يلتئم اليوم المجلس التشريعي الجديد المنتخب في 26 أكتوبر الماضي ليبدأ عملا شاقا ومضنيا للسنوات الخمس القادمة وسنراقب عمله عن كثب دون كلل أو ملل وسيحاسبه الشعب أولا بأول ولن يكون المجلس الجديد محصّنا من النقد وسنعامله تماما كما عاملنا المجلس التأسيسي, كل على قدر عمله. وتذكروا أيها النواب الجدد أنكم تنوبون عن شعب لا عن أحزاب وإن كنتم ''جُددا'' فإن هذا الشعب قديم وعريق وضارب في التاريخ ولن تعوزه الحيلة لمعارضتكم إن عملتم ضد هذا الوطن ولكم أن تسألوا سلفكم غير الصالح من نواب التأسيسي. وإنها لمفارقة أو سخرية من القدر أن تنعقد الجلسة الأولى في فترة نعيد فيها إنتاج الألم بسبب ما أصاب أهالينا في سليانة عندما قذفهم بوليس علي لعريّض بالرّش ومازالوا يعانون إلى يوم الناس هذا دون أن تنصفهم العدالة ودون أن يلتفت إليهم نواب التأسيسي الذين عجزوا عن محاسبة حمادي الجبالي وحكومته. وكعديد الحوادث الأخرى التي وقف المجلس التأسيسي حيالها عاجزا بفعل الضغط الحزبي الضيق ستبقى أحداث الرش وصمة عار على جبين نواب الشعب وهم يتفرجون على جزء من الشعب يُرمى بالرش فقط لأنه طالب بالتنمية. تذكروا نوابنا الجدد وأنت في طريقكم هذا الصباح إلى مقر مجلسكم الموقر أنكم ستعبرون ساحة باردو.. هذه الساحة التي شهدت أهم بطولات وإنجازات هذا الشعب الأبي, هذه الساحة التي نام فيها شبابنا في العراء دون أن تنام إرادته, هذه الساحة التي التهبت فيها الحناجر في عز قيظ أوسّو محتجة على تخاذل المجلس التأسيسي, هذه الساحة المقدسة زُلزلت تحت أقدام حراير تونس والتي انتفض فيها النواب الشرفاء ضد زملائهم من غير الشرفاء فكونوا أنتم شرفاء هذا المجلس كي تخلّدكم الساحة كما خلدت كل شريف أبيّ. أيها النواب الجدد, إن مجلسكم هذا معطّر سلفا بروح زميلكم الشهيد محمد البراهمي الذي جلس في نفس القاعة التي فيها تجلسون ولطالما ارتفع صوته بالحق, فلترتفع أياديكم بالابتهال والترحم على روحه الطاهرة وعلى أرواح كل شهداء هذا الوطن.