقاليد وحتى القيم الثابتة "[3] .
ت‌- و منها ما يواجه الأسرة التي هي اللبنة الأساسية للمجتمع فقضايا الطلاق لا تزال مرتفعة و لها ظلال مؤلمة و خطيرة على سلامة المجتمع . فعلى رغم ما أكده وزير العدل من " تسجيل انخفاض نسبي في عددها خلال السداسي الأول للسنة القضائية الحالية من 5665 إلى 5547 قضية ". و لكن هذه النسبة تعد مرتفعة بالمقارنة إلى انخفاض في عدد الزيجات . و قد أفاد الوزير أيضا " أنه تم تسجيل ارتفاع طفيف في قضايا الطلاق بطلب من الزوج من 3350 إلى 3490 قضية مقابل انخفاض طلبات الطلاق برغبة من الزوجة بنسبة 11 بالمائة. وقال إن قضايا الطلاق ترتفع بالأقطاب الحضرية وتنخفض في الجهات ذات الطابع الريفي "[4]. و قد أشارت بعض الدراسات سنة 2009 إلى أن تونس " باتت تحتل المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا في نسبة الطلاق، وذكرت دراسة أعدتها وزارة شؤون المرأة والأسرة التونسية ونشرت صحيفة "الصباح" التونسية المستقلة .. مقتطفات منها،أن عدد حالات الطلاق المسجلة خلال العام الماضي،بلغ 9127 حالة ،مقابل 16 ألف حالة زواج "[5] .
ث‌- أما عن التغيرات الناجزة في سلوك المرأة التونسية فقد قامت الباحثة الاجتماعية هادية العود البهلول بدراسة جرائم النساء من خلال باب "أخبار الجريمة" في صحيفتي (الصباح) و (الشروق) ما بين بداية نوفمبر 2004 و بداية افريل 2005 , و قد خرجت الباحثة بالنتائج الخطيرة التالية :
ü " أن نوع الجرائم التي ترتكبها المرأة والسائدة في المجتمع التونسي هي نفسها ولم تتغير تقريبا، وتتمثل خاصة في جرائم الأخلاق وخصوصا الجرائم الجنسية بنسبة تفوق 37%، التي غالبا ما تكون مرفوقة بجريمة سكر أو عنف. كذلك جرائم السرقة التي تقع بدافع الحاجة والفقر أو بدافع المحاكاة أو الإغراءtentation وتواجد الفرصles opportunités كسرقة مثلا المعينة المنزلية لمشغلتها أو العاملة في محل مخدمها.
ü تورط المرأة في العديد من جرائم القتل لأسباب سوسيو-اقتصادية
ü انتشار ظاهرة العنف اللفظي والجسدي عند المرأة ضد الزوج الذي غالبا ما يقابله سكوت وإذعان من الضحية.
ü انتشار ظاهرة استهلاك المخدرات
ü أن أكثر من ثلثي الجرائم ترتكب في المدن الكبرى
ü تغيُّر في أسلوب الجريمة عند المرأة، كتوخي العنف والتهديد باستعمال الأسلحة البيضاء للنهب، أو استعمالها لخلع المنازل والمحلات التجارية للسرقة
ü أن المرأة لم تعد تكتفي بالمشاركة في الجريمة فقط كما كانت في الماضي بل أصبحت اليوم عنصرا فاعلا ومسؤولا ولها دور متنامي في مجال الجريمة.
ü أن أغلب المنحرفا ت ينتمين إلى فئة الشباب والكهول الشباب، بدون عمل أو يقمن بأعمال ذات الأجور الزهيدة، ينحدرن من مناطق فقيرة ومحرومة، وخاصة يشتكين من خلل قيمي وأخلاقي وغياب الوازع الباطني( دعارة، خيانة، سكر، مخدرات، قتل، عنف جسدي ولفظي، تحيل، غدر...) " [6].
ج‌- و هناك تحدي آخر يؤرق وطننا و هو التحدي الديمغرافي ، إذ تشير الدراسات إلى بعض الحقائق الصماء كما يصفها الاستاذ عبداللطيف الفراتي و التي لا مجال للهروب منها و ملخصها " أن نسبة كبار السن ستتضاعف بالقياس للعدد الجملي من السكان بعد 25 سنة، بينما تتقلص نسبة الأطفال تحت 15 سنة بحوالي 25 في المائة. وسيزداد الأمر حدة في السنوات الموالية وإلى حدود منتصف القرن الحالي عندما يتطور عدد الوفيات إلى ما فوق عدد الولادات ويبدأ عدد السكان بالتناقص بعد أن يكون بلغ 13 مليونا فقط سنة 2049، لينزل تباعا إلى 12 ثم 11 ثم 10 ملايين " [7].

و للأسف الشديد لا تلاقي هذه التحديات صدى في اهتمامات النخبة الاسلامية أساسا . فكثير منها ينزوي عنها بتحميل السلطة المسؤولية الأساسية ، و يستعيض بتوجيه النقد السياسي . و نحن لا نغمط الحق بالنقد السياسي . و لكننا نشير إلى أن هذا التفكير هو تبسيط في فهم الظواهر السلوكية و الاجتماعية و التي تتصف بالتعقيد ، و لا يستقيم القول به عند وضعه أمام المحك العلمي و التحليل الموضوعي . و في اعتقادنا حان الوقت ليعلو صوت النخبة الاسلامية لتشارك في تقديم المقاربات النظرية و العملية ، و تحمل مسؤوليتها الوطنية و الشرعية . فالتحديات التي تواجه الوطن كبيرة و لم يعد في الوقت متسع للمساهمة المباشرة في صناعة المستقبل و لو على المستوى النظري في المرحلة الاولى . و على النخبة الاسلامية أن تتحرر من " الأسر السياسي" و تنطلق في رحب النظر العلمي البناء لترسم مساهمات ، الوطن بأمس الحاجة لها . و أدعي أن النخبة الاسلامية لها من الامكانيات العلمية و الخبرة العملية و الشجاعة الأدبية و حب الوطن ، ما يمكنها من تسخير نفسها لمواجهة التحديات الكبرى ، و إن حيل بينها و بين الفعل سابقا ، فالحائل في نظري مركب و يتوزع بين عامل داخلي مأسور لرد الفعل السياسي ممزوج بشحنة نفسية لا تزال تعيش تحت وقع الظلم الذي سُلّط عليها و آخرخارجي مأسور هو أيضا بعقلية مشككة بأنماط الالتزام الديني بل حتى بسلامة الصدور . و لعل البعض يعترض بأنه لافائدة ما دامت عقلية " منهج السلطة " هو المتحكم في المسار السياسي اليوم ، إلا أننا نرى بأن القطع مع هذه العقلية لا يُنجز إلا عبر سيرورة بناءة و عاملة على صناعة شروط انجاز " سلطة المنهج" .و لمثل هذا المسار مجموعة من العوامل قد أشار إلى بعضها الاستاذ العجمي الوريمي في مقاله ( المراجعات القائمة و المصالحات القادمة) [8] .
و فاتحة ذلك في نظرنا هو انخراط النخبة الاسلامية في التحديات الكبرى التي أشرنا إلى بعضها بعيدا عن عقلية " الأسر السياسي " ، لأن نارها ستكوي الجميع . و للحديث بقية .



--------------------------------------------------------------------------------
[1]http://www.assabah.com.tn/article.php?ID_art=33045
[2] الطالبي ، محمد : ليطمئن قلبي . تونس : سراس للنشر ، ط1، 2007 .
[3] http://www.assabah.com.tn/article.php?ID_art=33093
[4] http://www.assabah.com.tn/article.php?ID_art=33137
[5] (المصدر: موقع ايلاف ( بريطانيا) بتاريخ 8 اوت 2009 )
[6] مجلة علوم انسانية WWW.ULUM.NL السنة السادسة: العدد 41: ربيع 2009
[7] http://www.assabah.com.tn/recherche_details.php?ID_art=30083
[8] http://www.tunis-online.net/arabic/modules.php?name=News&file=article&sid=6998


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.