للناجحين في الباكالوريا: كلّ ما تريد معرفته عن الاكاديمية العسكرية بفندق الجديد    تأجيل النظر في قضية بوغلاب الى هذا الموعد.. #خبر_عاجل    يوفّر مواطن شغل في تونس والخارج: إطلاق اختصاص جديد في التكوين المهني.. #خبر_عاجل    تكلُفة 'التبحيرة'' للعائلة التونسية    مونديال كرة اليد تحت 21 عاما - كاس الرئيس : المنتخب التونسي يفوز على نظيره البحريني 39-27    نسب النجاح في الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025: تفاوت جهوي لافت وتفوّق لبعض المعاهد النموذجية    السياحة البديلة: خيار إستراتيجي مكمّل للسياحة    عاجل/ العراق: شركات نفط كبرى تُجلي عددا من موظفيها    نابل: نفوق الأسماك بشاطئ سليمان راجع إلى ظاهرة الطحالب المزدهرة ونقص الأكسيجين في مياه البحر    القصرين: المصادقة على مقترحات مشاريع المخطط التنموي بسبيطلة للفترة 2026-2030    تونس تترأس المركز الإقليمي لمكافحة الأمراض والوقاية منها بشمال إفريقيا    عاجل : كوريا الشمالية تخرج عن صمتها و تصدر هذا البلاغ التحذيري    في تحذير رسمي : مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا تدلي بهذه التصريحات    لاعبات التنس المحترفات: أنس جابر تتقدم إلى المركز ال59 عالميا    معين الشعباني يقود نهضة بركان المغربي الى نهائي كأس العرش    تعرف على أول حارس عربي يحصد أول جائزة في كأس العالم للأندية    مباراة إنتر ميامي ضد بالميراس فى كأس العالم للأندية...التوقيت    منتجات تونس البيولوجية تغزو 38 دولة: زيت الزيتون في الصدارة    إيران تتعهّد بردّ قوى على الهجمات الأميركية    طبيبة تونسية تحذّر من التعرّي في الشواطئ: خطر صيفي حقيقي يهدّد صحتنا وصحة صغارنا!    تحذير للتوانسة: هواء بيتك ملوّث أكثر من الشارع ب5 مرات بسبب ''الكليماتيزور''    الصهد يبدّل المزاج؟ الحرارة العالية تنفع وتضر نفسيتك... هذا إلي لازم تعرفوا!    من "لعنة الفراعنة" إلى علاج السرطان.. اكتشاف مذهل في فطر قاتل    بوتين خلال استقباله عراقجي: العدوان المستفز ضد إيران لا يستند إلى أي مبررات أو أعذار    صفاقس: 100 % نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في بكالوريا 2025    7 سنوات سجنا لوالد عنّف ابنه الرضيع وتسبّب له في إصابة خطيرة    الوكالة التونسية للتكوين المهني تفتح باب التسجيل عن بعد لدورة خريف 2025    في العيد العالمي للموسيقى: الأوركستراالسيمفوني التونسي يقدّم روائع الموسيقى الكلاسيكية    جبال الظاهر: وجهة سياحية أصيلة تنبض بالسكينة والتراث    بقلم مرشد السماوي…بعد أن توزعت ظاهرة مجموعات الغناء بالمنازل و الجمعيات في جل المدن الكبرى جل روادها من كبار السن هل أصبحنا في مجتمعنا نعيش فراغ أسري و عاطفي مريب ؟    مول 35 مشروعا/ ناجي غندري: بنك الأمان يعمل على تشجيع الشركات للانخراط في مجال الإنتقال الطاقي..    3 سيناريوهات لحرب إيران وإسرائيل بعد القصف الأميركي..تعرف عليها..    في علاقة بملف فسفاط قفصة:أحكام سجنيةوخطايا مالية للطفي علي ومن معه    الجولة القارية البرونزية لألعاب القوى : رحاب الظاهري تحرز ذهبية 3000 متر موانع    كوفنتري تتسلم المفتاح الذهبي كرئيسة جديدة للجنة الأولمبية الدولية    موجات صواريخ إيرانية جديدة تضرب إسرائيل    تونس: نحو مراجعة برنامج شعبة الرياضيات    مهرجان تيميمون الدولي للفيلم القصير بالجزائر يفتح باب الترشح للمشاركة في دورته الأولى    بعد ما نجحت في ''باكالوريا ''2025 ...احسب سكورك بهذه الخطوات    عاجل - تونس : صدمة بالأرقام: الإناث يتصدرن حالات الغش في البكالوريا!    في سابقة في إفريقيا: 733 عملية مجانية في مجال صحة العيون في يوم واحد بتونس    تونس تدين الاعتداءات الصهيونية على ايران ، وتدعو الى ايقاف العدوان    عاجل/ إسرائيل تُعلن قصف 6 مطارات إيرانية..    طقس اليوم: قليل السحب والحرارة تتراوح بين 30 و39 درجة    النجم الساحلي: موعد استئناف التمارين    في مهرجان الفيلم العربي بالدار البيضاء: محمد مراد يُتوّج عن دوره في فيلم «جاد»    عانت من ضعف التمويل وسوء التسيير .. هل تتجاوز المهرجانات الصيفية مشاكلها؟    عاجل : فوضى في الأجواء الخليجية... وتأثير مباشر على المسافرين التونسيين    تونس صدرت منتوجات بيولوجية بنحو 420 مليون دينار الى موفى ماي 2025    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف (وزارة التجارة)    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صبغة خاصة :الجزء 1 الصفحة الأخيرة
نشر في الحوار نت يوم 18 - 07 - 2010

كان لابد من هذا الكم الهائل من القهر، لتنجح عصبة الفساد في بلد الزيتونة في غرس نبتتها الخبيثة ، التي سمتها شجرة الآفات الثلاث : فامْ ، فِيستِفَال، فوتبول ، كبديل ثقافي لملىء الفراغ عند تجفيف ينابيع الزيتونة ، وحتى تتحول بقدرة ساحر ، وبالتوازي مع القهر ، إلى بلد السِّينات الثلاث : ساكس ، سابْل ، سولايْ ، تلك هي الحقيقة ، إذ لم يغفر لهذا البلد ، أن كان ذات فصل من التاريخ منارة للحوض الغربي للمتوسط كله ، و الهَمَ كل من درس فيه ،مقاومة المستعمر حتى ادغال افريقيا ...
تواطأ أحرار العالم ، ان يكون العاشر من شهر ديسمبر(كانون الاول) ،مناسبة للوقوف على الاوضاع المزرية للخليقة ، في انحدارها الرهيب ، في اشقى قرن عرفه الإنسان على الإطلاق ...اخترنا هذا اليوم ، للاعلان عن اضراب مفتوح ، لخصنا مطالبنا الكثيرة ، في ثلاث كبرى ، التجميع (ان يفصلونا عن سجناء الحق العام بعد ان ارهقونا بالصراعات الجانبية) ، والتقريب (يحق للسجين حسب القانون الداخلي للسجون ان يكون في اقرب سجن لذويه)، والمساواة في المعاملة كبقية السجناء ...
كنا نمثل عشرة للمائة من مجموع السجناء الستة آلاف ...سجن التاسع من أفريل ، ممتد جدا ، له اجنحة لا تعد ، لكن المشكلة انها مفصولة بحيطان عالية تحجب كل جناح عما جاوره ، بطريقة ما استطعنا التواصل ، كانت الحيطان و (الصبابة) ، تفرض علينا الحفر في الصخر لإيجاد الحلول ... إنه الجو المثالي لازدهار العمل السرّي ، حيث على المرء ان يعيش بأربعة أرواح ، ويفتح اربعة أعين ، وفي النهاية تنتهي البلاد إلى كلٍّ متربص بكل... في هذا اليوم ، كانت العنابر في الساعة العاشرة صباحا تقيء خبزا ، هكذا وبشكل مباغت للكل ، و في الساعة الصفر ، يُخرج مجموعات الصبغة الخاصة ، من كل الغرف ، ما مجموعه الفين و اربعمائة خبزة ، بما لا يحتاج معه لشرح الموقف ...كانت صدمة اكبر إدارة لسجن في البلاد ، هائلة ...
مفاجأة الإضراب جعلتهم يضطربون ، ليس هناك أيّ علم مسبق ، ولو إشارة عابرة عن هذا الذي يحدث ... نطق عون ما بما يشبه الحقيقة : إذا رايت احد جماعة الانتماء يعطس ملتفتا إلى اي شباك في السجن ، فاعلم ان لعطسته مدلولا... هذه المرة ، لم يتدخلوا ، راهنوا على الوقت ، كي تخور عزائمنا ... فتح ظافر قوسا في كلامه قائلا : عندما تكون مضربا عن الطعام ، واقصد به الإضراب العادي ، حيث تشرب الماء وتأكل شيئا من السكر ،حتى لا تنهار كُلْيتاك ، وعند إخواننا في فلسطين ، ماء و ملح ، اما الإضراب الوحشيّ ، فهو أن تنقطع نهائيا عن الاكل والشرب و معه يمكن ان تعيش ثلاثة اسابيع لتفارق الحياة .أقول وانت مضرب عن الطعام ، يغمرك إحساس بصداقة عزرائيل ، تمد له يدك باستعطاف لينقذك من هذا العالم ، تنظر إلى صديقك يذوي امامك ،يشحب ،يبتسم كالشهيد ، ينخرك الجوع ، رائحة الصُّبَّة التي كنت تعافها تصبح اشهى من رائحة الشواء ...معدتك تضغط عليك ، تفلسف لك الإستسلام ،تبرر لك الهزيمة ... بعد مده يصبح الماء مرا ،السكر مرا في ريقك ، تعافه ،تود ألا ترى سكرا في حياتك ...إن اردت الوقوف تشعر بدوخة ودوران في الرأس ، تزفر ، روحك لا تحتمل جسمك الخاوي ...جلدك يصفر ، الصور في الذهن تتلاشى ، تصبح بعيدة بعيدة... حلمك يصبح شفافا ، نورانيا .. شحمك يذوب رويدا رويدا ، عظامك تصبح في متناول العد والتمحيص.... تقترب من الموت ، تشاهده ، هناك ، امامك ، ليس بعيدا ...ملك الموت يبتسم لك في صفرة ، يمد يده نحوك ... قد يهيأ لك أنه يناديك : تعال....
أنت في نظر السجناء العاديين لغز ما يكاد ينفك منه طلسم ، حتى يتعقد من جديد ... خلال الإضراب ، يتحاشوْك ... يصمتون كمن يصاحب جنازة ... يتمنون ان يكونوا مثلك ، ان يفهموك... مضت الاسابيع جنائزية ، البعض منا تعب ، انهار جسده ، لكن روحه في كبرياء .. تريد أن تشرق إلى ربها ، أتعبها الدنس الأرضي ، تتطلع إلى عالم النور الجميل ... هناك ، حيث البهاء العظيم ، والصفاء المطلق ، والنعيم المقيم ... المعادلة تتجه نحو الزهد ، والكره العميق لحياة الذل المقيت ... الموت يصبح امنية حلوة ، لكنها بعيدة المنال ... في هذه الأثناء تراجع نفسك ، هل من شيء يستحق الحياة ؟ لكي تكتشفت صورة الدنيا عليك ان تمشي عكس التيار ، ان تخرج من الطابور ... ان ترى الصورة بشكل معاكس ... لم يفلح الوقت في فت ارادتنا ... كانت روح التحدي تفرض على الرجال عدم الإنحناء او التراجع ... وفي الأدنى كان الشعور بالكرامة و الإباء يمنع الكثيرين من الإنهيار ... حتى جاء الفرج ... طلبوا من كل الغرف انتخاب ممثلين عنهم ، ليفاوضوا الإدارة في مطالبهم ، وهكذا تشكلت لجان ، ليقابلوا المدير .. هذه المرة فهموا ان السؤال عن كيفية التنسيق هو عبث ما وراءه طائل... دخلوا في الموضوع مباشرة ... ماذا تريدون ...
قُوَّتُك عندما تكون في أرضك ، في وطنك ، وإن كنت منزوع المواطنة ، انك تقف على أرض صلبة ، عندما تتكلم ، فبملئ شدقيك ...هناك قوة ما للكلمة ، يشعر بها الطاغية ، فيخنس ... كنا نتكلم و هم مطرقون ...عندما تتوفر لك فرصة للحوار ، فإنك منتصر بحجتك إن كان لك حجة ... مشكلتنا كانت و لا تزال ، مع من يرفض أن يعترف بنا و يحاورنا... افضت هذه المفاوضات ، عن حل الإضراب ، وتحسين الوضعية بشكل جذري ، لكن دون السقف المرفوع ... اصبحنا احرارا في إطار السجن ، منذ ذلك اليوم ،كانت شعرة معاوية هي الإساس في معاملتنا معهم ، لكن لم يجرؤوا بعدها على ان يحاولوا معنا ما فعلوه قديما ، فكلما عادوا عدنا.. .

انتهى الجزء الأول بعون الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.