يسعى جميع الخلق إلى مصير محتوم وتحد رباني ملغوم, يقرره سبحانه وحده, وليس لأحد من الخلق ناقة فيه ولا جمل .يوم تبحث فيه عن كل حسنة ربما زاغت عنها الأبصار في الدنيا .بل ترجو فيه أن تكون مظلوما من كل الخلق عسى أن يمدوك بحسناتهم لرجحان كفتك .كما ترجو فيه أن يكون من أهلك شهيد أو حافظ قرآن تبغي يومئذ منه شفاعة .تود لو أن كل صحائفك وقتها بيضاء ناصعة. ولا يهمك غيرك من الخلق لو أنهم دخلوا جميعا النار ,لا لشيء إلا لأنك تفكر في ذاتك فقط يومها, ولا يسعك أن تفكر في غيرك ولو كان أقرب الناس إليك..لأنك وببساطة صرت من شهود العيان لما أخبرت به من قبل, ولأنك صرت شاهدا في يوم تشيب من هوله الولدان حقا وصدقا .كل ما تفعله يومها مما أتيح لك من أمانيك مبرر رغم إفراط الأنا .إلا أنك في الدنيا أيها الإنسان تطمع كثيرا فيما عند الناس, بل تعول غالبا عليهم عساهم يرفعون من شأنك في كل المستويات المتعلقة بما يسمى (مالا). ولكنك قليلا ما تنظر فيما ينفعك يومها .بل لك فقه يؤيد ما تذهب إليه في كل ما تميل..اعلم أنك ما دمت تنظر إلى فروض الكفاية أنها لا تعنيك فرضا عينيا, بل هي تعني من بوسعهم ذلك, وتجعل من وسعك وسعا ضيقا ضيق أفق تفكيرك, فأنت لا محالة غير نافع لنفسك ولا لغيرك يومها, وستكون عالة على غيرك كما كنت في الدنيا .لا تختزل حياتك أيها الإنسان الفاشل في اللوم على الآخرين..فإن أول سيئات هذا الإختزال أن تنسى نفسك في غمرة البحث عن سوءات الناس..ثم ستجد نفسك مرتهنة لفضل غيرك عليك في الدفاع عنك,في تجريدك من حرية إختيار القرارات التي تريد,ثم إذا طال بك العمر فستجد نفسك مسلوبة الإرادة..ومن سلبت إرادته صار عبئا على الأرض والخلق والدواب .أكرمك الله أيها الإنسان فلا تجعل من غيرك سلطانا عليك يذلك متى شاء بتبني قراراته.. تجبرا وكذبا نازعت ربك وهو خلقك فيما يشاء ويختار لمخلوقاته ,ولم تستطع أن تجعل من نفسك قوة فيما تريد أمام مخلوق مثلك تراه يميلك أينما مال .سل ربك القوة فإنه لا مكان لنفع نفسك فضلا عن نفعك الخلق إذا كنت إمعة بل لا ينتظر منك غير البلاوى والإفساد..ولا تجلب لنفسك أبدا الإحترام والتقدير من الغير بل ستجد أول من يحتقرك هم أولئك الذين يستعبدونك بآرائهم وقراراتهم ..انظر إلى ربك قبل أن تنظر إلى الخلق في كل ما تريد وفي كل ما تفعل فإن ذلك يعينك على اكتشاف حقيقة ذاتك .فإذا غلب عليك نظر الخلق أنسوك حق الله عليك, ثم جهلت نفسك وصرت عبدا مملوكا..فإذا كنت كذلك حدثت بما يحدثونك وامتنعت عما يمنعونك ومدحت من مدحوا وذممت من ذموا..فوطن نفسك قبل فوات الأوان فإنها ساعات معدودة.