تجرّؤ بعض قواعد حركة النهضة على النّيل من رموزهم على صفحات الويب،يساهم: (1 - في الحفاظ على المشروع، 2 - في هدم المشروع)؟!..... ذلك هو نصّ الاستفتاء الظاهر على صفحة تونس أونلاين العاملة بإخلاص... والحقيقة أنّني لست مع هذه الصياغة، التي لم تبيّن ماهية المشروع... فالظرف يستدعي منّا الحصر والتدقيق؛ لأنّ الذي تجرّأ على ذمم النّاس قد يتجرّأ دون تردّد على النصوص فيحمّلها ما لا تحتمل... ورغم قوّة احتمال فرضيّة المشروع الإسلامي في المقصد، فإنّ استعمال صيغة "النّيل من رموزهم"، تبعث على الشكّ فعلا في أنّ المقصود هو المشروع الإسلامي، ذلك أنّه ليس من صفات المسلمين مهما تدنّى مستواهم التربوي النيل من بعضهم البعض ناهيك برموزهم وقادتهم، فلعلّ "النّيل" هنا مفردة قد أسيء اختيارها كذلك؛ ولو وقع الاكتفاء ب"التجرّؤ على مناقشة رموزهم أفكارهم على صفحات الواب" دون ذكر "النيل" لكان أنسب في الحديث عن المسلمين والإسلاميين على وجه الخصوص، دون أن يفقد الاستفتاء ما قد يكون لمّح إليه من قلّة التفاعل أو التدافع داخل الصفّ الإسلامي، وما هدف إليه من إدخال حركيّة تعود بالنفع على الصفّ... وأمّا الصياغة الحالية ف"التجرّؤ" فيها لا يكون إلاّ محافظا على المشروع خادما لأبطاله!... وأمّا المشروع فهو ليس المشروع الإسلامي - بهذا التقدير - وإنّما هو مشروع أعداء الحركة الإسلاميّة في تونس، الذين بدأوا بسحب البساط ثمّ تجفيف المنابع ثمّ القضاء على الرّمزية؛ بجعل الكلّ سواسية في السوء إلاّ من كان من "الذات السيادية" التي لا تتحرّك إلاّ لتنجح ولا تتكلّم إلاّ لتصدّق ولا تخطّط إلاّ لتجرِّئ!.. ومن النّاس (ولله المثل الأعلى)، من تجرّأ على الله سبحانه وتعالى، فما أصبرهم على النّار!... فبهذا التحديد يصحّ هنا "النيل" ولا يصح وصف فاعله بالإسلامي أو بالمنتسب إلى المشروع الإسلامي، وإنّما هو سائر في منحدر الانحراف والتعامل مع السيّئ والمسيء والسوء ذاته... وأمّا المسلمون فمن أراد منهم التجرّؤ فليتجرّأ على الباطل يقاومه ويزهقه بمشيئة الله تعالى، كما فعل أبطال قاقلة السلام الأخيرة وغيرهم من الأفذاذ داخل البلاد وخارجها... ولقد تأسّفت أسفا كبيرا أن سمعت أو رأيت بالقافلة موريتانيين ومغاربة وجزائريين ولبنانيين ومصريين وخليجيين وغيرهم من العرب (دون ذكر بقيّة النّاس من ميدان الإنسانية الواسع جزاهم الله خيرا كثيرا عن أهل غزّة)، ولم أر مجموعة تونسيين تدخلنا عالم الجرأة والتجرّؤ... إلاّ ما كان من عمل أناس أخطأوا صفات الرّجولة فوقعوا في أعراض الضعفاء وتفنّنوا في محاربة أصحاب الهمم، فقد تجرّؤوا عليهم بما لا يستطيعه الكرام كما لو كانوا فصيلا شديد الكراهيّة للمسلمين من مجموعات الكمندوس الصهيوني المهاجم لأسطول السلام في عرض المياه الدولية!... أنصحوا إخوانكم ولا تتجرّؤوا عليهم ب"النيل" منهم فإنّ: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.... بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"، ولكن لا بأس أن يتجرّأ النّاس على الظالم يبصّرونه الحقّ ويلزمونه به حتّى يستقيم عليه، ولا بأس أن يتجرّؤوا على على الفاسد المفسد فيهم – كهؤلاء الفاشلين مثلا، الذين جلسوا تحت التراب المنّجس بفضلات أسيادهم ينتظرون مقالاتي كي يشبعوها آحادا ترقى بهم إلى منازل التافهين – يقنعونه بمحاولة اكتساب ميزة الإنسان الصالح الذي فقه سبب تواجده في هذه الحياة الدنيا فاستقام عابدا منشدا رضاء ربّه سبحانه وتعالى... ختاما لا بدّ أن أشكر الإخوة القائمين على تونس أولاين، فقد اجتهدوا في خدمة بلدهم وناسهم، فجزاهم الله خيرا وزادهم حرصا على الصلاح وثباتا عليه...