يستعد أقدم كنيس يهودي إفريفي في جزيرة جربة التونسية لاستقبال آلاف من حجيجه وذلك ما بين 30 أبريل نيسان حتى 03 مايو آيار وهو الأمر الذي يجعل البلاد بأسرها وسيما المناطق الحدودية والبحرية المتاخمة لجزيرة جربة تعيش حالة من الاستنفار الأمني المشدد جدا بما يحيل حياة الناس هناك إلى جحيم لا يطاق أملا في تجنب العدوان الذي ذهب ضحيته عدد من الألمان وغيرهم يوم 02 أبريل نيسان من عام 2002 .. مناسبة للتطبيع مع العدو الغاصب لأرضنا في فلسطين.
تعتبر الحكومة التونسية التي يسيطر عليها انقلاب 07 نوفمبر 1987 حتى اليوم آخر الحكومات العربية والإسلامية التي تولي اهتماما لأكبر ثابت من ثوابت الهوية الوطنية التونسية أي: الانحياز اختيارا وبالضرورة معا إلى المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا العربية في فلسطين. تزاول الحكومة التونسية سياسة ماكرة قوامها النفاق الإعلامي المفضوح في هذه القضية بالذات وذلك من خلال إقامة علاقات حميمية وطيدة مع الكيان الصهيوني عن طريق التبادل الاقتصادي حينا واحتضان مراكز العدو التي تسميها ثقافية وتجارية حينا آخر. أما الزيارات الإسرائيلية الرسمية المتخفية تحت عناوين مختلفة إلى تونس فحدث ولا حرج. ولعل دعوة سفاح العصر شارون الميت الحي إلى زيارة تونس عام 2005 بمناسبة مؤتمر الإعلامية كانت دليلا كافيا على صداقة الحكومة التونسية بالكيان الصهيوني.
كنيس جربة مؤتمر إسرائيلي صهيوني أكثر منه معبدا دينيا يهوديا.
لم تنقل إلينا الأخبار إلى حد اليوم موقفا تونسيا وطنيا معارضا في هذه القضية غير ما صدر عن السيدة مية الجريبي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي قبل أيام قليلة وهو موقف وطني جدير بالإشادة والدعم قوامه منع كل زائر يهودي يحمل الجنسية الإسرائيلية إلى هذا المعبد. هذا الموقف الوطني المسؤول الذي يميز بين حق اليهود في زيارة معبدهم في كنف احترام ثوابت الهوية الوطنية التونسية (العروبة والإسلام ومبادئ الجمهورية) وبين تجنيب أرض عقبة وأبي زمعة والقيروان والزيتونة أن تدنسها الأقدام الإسرائيلية الصهيونية التي تعيث في أرضنا المقدسة في فلسطين فسادا.. هذا الموقف يؤيده فريق الحوار.نت ويدعو إلى تفعيله إعلاميا وسياسيا وشعبيا في كنف المعارضة المدنية السلمية..
موقف وطني هذه مبرراته.
1 تعيش أرضنا الفلسطينية المقدسة هذه الأيام الذكرى 62 للنكبة إثر الاحتلال الإسرائيلي وإعلان الكيان الصهيوني اللقيط في 15 مايو آيار 1948.. يعيشون ذلك في مناخ دولي تخنقه الإدارة الأمريكية الموجهة في قضايانا العربية والإسلامية باللوبيات الصهيونية ومناخ عربي وإسلامي محكوم بالخنوع والسلبية.. 2 لا يجدر بالحكومة التونسية غير توخي سياسة المعاملة بالمثل وهو قانون دولي قائم. إذ بمثل ما لا يسمح للمسلمين في فلسطين بأداء فريضة صلاة الجمعة (إلا لمن أدلف إلى الشيخوخة) كما تنقل إلينا الفضائيات مع ضحى كل جمعة على امتداد سنوات الاحتلال الطويلة.. بمثل ذلك لا يحق لأي يهودي يحمل جنسية إسرائيلية زيارة معبد جربة بسبب أنّ كل يهودي يحمل الجنسية الإسرائيلية هو صهيوني بالضرورة وهو جزء من الاحتلال الغاصب بالضرورة.. والصهيونية حركة عنصرية بقرار أممي سابق .. 3 الصهاينة المحتلون في فلسطين لا يقصرون جريمتهم على منع حق التدين في القدس التي تعدل الصلاة فيها 500 صلاة .. بل يهددون أولى القبلتين وثالث الحرمين بالحفريات حتى غدت فينا صيحات شيخ الأقصى حامي الحرم القدسي رائد صلاح حفظه الله.. نفخات في رماد أو تأوهات في قعر واد.. لا بل إنّ الصهاينة يشيّدون الكنس حول الأقصى لخنقه ضمن سياسة التغيير العمرانية وسياسة التغذية الديمغرافية من خلال استيراد اللقطاء من كل صوب وحدب.. أما الحكومة التونسية فإنها تقاوم ذلك الامتداد الديمغرافي الصهيوني بحصد الجائزة الدولية الأولى في كل عام في سبق تحديد النسل ووأد الإنسان.. الحكومة التونسية تستثير ردود الأفعال غير المسؤولة.
لا يمكن تفسير إقدام الحكومة التونسية على فتح أراضيها للصهاينة والإسرائيليين من غير اليهود المتعبدين بهذه المناسبة إلا باستثارة ردود أفعال غير مسؤولة من بعض الأطراف... سياسة النفاق الرسمية التونسية تقوم على الجمع بين المتناقضات: شكاوى متكررة مما تسميه زورا التطرف والإرهاب برغم أنّ تونس تشهد استقرارا كبيرا لولا أنه استقرار مفروض ببطش البوليس.. ذلك من جهة ومن جهة أخرى انتهاج سياسة مغالية في معاداة ثوابت الهوية الإسلامية بغرض استثارة شباب تلك الصحوة ومن ثم توخي سياسة الأرض المحروقة لتبرير إطلاق أيدي ميليشيات القصر في أعراض الناس وأموالهم واستدرار عطف المجتمع الدولي. عينات الأسبوع المنصرم من العدوان على الهوية الوطنية التونسية.
1 الفنان لبيار بالماد يروي أمام جمهور المسرح البلدي بالعاصمة في مسرحية الكوميدي قصته اللوطية مع أحد الشباب. قصة شذوذ جنسي تروى على الجمهور لأول مرة في تاريخ البلاد العريق. وتمضي الحياة جذلانة في غرور وكأن شيئا لم يكن.. 2 فنان الجاز ظافر يوسف في مهرجان جاز قرطاج يقول أمام الجمهور: "كفرت بدين الله والكفر عند المسلمين حرام". مدير المهرجان مراد المطهري يعتبر الأمر عاديا. وتمضي الحياة مرة أخرى لا تلوي على شيء وكأن شيئا لم يكن..
3 تشهد تونس عرض أول مشهد للملابس الداخلية النسوية في التاريخ العربي والإسلامي الحاضر والغابر ضمن صالون متوسطي للملابس الداخلية وتقوم على العرض عشر شابات تونسيات ممن يقطن أرقى الأحياء الفخمة في العاصمة التونسية. وتمضي الحياة مرة ثالثة هازئة بتراث البلاد وكأنّ شيئا لم يكن..
4 المنشط التلفزي المعروف رضوان في قناة حنبعل يرصد جائزة قدرها عمرة إلى بيت الله الحرام لمن يجيب على سؤال خاص بالعباقرة في زمن اختفى فيه العباقرة. السؤال هو: ما هو رقم حذاء المطرب التونسي صابر الرباعي.. ويفوز مشاهد بالجائزة.. وقبل أن تمضي الحياة رتيبة بليدة لا مقاومة فيها يكون المنشط رضوان قد استوعب الدرس الذي قضى بسببه شهورا في السجن.. ليس لأنه هون من قدر شعيرة العمرة فجعل جائزتها رقم حذاء.. ولكن لأنه تلعثم لسانه بكلمة جلبت له سخط القصر وذلك عندما سأل فتاة صغيرة في برنامجه الفضائي عن حلم مستقبلها فلما أجابته بأنها تريد أن تكون حلاقة قال لها بتلقائية التونسي: يجب علينا إذن أن نهيّئ لك رئيسا.. في إشارة إلى أنّ حرم رئيسنا حلاقة.. ثم تمضي الحياة بليدة رتيبة لا مقاومة فيها في سلطان من يثأر لعرض حرمه ولا يحرك ساكنا لعرض بيت الله الحرام الذي تساوي العمرة إليه ثقافة في أرقام الأحذية.. تلك الأحذية التي استخدمها المقاومون في العراق سلاحا ضد سفاح العصر بوش.. وشتان بين حذاء وحذاء!!!
1 يأوي إليها الإسرائيليون المحتلون أحرارا مكرمين بجوازات سفر إسرائيلية.. بينما يحرم التونسي المشرد في أروبا وأمريكا ونيوزلاندا بسبب آرائه السياسية من معانقة مسجد عتيق من مساجد جربة (والغ مثلا) التي تربى فيها شابا يافعا على أيدي شيوخ الأباضية الأفاضل.. للجواز الإسرائيلي حق المرور وللتونسي النفي والحجر!!!
2 يزج في سجونها الضيقة القذرة رغم كثرتها ضمن حملات بوليسية جديدة هذه الأسابيع بشباب الصحوة أخذا بالظنة .. بينما يستقبل الإسرائيليون في أبهية المطارات التونسية ومن حولهم الحرس والعسس سرا وعلنا مدججين بالأسلحة لئلا يكدر خشوعهم في صلواتهم بكنيس جربة والبوليس أدرى الناس بأنّ المفلحين من المؤمنين هم الذين في صلاتهم خاشعون!!! الحوار.نت