الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة 7 ''بلاي أوف''    سبيطلة.. الإطاحة بمروج مخدرات في الاوساط التربوية    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    ساهمت في ارتفاع مخزون العملة الأجنبية الى 108 أيام توريد ..تواصل ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج    أبرزهم كاظم وماجدة وحكيم...هل يقدر مهرجان قرطاج على «كاشيات» النجوم العرب ؟    القصرين..مهرجان «الحصان البربري» يعود بعد 19 سنة    رسائل قوية في خطاب التنصيب ... بوتين يعلن قيام النظام العالمي الجديد    ابطال اوروبا.. ريال مدريد يطيح بالبيارن ويضرب موعدا مع دورتموند في النهائي    إرساء تصرّف ذكي في المياه    توقّع تراجع انتاج الحليب في الصيف    في لقاء بوزير خارجية البحرين ... سعيّد يؤكّد وقوف تونس الثابت في صف الشعب الفلسطيني    تونس تدعو للوقوف صفا واحدا ضد حرب الإبادة والتهجير القسري التي يشنها الاحتلال    صفاقس.. إتخاذ الإجراءات الضرورية لإعفاء الكاتب العام لبلدية ساقية الزيت    توقيع اتفاقيات مشروعي إنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ترفض اعتراض النادي الصفاقسي ضد الترجي الرياضي شكلا وتقر النتيجة الحاصلة فوق الميدان    الأستاذ محمد العزيز بن عاشور يرصد تحولات الموروث الثقافي التونسي في كتاب جديد باللغة الفرنسية    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    الرابطة ترفض إثارة النادي الصفاقسي.. و لا ويكلو ضدّ النادي الإفريقي    عاجل - إغلاق محل لبيع منتجات لحوم الخيول في بن عروس    باب بحر: القبض على متورّط في عمليات سرقة    نُصب له كمين: القبض على عون رقابة للصحة العمومية مُتلبّسا بالرشوة    وكالة التحكم في الطاقة: نحتاج استثمارات ب 600 مليون دينار لتخفيض الاستهلاك الطاقي في البلديات    جامعة السباحة : تفاجأنا بخبر غياب الحفناوي عن أولمبياد باريس    تطاوين: الشرطة البلدية تُنقذ طفلين من الموت    بين المنستير وصفاقس: الاحتفاظ بشخصين والقبض على منظمي "حرقة" ووسطاء    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    سليانة: تسجيل جملة من الاخلالات بكافة مراكز التجميع بالجهة    نجيب الدزيري لاسامة محمد " انتي قواد للقروي والزنايدي يحب العكري" وبسيس يقطع البث    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    يُوهم الفلاحين بالبحث عن أرض لكرائها ويترصّد مواشيهم ثم يعود ليلا لسرقتها..    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    البطولة العربية لألعاب القوى: ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    التونسي أيمن الصفاقسي يحرز سادس أهدافه في البطولة الكويتية    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    إنقاذ فلاّح جرفه وادي الحطب بفوسانة..    بطاحات جزيرة جربة تاستأنف نشاطها بعد توقف الليلة الماضية    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 8640 فلسطينيا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر الماضي..    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    بشرى سارة للتونسيين بداية من هذا التاريخ..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقيد محمد الغنام أمام مؤتمر حقوق الإنسان يطالبً يمحاكمة مبارك جنائيًا
نشر في الحوار نت يوم 27 - 06 - 2010

اتهامات محددة أوضحها العقيد محمد الغنام أمام مؤتمر حقوق الإنسان المنعقد فى لندن طالبًا محاكمة مبارك جنائيًا
المقال يحتوى على عدة اتهامات محددة أوضحها العقيد محمد الغنام أمام مؤتمر حقوق الإنسان المنعقد فى لندن طالبًا محاكمة مبارك جنائيًا أمام القضاء البلجيكى لإرتكابه جرائم خطيرة فى حق الشعب المصرى .
ومازال الغنام مختفيا بسجون سويسرا منذ اعتقاله في مارس 2007 بدون اتهام أو محاكمه
أجد نفسى مضطرًا لإعادة جزء يسير من هذا المقال ليعلم الجميع قدر الجرائم التى ارتكبها مبارك عن عمد فى حق الشعب المصرى ، وبداية فإن العقيد محمد الغنام لا يمكن التشكيك فى شهادته لأنه رجلا عاش محسوبًا على النظام الأمنى المصرى لفترة طويلة وكان يشغل منصب مدير البحوث القانونية بوزارة الداخلية المصرية ، وهو على حد وصف الدكتور محمد عباس "أحد الخبرات النادرة" فى مجال الأمن المصرى
.... يقول العقيد محمد الغنام أمام مؤتمر حقوق الإنسان المنعقد فى لندن :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السادة الحضور: تمر شعوبنا العربية سواء في المغرب أو المشرق بمحنة قاسية بعد أن تسلط على معظم بلداننا حكام غلاظ لا يقيمون للإنسان وزناً ولا يعترفون بأي حق ولو أبسط حقوق الإنسان.
وفي مصر بالذات بلغت الأمور مبلغاً خطيراً بعد عشرين عاماً من حكم "مبارك" التعيس أصبح خلالها القمع والقتل والتعذيب سياسة الحكم ومنهاج الحاكم ونهب المال العام شغله الشاغل، ووجدنا عتاة الفاسدين وغلاة المنحرفين وقد اعتلوا مناصب الدولة الرفيعة فعاثوا في الأرض فساداً حتى آلت أحوال بلادنا إلى ما تعرفونه جميعاً!
الجمع الجليل: - كلمتي إلى جمعكم هذا لن تكون إنشائية أو بلاغية ولكنها سوف تنصب على حالات واقعية مصرية تؤكد من خلال الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة ما نقول به من أن الاستبداد والفساد هما جناحا سياسة الدكتاتور/ مبارك، وتكشف كذب ادعاءاته من أن ما نشهده من عمليات قتل وتعذيب لأبناء شعب مصر على أيدي بعض رجال الشرطة إنما هو من عند أنفسهم ولا يعدو أن يكون انحرافاً أو أخطاءً شخصية منهم، فالغالبية العظمى من إخوانكم من ضباط ورجال الشرطة الذين شرفت بالعمل بينهم لأكثر من عشرين عاماً يتقون الله حق تقاته ويدركون حرمة النفس البشرية التي كرمها الخالق، وهم من ادعاءات مبارك الزائفة براء.
أما ما نشهده من عمليات قتل وتعذيب يرتكبها بعض رجال الشرطة فهي نتيجة الضغوط القوية والمكثفة التي يمارسها " مبارك" على رجال الشرطة لدفعهم دفعاَ في هذا الاتجاه بقصد إرهاب وتركيع شعب مصر، وفي مواجهة ضغوط مبارك تلك يصمد من يصمد من الضباط الأقوياء الذين يرفضون معصية الخالق وانتهاك أحكام القانون ابتغاء مرضاة الحاكم الفاسد، بينما لا يقوى على الصمود الأقل قوة ومن في نفوسهم مرض فيسقطون في فخ مبارك فيقتلون ويعذبون بني جلدتهم طمعاً في منصب أو بحثاً عن مكافأة مالية.
ويسعى الدكتاتور "مبارك" إلى السيطرة على جهاز الشرطة ودفعه لتنفيذ سياسته الشيطانية القائمة على قمع وإرهاب الشعب ضماناً لاستمراره في الحكم وبقائه في السلطة رغم أنف الجميع من خلال وسائل عديدة ، نذكر منها في هذا المقام وسيلتين: أولاهما، تتمثل في إسناد المناصب القيادية الحساسة في جهاز الشرطة للعناصر المنحرفة التي لا تتورع عن قتل أو نهب، بما يضمن له السيطرة من خلال تلك العناصر على الجهاز بأسره وتوجيهه الوجهة التي تحقق أهدافه الخبيثة، والوسيلة الثانية، تتمثل في حماية من يسقطون في حبائله فيقدمون على قتل وتعذيب إخوانهم ، وإليكم بعض الحالات الواقعية المدعمة بالأدلة القاطعة لبيان استخدام مبارك وإعماله لهاتين الوسيلتين:الوسيلة الأولى: السيطرة على جهاز الشرطة من خلال تشجيع الفساد وإسناد المناصب القيادية للعناصر المنحرفة:
1 – جرت منذ عدة سنوات محاكمة اللواء/ طلعت كامل نصار وإدانته في جريمتي اختلاس وتزوير، وبعدها بسنوات قليلة وتحديداً في عام 1991 تمت مجازاته إدارياً لاستيلائه على أموال مخصصة لجنود الشرطة، وكان الطبيعي أن يتم استبعاد مثل هذا الضابط فوراً، ولكن ما حدث في ظل حكم مبارك كان مختلفاً كل الاختلاف إذ قام المدعو / حسن الألفي (وزير الداخلية السابق) بمد خدمة هذا الضابط في رتبة اللواء بينما أحال زملاءهُ الشرفاء للتقاعد، مما حدا بهم إلى إقامة دعوى قضائية ضد وزير الداخلية أمام محكمة القضاء الإداري التي أدانت الوزير واصفة مسلكه هذا بأنه ينطوي على سوء تقدير وإساءة استعمال السلطة المخولة له (حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2117 لسنة 52 ق الدائرة التاسعة في 27 ديسمبر 1999)، ولان من البديهي بعد هذا الحكم أن يتم محاسبة وزير الداخلية واستبعاد هذا الضابط، ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً إذ قام المدعو " حبيب إبراهيم حبيب العادلي" وزير الداخلية الحالي في 1 أغسطس 2000 بمد خدمة اللواء المذكور لمدة عام آخر ضارباً عرض الحائط بأحكام القضاء (قرار وزير الداخلية رقم 809 لسنة 2000) .
ثم كانت الطامة الكبرى في 25 يناير 2001 حيث قام الدكتاتور/ مبارك في إطار احتفالات أعياد الشرطة بمنح هذا الضابط نوط الامتياز من الطبقة الأولى ( الخبر منشور في جريدة الأهرام الصادرة بتاريخ 26 يناير 2001 صفحة 15) ، فهل هذا معقول؟! وهل يمكن أن يصل تشجيع الفساد وحمايته إلى هذا الحد؟! وهل يمكن أن يحدث هذا من أي حاكم تتوافر فيه أدنى متطلبات "الأمانة" التي هي شرط لازم من شروط صلاحية الحاكم؟!
2 – تكرر نفس الأمر بالنسبة للواء/ محمد محمود شحاته الذي تمت محاكمته وإدانته بعد أن تم ضبطه وهو يقوم بتهريب بضائع من جمرك بورسعيد مستخدماً سيارة مسروقة قام بتغيير لوحاتها المعدنية، ومع ذلك لم يتم إنهاء خدمته وإنما على العكس قام نفس الوزير (المدعو/ حبيب إبراهيم العادلي) بمد خدمته في رتبة اللواء وإحالة زملائه الشرفاء للتقاعد، مما حدا بهم إلى إقامة دعوى قضائية ضده ، وقد أدانت محكمة القضاء الإداري مسلك "حبيب إبراهيم العادلي" واصفة إياه بأنه ينطوي على سوء تقدير وانحراف فاحش بالسلطة (حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 428 لسنة 53 ق الدائرة التاسعة).
3 – امتدت خطة النظام الحاكم المصري لإحكام سيطرة قيادات منحرفة على جهاز الشرطة إلى أكاديمية الشرطة في محاولة خبيثة لبث بذور الانحراف بين طلبة كلية الشرطة، فتم تعيين اللواء/ عمر حسن عدس مديراً للأكاديمية رغم ما عرف عنه من سرقة بحث علمي وتقاضي رشاوى والحصول على وحدات سكنية من صغار الضباط لنقلهم وقضاء مصالحهم وقد نشرت جريدة "الشعب" جانباً من وقائع انحرافه، وحتى بعد أن أدانته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إذ قررت عدم قانونية عقد المقاولة الذي باشر إجراءاته ووقعه المذكور نيابة عن وزارة الداخلية مع إحدى شركات المقاولات بقيمة ثلاثمائة وخمسين مليون جنيه مصري لبناء أكاديمية الشرطة الجديدة (التي أسماها مبارك باسمه!!) (راجع فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ملف رقم 54/ 1 / 344 لسنة 1998)، أقول حتى بعد أن قررت الجمعية العمومية أن اختيار تلك الشركة تم "بمنأى عن كل قواعد القانون وبخروج سافر عليها" وبالمخالفة للقواعد المقررة لحماية المال العام مما يكشف عن وجود تلاعب، فانه لم يتم استبعاد هذا الضابط بل تم الإبقاء عليه في نفس وظيفته لينفث سمومه بين طلبة الكلية، ولم يغير من ذلك ما قام به من تلاعب في الأراضي المخصصة لضباط الأكاديمية والتي قام بتوزيع مساحات واسعة منها بغير حق على معارفه وعلى كبار المسئولين بالدولة ، والأدهى والأعجب من ذلك انه حتى بعد أن بلغ سن التقاعد قام فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بتعيينه مستشاراً له!!
وهناك العديد والعديد من الحالات المماثلة، كذلك فإن هناك وبالمقابل العديد من حالات أخرى لضباط شرفاء رفضوا المشاركة في الفساد ونهب المال العام فكان جزاؤهم النقل والتنكيل وإنهاء الخدمة، ولكن سأكتفي - حرصاً على وقتكم الثمين بهذه الحالات الثلاث المدعمة بالأحكام القضائية التي هي عنوان الحقيقة وبفتاوى الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع وهي أعلى جهة إفتاء قضائية في مصر.
وغنيٌ عن البيان أن إسناد الوظائف القيادية لأمثال هؤلاء الضباط ممن في نفوسهم مرض وممن لا يتورعون عن فعل أي شيء في سبيل تحقيق مصالحهم يمكن مبارك من تنفيذ سياسته القمعية وإجبار الضباط الآخرين من ذوي الرتب الصغيرة والمتوسطة على التورط في عمليات قتل وتعذيب الأبرياء.الوسيلة الثانية: مبارك يكرم ويحمي من يسقطون في حبائله من الضباط فيقدمون على قتل وتعذيب أبناء الشعب:-
بالنسبة للقلة القليلة من رجال الشرطة ممن أقدموا على قتل وتعذيب أبناء الشعب خضوعاً للضغوط التي مارسها " مبارك" والقيادات المنحرفة التي مكنها من المناصب القيادية في جهاز الشرطة، أقول إن تلك القلة القليلة التي غرر بها مبارك وأعوانه تحظى برعاية وحماية نظام حكم مبارك، إذ لا يقوم النائبُ العام في معظم الحالات بتحريك الدعوى الجنائية ضدهم بل يقوم بحفظ التحقيق أو يكتفي بمطالبة وزير الداخلية بتوقيع جزاء إداري، ولعل مما يثير الضحك وشر البلية ما يضحك أن نعلم أن الجزاء الواقع على بعض رجال الشرطة لقيامهم بتعذيب مواطنين وإحداث إصابات بهم هو الإنذار أو خصم نصف يوم من المرتب، وحتى في الحالات التي يضطر فيها النائب العام إلى إحالة بعض رجال الشرطة من مرتكبي جرائم القتل والتعذيب إلى جهات القضاء نتيجة ضغوط منظمات حقوق الإنسان أو أجهزة الإعلام، فإنه تتم ممارسة ضغوط قوية على القضاة لتبرئة المتهمين أو إصدار أحكام مخففة بحقهم، ويكفينا من مقام التدليل على تدخل الدكتاتور مبارك في أعمال القضاء اعترافه الصريح بذلك في حديثه مع إحدى المجلات الأمريكية أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية في مارس 2001، حيث أقر المذكور بأنه أمر النائب العام باستبعاد تهمة التخابر التي كانت موجهة للدكتور/ سعد الدين إبراهيم لأنها "جريمة وحشة وعقوبتها كبيرة"!!! والأدهى والأنكى من كل ما تقدم انه حتى في الحالات الصارمة التي تقوم فيها المحاكم بإصدار أحكام مخففة ضد بعض رجال الشرطة المتهمين بقتل بعض المواطنين وتعذيبهم حتى الموت، فان الدكتاتور مبارك يصدر قرارات عفو لرجال الشرطة بل ويقوم بتكريمهم ومنحهم أنواطاً وأوسمة.
وأذكر في هذا المقام بعض الأمثلة:-
1 – قام كل من الرائد / طارق فؤاد والرائد/ معتصم أحمد والرقيب / عبد الناصر صالح وآخرون ، بتعذيب مواطن كان محبوساً احتياطياً في سجن الفيوم بطريقة وحشية حتى لقي مصرعه من هول التعذيب، وتم تقديمهم للمحاكمة التي عاملتهم بالرأفة فقضت بسجن كل منهم لمدة خمس سنوات رغم أن العقوبة المقررة لجريمتهم هي الأشغال الشاقة المؤبدة، وانقل لكم من حيثيات حكم محكمة جنايات الفيوم نصاً للطريقة التي قتل بها هذا المواطن: " أوثقوه بحبل من القماش وأوسعوه ضرباً بعصاً وسير من الجلد وقاموا بكيه في مواضع مختلفة من جسمه بلفافات تبغ مشتعلة وأسياخ من الحديد المُحَمّى في النار، فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، كذلك فان المتهم الأول أيضاً: هتك عرض المجني عليه بالقوة بأن أولج عصا في دبره على النحو الوارد بالتحقيق".
ورغم هذا التعذيب الوحشي وتلك الميتة البشعة، ورغم هذا الحكم المخفف، فقد أصدر الدكتاتور المدعو "محمد حسني مبارك" القرار الجمهوري رقم 32 لسنة 1994 في فبراير 1994 بالعفو عن الضابطين وضابط الصف، وهكذا لم ينفذوا العقوبة المحكوم بها عليهم وعادوا لممارسة عملهم في وزارة الداخلية وكأن شيئاً لم يكن!!
2 – قام المقدم/ حسن إبراهيم السوهاجي بتعذيب مواطن بطريقة بشعة حتى لقي حتفه بين يديه، وأثناء مثوله أمام المحكمة قام الدكتاتور/ مبارك في 25 يناير 1994 بمنحه نوط الامتياز من الطبقة الثانية تكريماً له لتعذيبه أحد أبناء الشعب حتى الموت ، وذلك في إشارة صريحة للمحكمة بان النظام يحميه وقد فهمت المحكمة الإشارة فاكتفت بمعاقبة الضابط بالحبس لمدة سنة، نفذ منها ستة أشهر فقط قضاها معززاً مكرماً في أكاديمية الشرطة وليس في السجن ثم أُخلي سبيله ليعود لممارسة عمله في مباحث القاهرة (تم منح الضابط نوط الامتياز بقرار رئيس الجمهورية رقم 11 الصادر في 20 يناير 1994).
وسأكتفي مرة أخرى حرصاً على وقتكم الثمين بهاتين الحالتين الفاضحتين الصارختين اللتين يبدو فيهما تدخل الدكتاتور مبارك بصورة شخصية وسافرة لتشجيع عمليات قتل وتعذيب أبناء الشعب الذي يفترض أن هذا الدكتاتور يرعى مصالحه ويحافظ على حقوق أبنائهِ ، وأود أن أسترعي انتباهكم إلى أن هذين القرارين المشار إليهما آنفا قد صدرا خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما (من 20 يناير 94 إلى 5 فبراير ) مما يكشف عن معدل إصدار مثل تلك القرارات وعن معدل قتل أبناء الشعب تحت وطأة التعذيب.
وأجدني أتساءل إذا كان هذا هو مسلك مبارك الشخصي فهل يبقى لدى منصف أدنى قدر من الشك في أن التعذيب والقتل هما السياسة الرسمية المعتمدة من نظام الحكم القائم في مصر وان الدكتاتور مبارك يتدخل شخصياً ومباشرة بتنفيذ تلك السياسة وانه مسئول بصفة شخصية عليها؟! وهل يبقى لدى عاقل أدنى قدر من شك في أن مبارك هو ألد أعداء مصر وشعبها، وان بلادنا قد نكبت بحكمه كل نكبة، وان تخليص شعبنا منه ومن نظامه الفاسد هو واجب على كل مصري بل وعلى كل من ينتمي لبني الإنسان ولو لم يكن مصرياً، إن أبسط قواعد العدالة تأبى أن يفلت "مبارك" بجرائمه التي عرضت عليكم جانباً بسيطاً منها ومن أدلة ثبوتها، داعياً كل المهتمين بحقوق الإنسان والمعنيين بقضايا الديمقراطية إلى التضامن معي في مسعاي لتقديم الدكتاتور مبارك للمحاكمة الجنائية أمام القضاء البلجيكي، وأود أنهي إلى علمكم إني قد بدأت بالفعل بعض الاتصالات مع نفر من كبار المحامين في بلجيكا لبحث مدى إمكانية تقديم مبارك للمحاكمة الجنائية لارتكابه جرائم خطيرة ضد شعب مصر تشكل انتهاكاً سافراً لأبسط قواعد حقوق الإنسان، وأتعشم أن يبادر من يملك منكم أدلة يمكن أن تدين المذكور إلى تقديمها إلى الأخوة بالمرصد الإسلامي خاصة ما يتعلق بحالات الاعتقال والتعذيب.
الجمع الكريم: أن مبارك يعلم علم اليقين أن شعب مصر يرفضه ويلفظ نظامه الفاسد، لذلك فهو يعتمد القمع والإرهاب والحيلة والخديعة أدوات للاستمرار في السلطة والبقاء في الحكم، لهذا فلا عجب أن فرض حالة الطوارئ منذ اليوم الأول لحكمه التعيس وعلى مدار عشرين عاماً حتى يومنا هذا، وليس غريباً أن زج بعشرات الآلاف من أبناء الشعب في السجون والمعتقلات لسنوات طويلة دون ذنب أو جريرة ، وليس بمستغرب أن عمد إلى تزوير الانتخابات والتلاعب في نتائجها حتى بلغ الأمر في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة حد التعدي بالضرب على الناخبين بل وإطلاق النار عليهم في بعض الحالات لمنعهم من دخول اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم ، ولا يمكن أن يقلع مبارك عن سياسته القمعية تلك لأن بقاءه في السلطة مرتبط بها لذلك فسوف تبقى انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ما بقي مبارك حاكماً لها، فإزاحة هذا الطاغية عن السلطة هي السبيل الوحيد لإنقاذ شعبنا وضمان أمن أبنائهِ وأود أن أوجه عنايتكم في هذا المقام إلى ما يلي:-
أولاً : إن مبارك يعتمد في حكمه على سياسة "فرق تسد" ،فيسعى إلى إثارة الفرقة بين المسلمين والأقباط والإبقاء على حالة من التوتر والاحتقان في العلاقة بين الطرفين، كما يسعى إلى الإيقاع بين فصائل المعارضة المختلفة وتغذية خلافاتها، مما يوجب على فصائل المعارضة أن تجمع صفوفها وتوحد كلمتها فالقتل والتعذيب ونهب أموال الشعب هو أمر ترفضه جميع الرسالات السماوية وتأباهُ كل الفلسفات والنظم الوضعية، ثم إن ما حاق بمصر من خراب اقتصادي وما لحق أهلها من عوز وفقر في ظل حكم مبارك لم يقتصر على أتباع دين دون آخر أو فريق سياسي دون غيره، وإنما عم الضرر الجميع مسلمين وأقباط يمين ويسار.
ثانياً: أن مبارك يعمد إلى ابتزاز الغرب ودفعه إلى دعم نظامه من خلال إثارة فزع الولايات المتحدة وأوروبا من خطر إسلامي مزعوم، وتسهم بعض فصائل المعارضة المصرية في خدمة أهداف مبارك من خلال بعض دعاوى الغلو والتطرف، مما يستوجب الحرص على التأكيد دائماً على حقيقة أن الإسلام هو دين السلم والأمن، وانه يحرص على التعايش والتعاون مع كل الديانات الأخرى ويكن لها الاحترام.
ثالثاً: يسعى النظام الحاكم المصري إلى استعداء الدول التي تستضيف بعض فصائل المعارضة المصرية في الخارج على تلك الفصائل، في محاولة خبيثة لصرف انتباه المعارضة في الخارج عن قضايا الوطن الحقيقية وجرها لخلافات فرعية مع الدول الديمقراطية التي تستضيفها، مما يتطلب الانتباه لتلك المحاولات الخبيثة.
ختاماً: أتمنى لكل المشاركين في هذا المؤتمر التوفيق والسداد وان يلتئم هذا الجمع الكريم في أقرب فرصة في القاهرة بعد تحريرها.. وإن غداً لناظره قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العقيد الدكتور/ محمد الغنام
مدير إدارة البحوث القانونية بوزارة الداخلية المصرية سابقاً - حالياً : لاجئ سياسي بسويسرا

(الجزائر تايمز)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.