تزامن انطلاق مؤتمر حوار أتباع الأديان الذي عقد يوم الأربعاء 30 سبتمبر في جنيف مع الخبر الذي ُنشر الأول من أكتوبر في جريدة „Österreich“ والذي أفاد بحرق غطاء الرأس لطالبة في إحدى المدارس بمدينة جراتس، الفعل الذي تم بعد الإنتهاء من البروتوكولات الرسمية مرورا بتهنئة رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية باراك أوباما لمسلمي أمريكا والعالم أو التحية الرسمية بمناسبة شهر الصيام واستضافة رموز الجالية الإسلامية في جمهورية النمسا على مائدة إفطار المستشار النمساوي أو عمدة مدينة فيينا أو إحتفال العيد على شرف رئيس الجمهورية أو التهاني من النقابة النمساوية. ما يغيب حقاً عن المشهد هم أتباع الأديان مع إستثناء دولة وحكومة إسرائيل فالنخبة والقادة من رجال الأديان والعلماء والأكاديميون والخبراء ليسوا هم المعنيون بالحوار، المعني بالحوار في الدرجة الأولى هم الأتباع، وما يحدث هنا أو هناك يقوم به أتباع الأديان وليس رجال الدين أو العلماء، وأخشى أن أقول أنهم في واد آخر غير الوادي الذي يسكنه الأتباع، والإدعاء بأنهم النخبة والقادة من رجال الأديان والعلماء والأكاديميون والخبراء يشكّلون صورة حية للإنسجام والتوافق بين مختلف الشعوب على اختلاف ألوانهم وأجناسهم مجرد إدعاء ولا يقويه الواقع المعاش، مما يجعل جدول أعمال المؤتمرات والتوصيات هي صورة متخيلة في ذهن المُؤْتَمِرين لا تستند على واقع ملموس. والتوصيات بإيجاد حوار ومدى أهميته لبناء جسر التواصل بين الشعوب والأمم وإشاعة السلام ومكافحة ثقافة الكراهية والعنف والإقصاء مازالت أمنيات تستخدمها المؤسسات الرسمية دون إستراتيجية فعلية ناجحة وخطة مدروسة. والقول بأهمية العدل في التعامل مع القضايا المختلفة بين الشعوب فلسطين مثال واضح مجرد قول لا يتعدي فاعليته شفاة المتحدث.
أتباع الأديان والثقافات والحضارات على وجه المعمورة مازالوا يعيشون في خيامهم الفكرية وفسطاطهم العقدي والمعقود منذ سنوات، فبرامج الأممالمتحدة بمؤسساتها الدولية وميزانيتها أظهرت عدم قدرتها على تفعيل الخطط والبرامج.
وآمال السيدة „نافنثيم بيلاي“ المفوضة السامية لحقوق الإنسان مجرد أمنيات، إذ قالت في حفل إفتتاح مؤتمر جنيف لحوار أتباع الأديان (30 سبتمبر 2009) :" مازال هناك الكثير من الشك والجهل وسوء الفهم وعدم التسامح بين الناس مما يخالف القيم الإنسانية المشتركة ويولد انقسامات مصطنعة، وإن كانت حسب قولها القيم الإنسانية واحترام حقوق الإنسان والحياة الكريمة تشكل الأساس في جميع الأديان ".
فهل خرجت الإنسانية من إنسانيتها، أم ترك أتباع الأديان أديانهم!!!.
الأمر في حقيقته يتعلق بنظام التعليم ودور الإعلام كالصحافة والتلفزيون والإذاعة والسينما ودور السياسة والأحزاب التي تعمل على كسب أصوات الناخبين بإرعابهم بالسلاموفوبيا ودور البيت والمدرسة ودور العبادة، فالمسألة ليست أقوال تقال في مناسبات تجمع لفيف من المختلفين، تؤكد على وجود الواقع السئ بل المسألة برامج قابلة للتطبيق لتغيير الواقع السئ.