الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا" في برلين    تونس.. زيادة في عدد السياح وعائدات القطاع بنسبة 8 بالمائة    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    توزر: إمضاء اتفاقية بين ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية لتحسين إنتاجية وجودة المنتجات الحيوانية    نقابة الصحفيين تندد بحملة تحريض ضد زهير الجيس بعد استضافته لسهام بن سدرين    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    القيروان: انتشال جثة طفل جازف بالسباحة في بحيرة جبلية    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    أسعار الغذاء تسجّل ارتفاعا عالميا.. #خبر_عاجل    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    النادي الصفاقسي: 7 غيابات في مباراة الترجي    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    عاجل/ في بيان رسمي لبنان تحذر حماس..    عاجل/ سوريا: الغارات الاسرائيلية تطال القصر الرئاسي    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    جندوبة: سكان منطقة التوايتية عبد الجبار يستغيثون    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار صحفي مع القيادي في حزب البديل الحضاري الأستاذ عزالدين علام
نشر في الحوار نت يوم 23 - 08 - 2010

شكلت قضية بليرج محط اهتمام الإعلاميين والسياسيين على السواء, ولتسليط الضوء على أخر تطورات هذا الملف ؛ كان لنا لقاء مع القيادي البارز في البد يل الحضاري الاستاذ والباحث عز الدين العلام حيث تم الحديث على جديد الاحكام الاستئنافية وملف حزب البديل الحضاري والافاق السياسية لهذا الملف.

- بداية نرحب بك ضيفا عزيزا... كيف تلقيتم نبا الأحكام الاستئنافية؟
اسمح لي بداية أن أتقدم بمناسبة شهر رمضان المعظم بكل عبارات التهاني والتبريكات للشعب المغربي قاطبة وللأمة العربية والإسلامية جمعاء ونسأله تعالى أن يجعله شهر عزة وانتصارات على المستكبرين أعداء الأمتين العربية والاسلامية وكل المستضعفين على وجه الأرض وشهر فرج بالنسبة لكل المظلومين،كما أتوجه بالشكر الجزيل لموقعكم ،إدارة وطاقم تحريروعموم العاملين به.
لاأخفيكم إذاقلت لكم أن كل الآمال والتوقعات والانتظارات كانت معلقة على محكمة الدرجة الثانية بتبرئة ساحة أخوينا العزيزين،الأمين العام للحزب السيد المصطفى المعتصم والناطق الرسمي السيد محمد الأمين الركالة،وإطلاق سراحهما ومن معهما من باقي المعتقلين السياسيين الستة،ولا أقول بتوفيرشروط المحاكمة العادلة لباقي أعضاء ما أصبح يعرف بخلية "بليرج"،بل بإطلاق سراحهم هم أيضا لسبب بسيط هو عجزالمحكمة وممثل الادعاء ومن يقف وراء هذا الملف،عن إيجاد أدلة إدانة قاطعة ومنطقية ومنسجمة وغير متناقضة يستطيعون بها إقناع المتتبعين لهذا الملف والرأي العام،رغم مرورسنتين ونيف على تاريخ الاعتقال.
كان الأمل معقودا أن يعانق أخوانا الفاضلان الحرية وألا يعودا إلى زنزانتيهما إلا من أجل جمع أغراضهما في تلك الليلة الظلماء،ليلة النطق بالحكم،لأسباب عديدة منها أن:
-السبب الأول: المكان الطبيعي لرجلين من طينة المعتصم والركالة هو بين أحضان أفراد أسرتيهما ورفاقهما مناضلي ومناضلات الحزب.
-السبب الثاني: جل التسريبات الإعلامية غداة استقبال السيد وزير العدل الحالي لممثلين عن هيأة الدفاع ولزوجات المعتقلين السياسيين الستة أثناء خوض أغلب المعتقلين إضرابا مفتوحا عن الطعام والوعود التي قطعها سيادته على نفسه كانت كلها تبعث على التفاؤل والارتياح بأن هذا الملف سيعرف طريقه إلى الانفراج والحل.
-السبب الثالث: ما أكده لي مسئول حقوقي كبير-رئيس منظمة حقوقية وطنية - من أن بعض المقربين من أصحاب القرار أكدوا له أن العزم كان معقودا على فتح حوار مع المعتقلين السياسيين الخمسة لطي هذا الملف نهائيا،لكنهم فوجئوا بدخولهم في إضراب عن الطعام فأغلقوا بذلك باب الحوار في وجه هذه الجهة.كما أضاف هذا المسؤول الحقوقي قائلا أنه يعتزم زيارتهم في السجن من أجل إقناعهم بوقف الإضراب عن الطعام لإتاحة فرصة لهذا الحوار.
-السبب الرابع: على افتراض صحة ما اتهم به المعتصم والركالة فإن الفترة الزمنية التي وقع فيها ما اتهموا بهتقع قبل التاريخ المرجعي(1999)الذي اعتمدته الدولة رسميا لطي صفحة الماضي وتحقيق الإنصاف والمصالحة،فهل تناقض الدولة نفسها بنفسها وتنقلب على نفسها؟
-السبب الخامس: حالة مشابهة –أثارتها هيأة دفاع السياسيين الستة في محكمة الاستثناف- حكمت فيها محكمة الاستئناف بفاس بالبراءة على متابع ومحكوم ابتدائيا على خلفية الأحداث التي عرفتها مدينة فاس سنة 1990،التعليل الذي عللت به محكمة الاستئناف حكمها أن هذا المتابع مشمول بالعفو العام الذي سبق للراحل الحسن الثاني أن اصدره سنة 1994،والمعروف قانونا أن محاكم المملكة،بل كل محاكم الدنيا حسب علمي المتواضع، لا تعارض وتناقض نفسها في نفس النازلة ما دامت من نفس الدرجة،فكيف احترمت استئنافي فاس التاريخ المرجعي لصدور العفو الشامل ولم يكن ذات الاحترام من استئنافية سلا للتاريخ المرجعي لطي صفحة الماضي؟
مثال آخر على ذلك:قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ببطلان حكم ابتدائي فبرأت مواطنا سبق له أن أدين ابتدائيا ، لأن قضاة الاستئناف تبين لهم أن الحكم الابتدائي سقط منه الاستهلال باسم جلالة الملك .ألم يكن حريا بغرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا-قانونا وعقلا ومنطقا- أن تنحو المنحى ذاته فتحكم ببراءة كل المتابعين في ملف ما أصبح يعرف بخلية "بلعيرج" ، لأن السيد بنشقرون- رئيس المحكمة الابتدائية التي حكمت في نفس الملف- أغفل هو أيضا استهلال الحكم الذي أصدره بالعبارة التي تفتتح بها جلسات المحاكم بالمملكة المغربية وتصدر بها الأحكام وتستهل قراراتها بها.
لكن السيد بنسامي لم يفعل ذلك،رغم أن القانون المغربي ينص صراحة على بطلان الأحكام - كل الأحكام -التي لاتستهل باسم جلالة الملك ، ورغم أن هيأة الدفاع نورت هيأة المحكمة ونبهتها إلى ما وقعت فيه محكمة الدرجة الأولى ، ورغم إدلاء الأستاذ المحامي السيد عبد المالك الزعزاع بقرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء السالف الذكر.
-السبب السادس:التوجه العام بالبلاد،ينبغي أن يكون نحومزيد من لانفتاح ، لاالعكس ، والعمل على رص صفوف الوحدة الوطنية من أجل إنجاح مشاريع تنموية كبرى تم تدشينها ، وحلحلة ملفات أكبروأعقد –ليست بالبساطة التي يعتقدها البعض – ملفات يمكن أن تعصف بوحدة البلاد واستقرارها-لاقدر الله-إن نحن فشلنا في حسن إدارتها وأسندنا أمرها لغيرأهلها، أقصد بذلك ملف مشروع الحكم الذاتي بأقاليمنا الصحراوية وكذا مشروع الجهوية الموسعة بباقي أقاليم المملكة.
لكن وبالرغم من كل ما سبقت الإشارة إليه،كان قرار المحكمة مخيبا للآمال ومخالفا لكل التوقعات ومكذبا لكل الإشارات،نزل علينا –وخصوصا على المعتقلين وعلى ذويهم –
كالصاعقة.

- هل هناك جديد حتى تغيرت الأحكام؟
للجواب على هذا السؤال هناك رؤيتان،أوبالأحرى فلنقل تحليلين:
*أولهما،وهو بالمناسبة متشائم مما وقع،أن تخفيض الحكم من 25سنة ابتدائيا إلى 10سنوات استئنافا يذكرنا ب"السياسة" التي كانت متبعة في العهد الماضي عندما يراد الزيادة في سعر سلعة،أو سلع ما،....

- كيف ذلك ؟
في البداية يتم الإعلان على أن السلعة الفلانية سيزاد فيها مبلغ كذا وكذا(وطبعا لا يكون هذا هوالمبلغ الرسمي للزيادة)وبعد ذلك يتم الإصغاء إلى رد فعل الشارع وإلى المركزيات النقابية،وفي مرحلة ثانية(تقابلها مرحلة الاستئناف بالنسبة لموضوع سؤالكم)ومن أجل امتصاص غضبة الشارع وتفادي انتفاضته، لا تلغى الزيادة وإنما يتم تخفيضها،أحيانا إلى حدود النصف،فيتنفس الناس الصعداء ويرددون مبتهلين مهللين:الحمد لله لقد تم تخفيض ثمن السلعة أو السلع-(أمشفتيش أصاحبي لوكان خلاو الزيادة اللولا...أقول لحمد لله...اباز أصاحبي ما كتحمدوش الله)-وهكذا تنتقل الكرة إلى ملعب الجماهير الشعبية يتقاذفونها في ما بينهم وتنجح الحكومات المتعاقبة في تمرير الزيادة التي تريد والمقررة أصلا.
الحكم الرسمي الذي كان مقررا هو 10 سنوات تم تمريره بالشكل الذي سمعتم وتابعتم،وكما قالت السيدة سكينة قدا –زوجة المعتقل السياسي السيد عبد الحفيظ السريتي- عندما تمت استضافتها على شاشة الجزيرة عقب صدور الأحكام:(ليس المهم هو الأرقام 25 سنة أو 20 سنة أو10سنوات)،فأن يقضي مظلوم بريء....شهرا واحدا خلف القضبان جريمة لايمكن محوها باعتذار،تضييع زهرة شباب الانسان بتغييبه في غيابات "الجب" بدون أدلة ثبوتية على جريرة اقترفها لايمكن جبره وإرجاعه ولو أسسنا لذلك هيأة إنصاف ومصالحة أخرى ثانية وثالثة،ولو عوضناه بمال الدنيا،أن يحرم أطفال صغار،بعضهم لما يتجاوز بعد مرحلة زغب الحواصل،أن يحرموا عنوة من دفئ وحنان...أبيهم ليلة واحدة تلكم لعمري جريمة ضد الطفولة والاغتصاب الحقيقي لها،إضافة إلى الجرح الغائر الذي خلفه في نفس هؤلاء وقلوبهم منظر "البوليس" وهم يقتادون أباهم ربما في أحيان كثيرة مصفد اليدين.
*ثانيهما، نتمنىألا يكون موغلا في التفاؤل،يبدو من خلال مجريات هذا الملف ووقائعه وسياقه،أنه كان هناك كثيرا من التسرع وهذا التسرع اعترته كثير من الأخطاء،تسرع وأخطاء في اعتقال قيادات سياسية،من أبرزها الأستاذين المعتصم والأمين الركالة،قيادات لها كل الضمانات القانونية،أجمع السياسيون والحقوقيون ورجالات القانون وفعاليات المجتمع المدني على نزاهتها وديمقراطيتها ونبذها للعنف...قيادات صدرت في حقها عديد من شهادات الاشادة من عديد من الشخصيات على اختلاف مشاربها الفكرية والمرجعية وطنية ودولية، وليس آخرها ما صدر قبل أيام عن السيد نورالدين عيوش،في حوار له مع جريدة "التجديد" في حق السيد المصطفى المعتصم.تسرع وأخطاء وصلت إلى حد حل حزب البديل الحضاري ضدا على القانون رغم انعدام أية علاقة أو شبهة تربطه بالملف.
هذه الأخطاء أوقعت المسؤولين الذين يقفون وراء هذا الملف في حرج كبيريصعب معه الاعتراف بالخطأ مع الاعتذار،لهذا،في تقديرنا ارتأوا التخلص منه بشكل تدريجي من 25 سنة إلى 10 سنوات إلى حكم مخفف أو البراءة ولم لا في مرحلة النقض والابرام؟هذا إذا لم تكن هناك خطوة ملكية شجاعة –كما عودنا ملك البلاد- استباقية فيتم حل هذا الملف حلا سياسيا،يرد الأمور إلى نصابها ويرفع المظلومية عن المظلومين.
- هل سيذهب الملف إلى المرحلة الأخيرة من التقاضي: المجلس الأعلى؟
كما هو معلوم القانون حدد 10أيام كأجل منذ صدور الحكم للطعن فيه باللجوء إلى المجلس الأعلى،وذلك ما تم فعلا،فلقد قام السادة النقباء والأساتذة المحامون المحترمون مشكورين بالتخابر مع موكليهم وتقدموا بالطعن داخل الأجل المشار إليه.
- أين وصل ملف حل الحزب البديل الحضاري؟
يجدر التذكير مرة أخرى على أن الطعن في المرسوم،سيء الذكر،الصادر عن الوزير الأول عباس الفاسي بتاريخ 19/02/2008والرامي،بكل تعسف وشطط في استعمال السلطة،إلى حل حزب البديل الحضاري،قد تم الطعن فيه داخل الأجل الذي حدده القانون المنظم للأحزاب بواسطة هيأة الدفاع ممثلة في السيد النقيب الأستاذ الكبير عبد الرحيم الجامعي،كان ذلك في أواسط أبريل 2008،ولحد الساعة لم يبث في الموضوع رغم مرورأزيد من سنتين على تاريخ التقدم بالطعن.طبعا هذا الأمرمستغرب وغيرمستصاغ.
الخلل في ذلك راجع في تقديرنا إلى سببين رئيسيين هما:
*تدخل السلطة التنفيذية في القضاء- حتى لا نقول:في "السلطة القضائية"، لأنه لم يتم التنصيص دستوريا لحد الآن على أن القضاء سلطة مستقلة عن باقي السلط - حيث أنه ثبت لدينا وجود مراسلة من السيد الوزير الأول الحالي بواسطة الممثل القانوني للحكومة يطلب فيها من رئيس المجلس الأعلى للقضاء- السابق- عدم تعيين الجلسة المتعلقة بالطعن الذي تقدم به حزب البديل الحضاري،وهذاالتدخل السافرلاينتقص فقط من مصداقية السلطة التنفيذية وبالأخص من شخص الوزيرالأول،بغض النظر عن الألقاب والأسماء،وإنما ينتقص أيضا،و بدرجة أكبر، من هيبة القضاء ومن استقلاليته ومصداقيته... حينما يخضع لتدخل من هذا النوع،وهو"السلطة" التي ينبغي ومن المفترض أن تكون فوق باقي السلط الأخرى.
ولايفوتنا أن نسجل امتعاضنا من استمرارمفعول تدخل واعتراض السلطة التنفيذية هذا رغم استبدال رئيس المجلس الأعلى بآخروهو السيد مصطفى فارس الذي تم اختياره من طرف جلالة الملك لنزاهته واستقامته واستقلاليته وعدم رضوخه لأي تدخل من أي كان منذ أن كان وكيلا عاما للملك بالدار البيضاء.
*تقصير في التشريع،فالمشرع في الوقت الذي حدد60 يوما كأجل للجهة المتضررة (الحزب) للتقدم بالطعن ترك الباب مشرعا أمام المؤسسة القضائية ولم يلزمها بأي أجل محدد،وهذه ثغرة كبيرة،وقد تكون هناك ثغرات أخرى،في قانون الأحزاب،نستغل هذه المناسبة ونناشد من خلال منبركم هذا،جميع الأحزاب المتواجدة في البرلمان،وخصوصا تلك التي تتوفر على فريق برلماني من أجل التقدم للبرلمان باقتراح للمصادقة على "نص تعديلي"يعدل بموجبه قانون الأحزاب سواء لتدارك الثغرة التي أشرنا إليها آنفا أو غيرها مما يكون قد اعترى القانون من ثغرات أخرى.حتى لايبقى هذا القانون بتعلاته سيفا مسلطا على رقاب الأحزاب الوطنية،كل الأحزاب الوطنية،لأن ما أصاب البديل الحضاري من ظلم باستعمال هذا القانون أداة لذلك، يمكن أن يصيب حزبا آخر إذا اقتضت "ضرورة" إعادة ترتيب المشهد السياسي،ترتيبا رئيسا، مرة أخرى في يوم من الأيام.
وفي ختام الحديث عن هذه النقطة دعني أصرح لك،وأنا لاأذيع بذلك سرا،أننا ومنذ طعنا في هذا القرار الجائر ونحن نتصرف بشكل عادي كما لو أن الحزب لازال قائما إلى أن يقول القضاء كلمته،والكرة الآن ليست في مرمانا،ونحن متأكدون أن القضاء سينصفنا.
مسألة أخرى لابد من التذكير بها:لقد سبق للعاهل المغربي الراحل المرحوم الحسن الثاني،أن أكد في أحد خطاباته أنه في حالة تقدمت أية جهة بطلب إلى أية مؤسسة أو إدارة،ولم تتم الاستجابة لطلبها في أجل أقصاه شهر-إن لم تخني الذاكرة-فعلى هذه الجهة أن تتصرف كما لو أن الاستجابة قد تمت.
وأنت تعرف – سيدي- ما للخطب الملكية السامية من إلزامية ،فهي لا ترقى فعلا إلى مستوى الظهائر الملكية ولكنها في جميع الأحوال أعلى شأنا ومكانة من المراسيم أو القرارات الوزارية.وحسب علمي لم يصدر في الخطب الملكية اللاحقة إلى اليوم ما يلغي ما أقره الراحل الحسن الثاني في خطبته تلك.

- الكثير من الباحثين تحدثوا عن اقتراب التوصل إلى حل لهذا الملف السياسي فماذا تقولون انتم؟
كنا نحن أيضا مع هذا التحليل والتوجه،خصوصا مع الإشارات المتعددة الصادرة من هنا وهناك،من أبرزها الوعود التي قدمها السيد وزير العدل الأستاذ الناصري،ولكن بعد المرافعة التي تقدم بها ممثل الادعاء،والتي كال فيها التهم يمينا وشمالا،رغم أنها كانت كلها ادعاءات ،لاأقول تنقصها،ولكن أقول خالية مما يعززها من الأدلة،وبعد أن سارت محكمة الدرجة الثانية على نفس ما سارت عليه المحكمة الابتدائية،كرفض الاستجابة لجل طلبات الدفاع الجوهرية والوجيهة ورفض تمكين المتقاضين من شروط المحاكمة العادلة،وبكلمة وكما جاء في تقريرالمنظمة الحقوقية الدولية "هيومان رايت ووتش"،(أن محكمة الاستئناف لم تعالج العيوب الإجرائية(المخالفات المسطرية) التي شابت الملف والتي صادرت حق المدعى عليهم في محاكمة عادلة في المحكة الابتدائية).
بعد كل هذا بدأت هذه القناعات تتغيروهذه الآمال تضعف،حتى لا أقول تتبخر،لأنه دائما هناك أمل،والمؤمن لا يقنط من روح الله،فما دام هناك إيمان بقدرالله وأن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك،كنا دائما نقول بأننا اخترنا طريق ذات الشوكة،كنا على يقين أن ضريبة النضال من أجل إحقاق ديمقراطية حقيقية في هذا البلد ستكون غالية،كنا على يقين أن رفع الصوت عاليا من أجل تأسيس جبهة لمناهضة الفساد والإفساد والفاسدين والمفسدين والعمل على فضح هؤلاء طريق ذلك لن تكون مفروشة بالورود،أن تتميز عن سائر الأحزاب وترفع في حملتك الانتخابية شعار"باراكا"/كفى ليس بالسهل....فعلنا كل ذلك وغيره، لاعن سذاجة وإنما عن وعي،فعلناه ونحن واعون أنه لازالت هناك،لاأقول جيوب،وإنما قلاع من الحرس القديم تقاوم أي-ليس تغييرا- وإنما فقط محاولة التغيير،بل مجرد التفكير في التغيير نحو الأفضل في هذا البلد.
والله يا أخي لو سمعت مجموعة من الشباب من مختلف جهات المملكة،التقيت بهم أثناء المسيرة التي نظمت مؤخرا بالرباط،يقولون بلسان واحد:إن أحسن هدية نقدمها لأخوينا المعتصم والأمين هي أننا نعاهد الله ونعاهدهم ألا ننخرط في أية تجربة أخرى ولو قدم لنا أصحابها ما قدموا من الإغراءات فلن نرضى عن البديل بديلا،لازددت حماسا وتمسكا بتجربة خرجت هكذا مناضلين.
أتدري ماذا تذكرت حينما قرأت ما قاله الأخ الأمين العام للحزب في كلمته الأخيرة والتي منع من إلقائها بمحكمة الاستئناف،حين قال:لم أجد من ملجأ سوى الله،وحين استشهد ببيتين شعريين رائعين للشهيد هاشم الرفاعي:
يهزني ألمي فأنشد راحتي *** في بضع آيات من القرآن
قد عشت أومن بالاله ولم أذق *** إلا أخيرا لذة الإيمان
تذكرت نبي الله يونس-عليه السلام- حين قال وهو في بطن الحوت:"سبحانك الإله إلا أنت إني كنت من الظالمين"،هل يصدق عاقل أن يكون نبي من أنبياء الله حين كان في قريته بين قومه ظالما؟؟، الظلم الوحيد الذي ارتكبه –عليه السلام- أنه كان مشغولا بأمور الدعوة،دعوة قومه إلى توحيد الله وعبادته،ولم يترك له ذلك الانشغال يوما ما وقتا ليذكر الله في خلوة كما هو حاله حين أصبح في بطن الحوت متفرغا لذكر الله.
(فعجبا لأمر المؤمن أمره كله خير،إن أصابه خير اطمأن به وإن أصابه شر احتسبه عند الله فكان خيرا له)،أو كما قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام
فما أصابنا وأصاب أخوينا خاصة،هو فرصة للتفرغ بعض الوقت للقيام بقريب وببعض - لأنه مهما فعلنا فلن نصل إلى مستوى الأنبياء- مما قام به نبي الله يونس(عليه السلام) وهو في بطن الحوت،كما أنه أيضا فرصة للمراجعة ونقد الذات،كما أنه فصل خريف لتنثر فيه شجرة البديل أوراقها التي ذبلت على الثرى،أو بتعبير المناضل الكبير المعتصم:(محطة أولى توقف فيها القطارلينزل منه بعض الركاب ممن أعياهم طول السفر)،أوأقول: ربما ركبوا في هذا القطار خطأ.
وفي الختام ،وكما جاء في سؤالكم،إن هذا الملف لن تكون خاتمته ونهايته إلا بما كان به مبتداه،وكما قلت في حوار آخر،غالب ظني أنه كان مع منبركم الموقر هذ،اعتقال السياسيين الستة وحل حزب البديل الحضاري لم يكن إلا بقرار سياسي،كان أملنا أن يكون الحل قضائيا،ولكن ما دام القضاء في مرحلة الاستئناف أخطأ موعده مع التاريخ،كما كان الحال مع القضاء الابتدائي،لذا فنهايته السعيدة والمنصفة لن تكون أيضا إلا بقرار سياسي آخر أقوى من القرار الأول.
اجرى الحوار الصحفي نورالدين علوش-المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.