"الظلم ظلمات": هكذا علّق العجبوني على الأحكام النهائية في قضية التآمر..    عاجل/ جامعة البنوك تلوّح باضراب عام ثان    حادثة تكسير وتخريب المترو رقم 5: نقل تونس تكشف عن تطورات جديدة..#خبر_عاجل    الغرفة القطاعية للطاقة الفولطاضوئية و"كوناكت" ترفضان إسقاط الفصل 47 من مشروع قانون المالية 2026    بينها متحوّر من كورونا: هذه الفيروسات المنتشرة في تونس حاليا..#خبر_عاجل    8 عادات صباحية خطر صامت ترفع مستوى الكوليسترول الضار لديك    برلمان: مشروع قانون المالية لسنة 2026 في نسخته المعدلة    كفاش تربح برشا فلوس من التيك توك ؟    منتخب إيران يقاطع قرعة كأس العالم 2026    عاجل: القنوات الناقلة مجانًا لكأس العرب وهذه الترددات    هام: كل ما يجب معرفته عن رُزنامة التقوم الفلاحي التونسي    سوسة: تيك توكوز وراء القضبان...أربعة أشهر سجناً لمحتوى خادش للحياء!    صدمة ولحظة رُعب: امرأة تتحرك داخل تابوتها قبل الحرق    كأس العرب قطر 2025: منافسات قوية وطموحات كبيرة في نسخة بطابع مونديالي    مدنين: امضاء 27 اتفاقية تكوين لتوفير يد عاملة مختصة في الصناعات الحرفية    الدورة الثانية من تظاهرة "هيا نحكيو ماكلة...زيتنا في دقيقنا " من 28 الى 30 نوفمبر 2025 بدار الاصرم بمدينة تونس    أيام قرطاج المسرحية 2025: المخرج العراقي سنان العزاوي يكسر "جدار" العنف المسكوت عنه ويكشف حكايات نساء خلف الأبواب الموصدة    معرض تشكيلي في مقر المنظمة العالمية للتجارة بجنيف دعما للفنانين التونسيين وللمنتوجات الفنية الإبداعية    سليانة: تقدم موسم جني الزيتون بنسبة 15 بالمائة    بطولة الرابطة الثانية: تعيينات حكّام مباريات الجولة الحادية عشرة    بطولة إفريقيا للكرة الحديدية الحرة موريتانيا: المنتخب الوطني التونسي ثلاثي يحقق هذه النتائج    المجموعة الموسيقية لجمعية مالوف تونس باريس صفاقس ...في انتظار المنستير وباريس    جندوبة: استعدادات للتوقي من مخاطر التغييرات المناخية وتاثيرات موجة البرد    الخارجية السورية: الهجوم الإسرائيلي على بيت جن "جريمة حرب"    بوتين يتوجه إلى الهند مطلع ديسمبر القادم    مباراة تتحول إلى معركة وتنتهي ب17 بطاقة حمراء    ارتفاع عدد ضحايا حريق الأبراج السكنية في هونغ كونغ إلى 128    تعرضت للابتزاز والتهديد ثم عثر عليها ميتة: الكشف عن تفاصيل جديد حول وفاة اعلامية معروفة..#خبر_عاجل    عاجل/ منظمة العفو الدولية تفجرها وتكشف: الإبادة في غزة مستمرة وجرائم الاحتلال لم تتوقف..    كأس العرب (قطر 2025): بعثة المنتخب التونسي تحطّ الرحال في الدوحة    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة استثنائية..    هدنة جوية وجيزة قبل عودة التقلبات: استراحة لا تدوم طويلاً    حجز 5000 قرص مخدّر كانت موجّهة للترويج داخل الوسط المدرسي وللشبان    سعيّد يُكلّف وزير الخارجية بتوجيه احتجاج شديد اللهجة إلى ممثّلة دولة أجنبية..#خبر_عاجل    خلال اجتماعه بوزير الشؤون الاجتماعية: سعيد يوصي بتوجيه مساعدات عاجلة الى عدد من المناطق (فيديو)    مصري يقتل عروسه قبل زفافهما    الغاز اللي يقتل في صمت في دارك وما تحسّش بيه....شوف التفاصيل    الأجندة الجبائية لشهر ديسمبر 2025: خمسة مواعيد أساسية لخلاص الالتزامات الضريبية    الجمعة: تواصل الأجواء الشتوية    نهاية معاناة عقود؟ لقاح جديد يوقف أخطر أشكال الضنك بنسبة 92%    ترامب يكشف عن خطط لطرد الصوماليين ويسخر من إلهان عمر    عاجل: جثة متآكلة غامضة لمرتدي ملابس غواص بشاطئ راس انجلة    والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون    بورتريه ...وفاء الطبوبي لبؤة المسرح العربي    خطبة الجمعة .. إنما المؤمنون إخوة ...    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    القيروان إفتتاح الدورة 5 الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية و البصرية بدور الثقافة    عاجل: هذا هو برنامج كأس العرب 2025: كل المباريات والأوقات    سنويّا: تسجيل 3000 إصابة بسرطان الرئة في تونس    هذا السبت: التوانسة يتوقّفون عن الشراء!    وزارة النقل: اقرار خطة تشاركية تمكن من الانطلاق الفعلي في مزيد تنشيط المطارات الداخلية    الجمهور يتأثر: الإعلامية المصرية هبة الزياد رحلت عن عالمنا    البنك المركزي يعزّز شراكته مع البنك الإفريقي للتصدير والتوريد من أجل فتح آفاق تعاون أوسع داخل إفريقيا    تهديد إعلامية مصرية قبل وفاتها.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها    سوسة: ندوة اقليمية حول آفاق تصدير زيت الزيتون    الخميس:تواصل انخفاض الحرارة مع تساقط الثلوج بهذه الجهات    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صبغة خاصة :الجزء 1 الصفحة الأخيرة
نشر في الحوار نت يوم 18 - 07 - 2010

كان لابد من هذا الكم الهائل من القهر، لتنجح عصبة الفساد في بلد الزيتونة في غرس نبتتها الخبيثة ، التي سمتها شجرة الآفات الثلاث : فامْ ، فِيستِفَال، فوتبول ، كبديل ثقافي لملىء الفراغ عند تجفيف ينابيع الزيتونة ، وحتى تتحول بقدرة ساحر ، وبالتوازي مع القهر ، إلى بلد السِّينات الثلاث : ساكس ، سابْل ، سولايْ ، تلك هي الحقيقة ، إذ لم يغفر لهذا البلد ، أن كان ذات فصل من التاريخ منارة للحوض الغربي للمتوسط كله ، و الهَمَ كل من درس فيه ،مقاومة المستعمر حتى ادغال افريقيا ...
تواطأ أحرار العالم ، ان يكون العاشر من شهر ديسمبر(كانون الاول) ،مناسبة للوقوف على الاوضاع المزرية للخليقة ، في انحدارها الرهيب ، في اشقى قرن عرفه الإنسان على الإطلاق ...اخترنا هذا اليوم ، للاعلان عن اضراب مفتوح ، لخصنا مطالبنا الكثيرة ، في ثلاث كبرى ، التجميع (ان يفصلونا عن سجناء الحق العام بعد ان ارهقونا بالصراعات الجانبية) ، والتقريب (يحق للسجين حسب القانون الداخلي للسجون ان يكون في اقرب سجن لذويه)، والمساواة في المعاملة كبقية السجناء ...
كنا نمثل عشرة للمائة من مجموع السجناء الستة آلاف ...سجن التاسع من أفريل ، ممتد جدا ، له اجنحة لا تعد ، لكن المشكلة انها مفصولة بحيطان عالية تحجب كل جناح عما جاوره ، بطريقة ما استطعنا التواصل ، كانت الحيطان و (الصبابة) ، تفرض علينا الحفر في الصخر لإيجاد الحلول ... إنه الجو المثالي لازدهار العمل السرّي ، حيث على المرء ان يعيش بأربعة أرواح ، ويفتح اربعة أعين ، وفي النهاية تنتهي البلاد إلى كلٍّ متربص بكل... في هذا اليوم ، كانت العنابر في الساعة العاشرة صباحا تقيء خبزا ، هكذا وبشكل مباغت للكل ، و في الساعة الصفر ، يُخرج مجموعات الصبغة الخاصة ، من كل الغرف ، ما مجموعه الفين و اربعمائة خبزة ، بما لا يحتاج معه لشرح الموقف ...كانت صدمة اكبر إدارة لسجن في البلاد ، هائلة ...
مفاجأة الإضراب جعلتهم يضطربون ، ليس هناك أيّ علم مسبق ، ولو إشارة عابرة عن هذا الذي يحدث ... نطق عون ما بما يشبه الحقيقة : إذا رايت احد جماعة الانتماء يعطس ملتفتا إلى اي شباك في السجن ، فاعلم ان لعطسته مدلولا... هذه المرة ، لم يتدخلوا ، راهنوا على الوقت ، كي تخور عزائمنا ... فتح ظافر قوسا في كلامه قائلا : عندما تكون مضربا عن الطعام ، واقصد به الإضراب العادي ، حيث تشرب الماء وتأكل شيئا من السكر ،حتى لا تنهار كُلْيتاك ، وعند إخواننا في فلسطين ، ماء و ملح ، اما الإضراب الوحشيّ ، فهو أن تنقطع نهائيا عن الاكل والشرب و معه يمكن ان تعيش ثلاثة اسابيع لتفارق الحياة .أقول وانت مضرب عن الطعام ، يغمرك إحساس بصداقة عزرائيل ، تمد له يدك باستعطاف لينقذك من هذا العالم ، تنظر إلى صديقك يذوي امامك ،يشحب ،يبتسم كالشهيد ، ينخرك الجوع ، رائحة الصُّبَّة التي كنت تعافها تصبح اشهى من رائحة الشواء ...معدتك تضغط عليك ، تفلسف لك الإستسلام ،تبرر لك الهزيمة ... بعد مده يصبح الماء مرا ،السكر مرا في ريقك ، تعافه ،تود ألا ترى سكرا في حياتك ...إن اردت الوقوف تشعر بدوخة ودوران في الرأس ، تزفر ، روحك لا تحتمل جسمك الخاوي ...جلدك يصفر ، الصور في الذهن تتلاشى ، تصبح بعيدة بعيدة... حلمك يصبح شفافا ، نورانيا .. شحمك يذوب رويدا رويدا ، عظامك تصبح في متناول العد والتمحيص.... تقترب من الموت ، تشاهده ، هناك ، امامك ، ليس بعيدا ...ملك الموت يبتسم لك في صفرة ، يمد يده نحوك ... قد يهيأ لك أنه يناديك : تعال....
أنت في نظر السجناء العاديين لغز ما يكاد ينفك منه طلسم ، حتى يتعقد من جديد ... خلال الإضراب ، يتحاشوْك ... يصمتون كمن يصاحب جنازة ... يتمنون ان يكونوا مثلك ، ان يفهموك... مضت الاسابيع جنائزية ، البعض منا تعب ، انهار جسده ، لكن روحه في كبرياء .. تريد أن تشرق إلى ربها ، أتعبها الدنس الأرضي ، تتطلع إلى عالم النور الجميل ... هناك ، حيث البهاء العظيم ، والصفاء المطلق ، والنعيم المقيم ... المعادلة تتجه نحو الزهد ، والكره العميق لحياة الذل المقيت ... الموت يصبح امنية حلوة ، لكنها بعيدة المنال ... في هذه الأثناء تراجع نفسك ، هل من شيء يستحق الحياة ؟ لكي تكتشفت صورة الدنيا عليك ان تمشي عكس التيار ، ان تخرج من الطابور ... ان ترى الصورة بشكل معاكس ... لم يفلح الوقت في فت ارادتنا ... كانت روح التحدي تفرض على الرجال عدم الإنحناء او التراجع ... وفي الأدنى كان الشعور بالكرامة و الإباء يمنع الكثيرين من الإنهيار ... حتى جاء الفرج ... طلبوا من كل الغرف انتخاب ممثلين عنهم ، ليفاوضوا الإدارة في مطالبهم ، وهكذا تشكلت لجان ، ليقابلوا المدير .. هذه المرة فهموا ان السؤال عن كيفية التنسيق هو عبث ما وراءه طائل... دخلوا في الموضوع مباشرة ... ماذا تريدون ...
قُوَّتُك عندما تكون في أرضك ، في وطنك ، وإن كنت منزوع المواطنة ، انك تقف على أرض صلبة ، عندما تتكلم ، فبملئ شدقيك ...هناك قوة ما للكلمة ، يشعر بها الطاغية ، فيخنس ... كنا نتكلم و هم مطرقون ...عندما تتوفر لك فرصة للحوار ، فإنك منتصر بحجتك إن كان لك حجة ... مشكلتنا كانت و لا تزال ، مع من يرفض أن يعترف بنا و يحاورنا... افضت هذه المفاوضات ، عن حل الإضراب ، وتحسين الوضعية بشكل جذري ، لكن دون السقف المرفوع ... اصبحنا احرارا في إطار السجن ، منذ ذلك اليوم ،كانت شعرة معاوية هي الإساس في معاملتنا معهم ، لكن لم يجرؤوا بعدها على ان يحاولوا معنا ما فعلوه قديما ، فكلما عادوا عدنا.. .

انتهى الجزء الأول بعون الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.