انعقد يوم 8 جانفي الجاري مؤتمر نقابة موظفي وأعوان وزارة الشؤون الخارجية "ببهو" وزارة الشؤون الخارجية. وفي محاولة للبحث في أسباب الاختيار على "البهو" ليحتضن هذا الاجتماع الهام تبين لنا أنه ربما يحمل أبعادا رمزية سياسية وحضارية ذات مغزى عميق، إذ انه يضع الحدث في سياق اللحظات الكبرى للتأسيس في تاريخ الأمة الإسلامية أسوة بما شهده اجتماع "سقيفة بني ساعدة" الذي احتضن أولى إرهاصات التأسيس لدولة الخلافة. ولعلنا في نفس هذا السياق نذكر بأنه في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ارتفعت بعض أصوات المسلمين لتصف نتائج اجتماع السقيفة (الذي شهد مبايعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أول خليفة للمسلمين) بأنه "فلتة وقى الله شرها" ونحن نأمل أن يقينا الله شر النتائج التي تمخض عنها مؤتمر "البهو" من مخاطر بث الفتنة والانقسام والتشرذم. هذا الأمل يعكس تخوفات حقيقية كان مبعثها الرئيسي الضبابية والشبهات التي حامت حول مسار الإعداد وعقد المؤتمر. إن المسارات الخاطئة لا تفضي إلا لنتائج خاطئة بل لعلها تفتح المجال لكثير من التشكيك وفقدان الثقة وتشتت الجهود إن كانت هناك ثقة في الأصل، والأدلة كثيرة على أن المؤتمر أعد على قياس أشخاص ولم يكن محصلة لتقييم حقيقي عميق أو استجابة لنقاشات جادة تستوعب الدروس وتستعد جديا لاستحقاقات المرحلة القادمة الحبلى بالرهانات. عديدة هي الأسئلة التي رافقت الإعداد السيئ لمؤتمر النقابة الأساسية أهمها: - لماذا غلب المسؤولون على إعداد المؤتمر خيار تثبيت الأشخاص على ضرورات التوافق حول البرامج والرؤى والاستراتيجيات خدمة لمصالح أبناء الوزارة؟ - لماذا لم يسبق المؤتمر أي اجتماع بالقواعد ولا نقاشات حول حصاد المرحلة السابقة وسبل تطوير العمل النقابي بالوزارة ضمانا لنجاعة التحرك ولتواصل الالتفاف الواسع حول الهيكل النقابي؟ - كانت عديد الأصوات تلح على ضرورة إدخال تعديلات على القانون الأساسي أو على التنظيم الهيكلي لقطع الطريق أمام كل محاولة لتوظيف الهيكل النقابي لفائدة مصالح شخصية وضيقة ولكن غياب النقاش الصريح قبل المؤتمر حال دون ذلك. وفي هذا الإطار كانت هناك رغبة في اقتراح بند في القانون الأساسي ينص على أن يلتزم كافة أعضاء المكتب النقابي بالعمل لمدة فترة نيابية كاملة (لمدة سنتين) دون انقطاع لأي سبب حتى ولو في إطار التعيين بالخارج وذلك منعا لكل محاولات ابتزاز أعضاء المكتب وتوفيرا لظروف العمل بعيدا عن ضغوطات التعيين بالخارج. - لماذا لم تنشر معلومات تفصيلية عن مجريات المؤتمر في صفحة النقابة على "الفايس بوك" نذكر بالخصوص التقريرين الأدبي والمالي وتفاصيل عن عدد المترشحين والتصويت وعدد الحاضرين وعدد الأصوات المصرح بها تدعيما لشفافية المؤتمر وضمانا لحقوق كافة منخرطي النقابة المتواجدين بالخارج في الاطلاع على تفاصيل المؤتمر في انتظار أن يمنحوا حق التصويت مستقبلا؟ - لماذا لم يتم إلى حد اليوم تنظيم اجتماع بالقواعد النقابية (ليس بالبهو هذه المرة) لتقديم أعضاء المكتب وفتح النقاش حول المطالب وتحديد الأولويات وضبط استراتيجيات التحرك؟ نحن مقتنعون اليوم بأنه بالرغم من كل هذه الثغرات التنظيمية والقانونية والتجاوزات التي كان الهدف منها وضع اليد على الهيكل النقابي لأغراض لا يعلمها إلا الله فإن أبناء الوزارة حريصون على أن يوظف هذا الهيكل مستقبلا في النضال الجاد والملتزم بالقضايا الملحة لأبناء الوزارة بكافة شرائحهم، ومصرون على أن نشرع في أقرب الآجال في ضبط مطالبنا وتحديد أولوياتنا والعمل الجاد على تحقيقها. وندعو أعضاء المكتب الجديد للتعامل بمسؤولية مع مطالب أبناء الوزارة في مزيد انفتاح المكتب النقابي على مختلف الآراء وتوسيع دائرة المشاركة درءا لتفاقم التشتت واستفحال النفور من العمل النقابي وربما تفادي أن تؤول الأمور إلى الانقسام النهائي الخطير على مستقبل الأوضاع بالوزارة. كما أننا في هذا الإطار ندعو المركزية النقابية لمزيد تفهم خصوصية العمل النقابي بوزارة الشؤون الخارجية التي تضم عددا هاما من المنخرطين يباشرون عملهم بالخارج يدفعون معلوم انخراطاتهم ويحرصون على متابعة أنشطته ولا بد من التفكير الجدي في كيفية مشاركتهم في انتخاب هيئاتهم التمثيلية والتفكير في إحداث تعديلات هيكلية تتلاءم وظروف العمل وخصوصيات الهيكلة الإدارية لوزارة الشؤون الخارجية. الإمضاء