تحتفل تونس اليوم الخميس 13 أوت 2020 بعيد المرأة التونسية ،وهو احتفال بذكرى تبني مجلة الأحوال الشخصية قوانين للأسرة تحوي تغيرات جوهرية من أهمها منع تعدد الزوجات وسحب القوامة من الرجل وجعل الطلاق بيد المحكمة عوضاً عن الرجل وكان ذلك يوم 13 أوت 1956، أي في سنة استقلال تونس. واحتلت المرأة التونسية العديد من المراكز الهامة والمتقدمة في جلّ القطاعات السياسية والاقتصادية.. والكثير من النساء تركن بصمات في تاريخ تونس وعلامات لا تنسى في مسار النضال النسائي ولعلّ أهمهن الراحلة مية الجريبي ايقونة النضال التونسي التي عارضت بن علي وعرفت بمواقفها الصلبة في مواجهة الاستبداد. مية الجريبي ناضلت بداية في صفوف الحركة الطلابية أواخر سبعينيات القرن الماضي قبل أن تنخرط في العمل الحزبي، وذلك بمشاركتها في تأسيس "حزب التجمع الاشتراكي التقدمي" الذي غير اسمه فيما بعد إلى "الحزب الديمقراطي التقدمي" ثم إلى "الحزب الجمهوري"، وأسست بالاشتراك مع أحمد نجيب الشابي حزب التجمع الاشتراكي التقدمي في العام 1983، والذي أعيد تسميته لاحقاً إلى الحزب الديمقراطي التقدمي ، وفي ديسمبر 2006 وقع انتخاب مية الجريبي كأمينة عامة للحزب خلفاً لمؤسسه أحمد نجيب الشابي، وكانت بذلك أول امرأة تتولى المسؤولية الأولى في حزب سياسي تونسي . وكانت الجريبي من بين قلائل ممن تصدوا بشجاعة لقمع نظام الرئيس السابق بن علي في واحدة من أحلك فترات القمع ضد المعارضة، حيث دخلت الجريبي مع السياسي أحمد نجيب الشابي في إضراب عن الطعام في أكتوبر 2007 احتجاجا على قرار السلطات مصادرة مقره. وبعد الثورة ، في سنة 2011، قادت الجريبي الحزب للحصول على 15 مقعداً في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي 2011، وواصلت العمل السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي ،وفي سنة 2012 غير الحزب اسمه إلى الحزب الجمهوري بعد دخوله في ائتلاف مع أحزاب أخرى من بين القوى الوسطية الديمقراطية. بيد أنه عرف انتكاسة في انتخابات عام 2014 إذ لم يفز الحزب سوى بمقعد واحد، وتزامن ذلك مع متاعب صحية عرفتها مية الجريبي ما أدى إلى ابتعادها عن النشاط السياسي. وعرفت الجريبي، التي تركت بصمات قوية في صياغة دستور حداثي لتونس بعد الثورة، بمواقفها القوية الداعمة للحريات ولحقوق المرأة ولمبدأ التناصف وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وهو ما أقره دستور تونس الجديد في انتخابات 2014، وبشكل خاص في الانتخابات البلدية لسنة 2018. وغادرت مية السياسية والحقوقية التقدمية ، تونس، بعد أكثر من 3 عقود من العمل السياسي الملتزم الذي انطلق منذ دراستها الجامعية بدءا من سنة 1979، فهي أيقونة النضال في تونس وأيقونة ثورتها، وتم في الذكرى الثانية لرحيها (ماي 2020) اطلاق "راديو مية" وبث افلام وثائقية عن الثورة أرّخت نشاط مية السياسي. واليوم تكرّم الجريدة في عيد المرأة التونسية"أيقونة النضال السياسي" في لمحة عن مسيرتها النضالية والتذكير بمية التي لا تموت ، وإن غيبّها الموت فتاريخها ونضالها لا ينسى ولا يموت.