في رحاب كتاب "مدارج السالكين" للإمام بن القيم رحمه الله تعالى بقلم أحمد بوعشرين الأنصاري الحلقة الثانية عشرة حول التوبة حقائقها، علاماتها، لطائفها
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأصلي وأسلم على الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، وبعد فإني أتقدم إليكم بهذه الكلمات /النفحات من قلب كتاب مدارج السالكين للعلامة الشيخ ابن القيم رحمة الله عليه راجيا من الله أن تنفعنا جميعا هذه الكلمات وان نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. عن حقائق التوبة النصوح للتوبة النصوح كما عرضنا شروطها في الحلقة الماضية حقائق، تؤكد على أنها توبة غير مغشوشة وصحيحة، وهذه الحقائق أجملها الإمام ابن القيم في ثلاثة أشياء: تعظيم المعصية مهما صغرت أولها تعظيم الجناية لأن الاستهانة بالذنب مهما صغر أو كبر، يشجع على إتيانه مرة أخرى، فرب صغيرة عند صاحبها هي كبيرة إذا حقرها، فأهلكته ورب كبيرة عند صاحبها هي صغيرة، إذا ما تقطع قلبه ندما على فعلها، فغفرها الله له وكانت منجية له من الهلاك، وذاك مغزى تحذير رسول الله عليه الصلاة والسلام لنا من تحقير الذنوب مهما صغرت فقال عليه الصلاة والسلام :(إياكم و محقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء ذا بعود ، و جاء ذا بعود ، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم ، و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) صحيح الجامع للشيخ الألباني رحمه الله عن سهل بن سعد الساعدي. اتهام التوبة مهما صدقت ثاني هذه الحقائق اتهام التوبة فالمؤمن التائب يتهم توبته فيخاف أن لا يكون قد وفاها حقها ولا يطمئن من نفسه بأنه قد تاب لأن ذلك مدعاة له لكي يكون دوما يدين نفسه ولا يمنيها الأماني ف( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله) كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث حسنه الترمذي عن شداد بن أوس. الغيرة لله عند مخالفة أوامره سبحانه ثم ثالث هذه الحقائق التي ذكرها ابن القيم هي الغيرة لله والغضب له ، لأن التائب من الذنب يعتقد جازما أن لا عذر لأحد في معصية الله، ولا يعتذر عن المذنبين بحجة القدر فالله تعالى لا يعذر مذنبا لأنه-أي العبد- متمكن من الفعل والترك، "ولو كان له عذر كما قال ابن القيم، لما استحق العقوبة واللوم، لا في الدنيا ولا في العقبى، ومن ادعى أن ذنبه كان قدرا مقدورا عليه لم يستطع دفعه فهو ظالم جاهل، ولولا جهله وظلمه لعلم أن بلاءه من نفسه ومصابه منها، وأنها أولى بكل ذم وظلم، وأنها مأوى كل سوء" انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.، في الحلقة المقبلة بحول الله التوبة النصوح ولطائفها وعلاماتها