فقيهات تطلبن تولي الفتيا لنساء مصر للحد من فوضى الفتاوى في الفضائيات، والمتشددون يؤكدون مخالفته للشرع. تسعى فقيهات مصر لاتخاذ دور رسمي في المؤسسة الدينية، والعمل مفتيات نسائيات استناداّ على أن الإفتاء لا يشترط الذكورة، وذلك بعد أن أصبحن واقعاّ لا يمكن تجاهله، أو رفضه في المجتمع. وطلبن تولي مهمة الإفتاء النسائي بجانب مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، الذي يضم الفقهاء والباحثين واللجان الشرعية المتخصصة، وكذلك دار الإفتاء، خاصة أنه لا تعارض في الإفتاء بين المجمع والدار. واستندت الفقيهات على أن الشرع لا يحرم الفتيا على النساء ، وأن لديهن المعرفة بمصادر التشريع الإسلامي الأربعة (الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع)، ودراسة وافية بتعاليم الدين، كما لديهن القدرة على تحري الدقة، ومعرفة الأحكام الشرعية، والوصل بين مصادر التشريع من قرآن وسنة نبوية، وبين الواقع المتغير، بالإضافة إلى تمتعهن بواسع الصبر والفكر. وانطلقت حملتهن في بداية عام 2003 عندما سطع نجمهن في القنوات الفضائية التي خصصت برامج متعددة لإفتاء المشاهدين خاصة الفتيات والنساء، حيث طالبت سعاد صالح أستاذة الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر بتعيين المرأة مفتية للنساء فقط، إلا أن طلبها لم يحظ بقبول الجهات المسؤولة عن تعيين المفتي في مصر. وجددت أمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر رغبة الفقيهات مع حلول شهر رمضان الكريم، وطالبت الدولة بتعيين امرأة متخصصة في مجال الفقه كمساعد مفتٍ في كل محافظة من محافظات مصر للرد على القضايا، والأسئلة النسائية والأسرية. وتشهد القنوات الفضائية، خاصة الدينية منها فوضى الفتاوى، وللحد منها ينبغي تعيين مساعد مفتٍ تكون على درجة كبيرة من العلم، والمسؤولية، والنضج لتعتني بقضايا المرأة والإفتاء، ولا تزاحم المفتي الرئيسي أسوة بتركيا، بحسب تصريحات الدكتورة آمنة لقناة المحور الفضائية. وصحت توقعات أستاذة العقيدة والفلسفة في عدم الموافقة على طلبها، ورفض المجتمع لاقتراحها، حيث عارض بعض علماء الدين تعيين المرأة رسمياّ في الإفتاء، خاصة أصحاب الفكر المتشدد الذين يؤكدون "أن الفتوى يختص بها الرجل دون المرأة لأن المفتي يؤم المصليين، وهو لا يجوز للمرأة". وقال الشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر "إن اقتراح تعيين المرأة مفتية لا يجوز، ويخالف الشرع، وأن الإفتاء في تركيا لا يجوز تعميمه في الدول الإسلامية بصفة عامة، وفي مصر بصفة خاصة لأنها دولة علمانية لها ظروفها، والمرأة المحجبة فيها تقابل بنوع من الريبة، والشك". وأيد علماء عرب مطلب الفقيهات المصريات، بل تجاوزه؛ إذ أجاز د. أحمد الحداد مفتي دبي للمرأة الإفتاء لأن الدين الإسلامي لا يعارض ذلك. وقال الحداد "إن الإفتاء يحث النساء على الجد والاجتهاد في طلب العلم، حتى يفدن المجتمعات بالعلم الشرعي، خاصة العنصر النسائي الذي يحتاج للتبصير بأمور الدين". وأجاز الشيخ عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية إمكانية دخول المرأة في عضوية هيئة كبار العلماء، والمشاركة في الفتوى باعتبار أنها مثل الرجل في التكاليف والواجبات الشرعية، حيث قال لجريدة "الوطن" السعودية "إن المرأة كالرجل لأنها تتمتع بالعقل والتفكير وآلية التحصيل لإيصال المعلومة إلى غيرها وفيما يتعلق بالتكاليف الشرعية فلها حق شراكة الرجل في الإفتاء". وأضاف "في الواقع لا أجد مانعاً شرعياً في أن تكون المرأة عالمة أو مفتية، أو في أي جهاز استشاري علمي له اعتباره، بشرط ألا يترتب على تلك الشراكة أي ضرر للمرأة في حشمتها أو عفافها، وأن تكون في منأى عن الاختلاط الذي هو منبع الشر".