جلسة صلحية مرتقبة غدا في صفاقس حول إضراب أعوان شركة "سونوتراك"    أنس جابر: "أعتقد أن الوقت قد حان لأخذ خطوة للوراء ومنح الأولوية لنفسي "    قبل ما تزور أقاربك في الصيف: إقرأ هذه النصائح    عاجل/ تسجيل تراجع في عدد رخص استغلال واستكشاف الموارد الطاقية    قابس: وفاة شخص وإصابة 4 آخرين في حادث مرور بالعمارات بالمطوية    بورصة تونس تنهي حصة الخميس على انخفاض طفيف    عاجل/ "إنتشار مرض السيدا في قفصة": مسؤول بالصحة الأساسية يرُد ويوضّح    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول تجاري جنوب بغداد..#خبر_عاجل    ترمب: أخبار جيدة بشأن غزة.. ومفاوضات التهدئة تشهد تقدماً    الجيش الفرنسي يغادر السنغال وينهي وجوده الدائم في غرب إفريقيا    القصرين: الإخماد التام لحريق اندلع مطلع الاسبوع بجبل عبد العظيم وتدخلات ناجحة للسيطرة على حرائق متفرقة بالجهة (رئيس دائرة الغابات)    بعد 40 عاما.. فرنسا ستفرج عن اللبناني جورج عبد الله    جامعة المتقاعدين: بعض المتقاعدين يضطرّون للتسوّل أو جمع البلاستيك..    مباراة ودية: تركيبة طاقم تحكيم مواجهة الترجي الرياضي ومستقبل المرسى    إنتقالات: تونسي يلتحق بالإطار الفني لنادي يانغ أفريكانز التنزاني    الحماية المدنية: إطفاء 159 حريقا خلال 24 ساعة الماضية    الهوارية: شاب ينقذ امرأتان من الغرق بالشاطئ القبلي    وفاة والدة الفنانة هند صبري    الفنون الدرامية والركحية بالمهدية: مهرجان مسارات ..قريبا    ندوة صحفية يوم الاثنين المقبل للاعلان عن برنامج الدورة ال30 للمهرجان المغاربي للفروسية ببوحجلة    حليت دبوزة الماء؟ عندك كان 24 ساعة قبل ما تولّي مصيبة    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه تجهز كافة اقاليمها باجهزة الدفع الالكتروني لتيسير خلاص الفواتير    هام/ انجاز طبي نوعي بقسم الأنف والأذن والحنجرة بالمستشفى الجامعي بقابس..    تحذير/ لا تتجاهلها..أعراض تنذرك بأنك مهدد بالإصابة بالسكري..!!    وزارة التعليم العالي: نسعى لزيادة عدد الطلبة في هذه التخصّصات    بعثة الأهلي تطير إلي تونس صباح الجمعة لاجراء تربص تحضيري    مطار جربة جرجيس يستقبل أكثر من 5700رحلة جوية من 17 دولة    خدمة إلكترونية تحلّك مشكل زحمة ال'' Péage''وتربحك وقت    "كريم الفيتوري يدعو إلى تحالفات بين علامات تونسية لاكتساح أسواق زيت الزيتون العالمية"    تحذير: موجة حرّ خانقة تضرب تونس...وذروتها يوم الإثنين!    عاجل/ الاطاحة بشخص مصنّف خطير..وهذه التفاصيل..    فظيع/ مشاجرة تنتهي بجريمة قتل..!    يعاني وضعًا صحيًا صعبًا.. ما هو مرض لطفي لبيب؟    حمدي حشّاد: الصيف في هذه المناطق أصبح يتجاوز ما يتحمّله جسم الإنسان    عاجل : حريق ضخم يدمّر المسرح الرئيسي ل Tomorrowland قبل انطلاقه بساعات    مهرجان الحمامات الدولي: مسرحية "ام البلدان" تستعير الماضي لتتحدث عن الحاضر وعن بناء تونس بالأمس واليوم    ''ننّي ننّي جاك النوم''... الغناية اللي رقدنا عليها صغار...أوّل مرّة بش تقراها كاملة    الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي تراهن على تشجيع الإبداع التونسي ببرمجة 17 عرضا تونسيا من بين 20    نقطة تحول في مسيرة العلامة التجارية/ "أودي" طلق سيارتها الجديدة "Q6 e-tron": أنور بن عمار يكشف السعر وموعد انطلاق التسويق..    اعتماد نظام الحصة الواحدة في التدريس..ما القصة..؟!    بعد الآلة الذكية لكشف نسبة الكحول للسواق...رُد بالك تفوت النسبة هذي    الجامعة التونسية لكرة القدم تصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    هل الضوء في الصيف يزيد من حرارة المنزل؟ الحقيقة العلمية!    الزهروني: منحرف يروّع المواطنين بسيف والأمن يُطيح به في كمين محكم    البطولة الافريقية لالعاب القوى للشبان : التونسية فريال شنيبة تحرز برونزية مسابقة الوثب الثلاثي    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى اسطنبول لاجراء تربص تحضيري استعدادا للبطولة العربية    سبالينكا لن تشارك في بطولة مونتريال للتنس قبل أمريكا المفتوحة    قيس سعيّد: مراجعة جذرية للصناديق الاجتماعية لبناء دولة عادلة    اليوم: السخانة من الشمال الى الجنوب..وهكا باش يكون البحر    "تعبت".. تدوينة مؤثرة ترافق استقالة مفاجئة للنائبة سيرين مرابط وتثير تفاعلاً واسعًا    قيس سعيّد: مؤسسات بلا جدوى ونصوص تستنزف أموال الشعب    التفويت بالدينار الرمزي لفائدة مؤسسة مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان    تاريخ الخيانات السياسية (17).. .مروان الحمار وخيانة صهره    إنطلاق فعاليات الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي بعرض رحلة الأجيال للفنان يسري مقداد    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من كل بستان زهرة
نشر في الحوار نت يوم 23 - 05 - 2010


من كل بستان زهرة – 2

الدكتور عثمان قدري مكانسي

لا شك أن كثيراً من الفقهاء شعراء ، وأن كثيراً من شعرهم جامد جمود فقههم ، أو قل جمود فقه بعضهم ، فكثير من فقههم يدل على فهمهم النصوص فهماً دقيقاً ، وفهمهم لمقاصد الفقه يجعل من آرائهم قبلة الواعين من إخوانهم وتلاميذهم ومريديهم . فقد وهبهم الله تعالى القلب الحي والفكر المواعي المستنير يفهمون بهما مقاصد الشريعة فيصدرون الأحكام المناسبة للواقعة ، ويحللونها تحليلاً دقيقاً يستند على المعطيات الواقعية المناسبة للقضية زماناً ومكاناً .
دع عنك هذا ولنعد إلى شعر الفقهاء فقد جمع منه أخونا المرحوم الدكتور حسني ناعسة رسالته في الماجستير كتاباً سماه " شعر الفقهاء " يعرض فيه لشعر الكثير منهم توضيحاً لفكرة أو حُكم أو رأي فقهي أو تفسيري أو لوصف بعض المعاناة في الحياة جراء اختلاطهم بالناس ولقاء عيّنات منهم يقطع حديثُهم الأنفاس أو يؤدي التعامل معهم إلى داء عُضال ، ومرضٍ لا شفاء منه ، ولعل بعضهم كان يعيش حياة بؤس وفاقة بينما ترى الكثير من الجهلة يرفلون بالنعيم ويتقلبون على سرر الرغد وفي بُسط الرفاهية .
وما قصدت هذا في مقالي إنما أراني أقف على أبيات للفقيهالقاضي عبد الوهاب بن علي البغدادي المتوفى 391 هجرية يتغزل غزلاً ليس بالعفيف وهو عفيف ، وليس بالفاضح ، وهو قريب منه فيصف موقفاً قد يقف فيه الكثير منا إن لم أزعم أن كل المتزوجين أبلَوا فيه بلاءً حسناً ، وأقول حسناً لأنه حلال ذُكر في سيرة السلف الصالح ما هو أوضح منه وأشد سطوعاً .
ولعل قصة جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في غزوة ذات الرقاع مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أكبر مثال على ذلك ، هذا ابن هشام في سيرته ينقل حديث جابر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، والجيشُ بقيادة المصطفى عائدٌ من نجد وقد كان يريد غزو بني محارب وبني ثعلبة من غطفان فيقول الرسول الكريم لجابر - بعد أن أخبره أنه تزوج ثيباً لتقوم على خدمة أخواته الصغيرات بعد استشهاد أبيه في غزوة أحد – " أصبتَ إن شاء الله ". ثم يمازح جابراً ، فيقول له : " أما إنا لو جئناً صِراراً ( موضع ثلاثة أميال من المدينة ) أمرنا بجُزور فنُحرتْ وأقمنا عليها يومنا ذاك ، وسمعتْ بنا فنفضَت نمارقَها " ( أي إن زوجة جابر ستسمع بمقدم زوجها في جيش المسلمين ، فتستعدّ للقاء زوجها ، فتهيئ فراش الزوجية ) . فيجيب جابر ببراءة الشاب المسلم : والله يا رسول الله ما لنا من نمارق ( والنمارق الوسائد الصغيرة ) ويقصد أنه فقثير ليس في بيته أثاث ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم مبشراً جابراً أن أياماً هنيّة وثراء سيأتيه عما قريب إن شاء الله : " إنها ستكون ، فإذا أنت قدمتَ فاعمل عملاً كيّساَ " وليس العمل الكيّس بعد العودة من السفر بسلام إلا أن يتوّج بلقاء بين الزوجين ينسى فيه الرجل وعثاء السفر وتنسى فيه الزوجة بُعد الرجل عنها . فلما لقي جابر زوجته وأخبرها بما كان من حديث بينه وبين رسول الله فهِمَت المرأة المراد ، فقالت ملبية : فدونَك فسمعٌ وطاعةٌ . وغرق الزوجان ليلتهما في الحلال . ولعل في عودة القارئ لقصة جابر – وما ذكرتُه جزء صغير منها – ما يجلّي المجتمع المسلم المجاهد الذي كانت حياته في الغزو والجهاد أكثر منها بين الأهل والديار ، ومع ذلك فلم ينس المسلمون أن يحيَوا حياة الحب والودّ مع أهليهم ، وحرارة اللقاء مع حلائلهم .
هذا القاضي الفقيه عبد الوهاب بن علي البغدادي الذي ذكرناه قبل قليل يصف لنا ما فعل حين دخل على زوجته فرآها تغط في نوم عميق :
ونائمة قبّلتها فتنبّهت = وقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني فديتك غاصبٌ = وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفّي عن أثيم ظلامة = وإن أنتلم تَرضَيْ فألفاً على العد
فقالت قصاص يشهد العقل أنه = على كبدالجاني ألذ منالشهد
فباتت يميني وهي هِميان خصرها = وباتت يساري وهي واسطة العقد
فقالت ألمتخبِرْ بأنك زاهد = فقلت: بلى مازلت أزهدُ في الزهد
ودٌ بين الزوجين المحبين يمازح الرجل زوجته ويتقرب إليها ، فتجيبه بالأسلوب المرح نفسه . ولا ينسى الشاعر الفقيه في غمرة الوصال أن يفرق بين عقوبة اللص وعقوبة الغاصب ، فاللص يُحَدّ والغاصب يرد ما اغتصبه ، وهو الآن غاصب لايرى حرجاً أن يرد ما أخذ من زوجته وهي غافلة ! أضعاف حقها ، وهما الرابحان في غصْبِ الحق وإعادته .. وما أحلى تصوير الموقف الذي جمع الحبيبين بعد هذا الحكم العدل الذي أرضى الطرفين !!..
واقرأ البيت الأخير تجد الحوار القصير بينهما ، سؤال وجواب .. أما السؤال فدلع وتحبب ، وأما الجواب فتقرّب وتزلّف .. إنه الحب الرضي والألفة الزوجية الرحيمة الرائعة ..



" ومن آياته أنْ خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.